صبحي موسى: مقدمة بن خلدون وأعمال أمل دنقل لا تفارق مكتبتي (حوار)
صبحي موسى أحد الوجوه البارزة في المشهد الثقافى المصري، فهو الشاعروالروائي والكاتب الصحفي، قدم العديد من الأعمال الروائية منها “الموريسكى الأخير”، “أساطيررجل الثلاثاء”، “حمامة بيضاء” وغيرها، ومن الأعمال الشعرية “يرفرف بجانبها وحده”، “قصائد الغرف المغلقة “، “لهذا أرحل”، “في وداع المحبة" ،و حصل مؤخرا على جائزة نجيب محفوظ في الرواية العربية عن روايته “نقطة نظام” مناصفة مع الروائي والكاتب الصحفي إبراهيم عيسى. عن اهم الكتب والكتاب الذين يقراء لهم ، عن الفجوة بين الإبداع والنقد، وكتب الرعب ، وكتاب الفلورز، والسينما يحدثنا في الحوار التالي:
ما أهم الكتب التي لا تفارق مكتبتك؟
مقدمة ابن خلدون، الأعمال الكاملة لأمل دنقل، رواية "المسيح يصلب من جديد" لنيكوس كازانتزاكيس، رواية " تاريخ حصار لشبونة" لخوسيه ساراماجو، كتاب "فجر الضمير" لهنري برستد.
أهم خمس اعمال روائية وشعرية وقصصية ترجع إليها من وقت لآخر؟
احتاج دائماً أن أرجع إلى الأعمال الكاملة لكل من "قسطنطين كفافيس" و"يانيس ريتسوس" بترجمة رفعت سلام، وأعمال "سعدي يوسف"، وإلى "ألف ليلة وليلة"، وملحمة "الحرافيش" لنجيب محفوظ، وأعمال الطيب صالح، وروايتي مالك حداد (سأهبك غزالة ، ليس على رصيف الأزهار من يجب)، ومسرحية "مسافر ليل" لصلاح عبد الصبور.
من هو كاتبك الروائي المفضل من جيل الشباب ، ومن جيل الكبار ومن الراحلين ؟
أفضل في الشباب كتابات كثيرين، من بينهم ياسمين ماجدي وشريف عبد المجيد وحمدي أبو جليل وأشرف الخمايسي وسمر نور، وآخرين، وفي ومن بين من أفضلهم في جيل الكبار:محمد المخزنجي والمنسي قنديل وسلوي بكر، من بين الراحلين: فتحي غانم ويوسف إدريس محمد ناجي، وغيرهم.
ماذا عن قراءتك في أدب الرعب الحديث ؟
لا أقرأ أدب الرعب، ربما ابنتي تفعل ذلك.
ماذا عن الإهداء المفضل لك ؟
إلى الصديق فلان الفلاني خالص التحية والتقدير
كيف تختار الكتاب الذي تقرأه؟
ليس هناك قانون محدد، أحيانا تفرض على الرواية التي أكتبها قراءة نوعا معينا من الكتب، وأحيانا أقرأ بحكم العادة للأصدقاء والزملاء في الكتابة، وأحيانا أقرأ ما هو متاح، فلو ذهبت إلى صديق ووجدت لديه كتبا مهمة فإنني أستعيرها، وغالبا أنساها عندي إلا إذا ذكرني، وأحيانا يدفعني الملل لقراءة أعمال بسيطة، يحدث ذلك عندما أكون خارجا من مشروع مجهد، فلا تكون لدي رغبة في أي شيء، وكي أستعيد قدرتي على القراءة من جديد فإنني أفضل عملا بسيطا يدفعني للدخول في حالة القراءة من جديد.
متى تلجا إلى قراءة البي دي اف ؟
أصبحت ألجأ إليها هذه الأيام كثيراً، العمل في الروايات التاريخية أو التي تحتاج إلى بحث يحتاج إلى العديد من الكتب، والكتب أصبحت أسعارها فلكية، حتى أنني أكاد أقول أنني لم أعد أشتري كتبا، لذا ألجأ إلى النت، حيث البي دي اف، الذي يوفر المراجع العربية والمترجمة، بعض الأصدقاء أيضا يرسل لي كتبه بي دي اف فأقرأها، لكن الكتاب الورقي مازالت له أهميته لدي.
هل تستهويك الكتب الصوتية؟ ولماذا؟
أول مرة تعرفت فيه على الكتب الصوتية عام 2010، حين نشر لي د. صبري حافظ رواية "أساطير رجل الثلاثاء" في مجلة كلمة، وبها خاصية القارئ الإلكتروني، كنت سعيدا بسماع النص من صوت ليس صوتي، انصت لمدة ساعة كاملة، لكنني لم أستطع أن أكمل، وحاولت فعل ذلك مع كتب أخرى فيما بعد، لكنني فوجئت أنني لا أستطيع التركيز معها، والصوت الآلي لا يعطيني القدرة على تصور الأحداث كما أريد، لذا مازالت أفضل القراءة.
هل النشر أصبح للكتاب "ذوي الفولورز ورأيك في ذلك؟
غالبا ما يحدث ذلك الآن، تعاملت مع دور نشر كبيرة، لا تهتم بكونك كاتبا كبيرا أو صغيرا، لا تهتم بقوة النص أو ضعفه، ينظرون فقط إلى صفحتك على الفيس ليعرفوا عدد متابعيك، وكم اللايكات التي تحصل عليها، وعدد التعليقات التي تأتي على بوستاتك، للأسف ما يحدث الآن هو حالة انتحار للأدب، وفكرة الربح والتجارة أصبحت لا أخلاقية في اللعبة، وزاد الأمر سوءا مع اختراع الطباعة الديجيتال، فالناشر يطبع على قدر الطلب، ويقيم حفل توقيع كي تدعو أصحابك ومتابعيك ليشتروا العمل، ولا يبحث عن طرق جديدة للتوزيع، فقط ينتظر المعارض كي يطبع عددا من النسخ يضعه على الرف.
لو قدر وحرقت مكتبتك ماهي الكتب التي ستحاول النجاة بها غير كتبك ؟
لا أعتقد بأنني سأعرض نفسي للنار بسبب الكتب، بما فيها كتبي، لأن كل الكتب أصبحت متاحة على النت، وأنا نفسي يكون الكتب لدي في مكتبتي وأفشل في العثور عليه، فأبحث عنه على النت، فالكتب مكدسة واخراجها يحتاج إلى جهد عظيم.
هل هناك فجوة بين النقد والإبداع أم ان المبدعين يصدرون تلك العبارة كمظلومية لعدم الالتفات لأعمالهم ؟
النقاد مساكين، أكثر بؤسا من الكتاب أنفسهم، تصور أن الناقد يشتري كتب الآخرين ليقرأها، ثم يترك بيته وأولاده ويذهب ليناقشها، وغالبا ما يكتب عنها في مواقع وجرائد ومجلات لا تدفع، لذا أن أشفق دائما على النقاد، ولا أقول أن النقد غير قادر على المتابعة، ولكني أقول شكرا لكل من قرر أن يحترف النقد، فالناقد قد يكون أستاذا في الجامعة، أو مدرسا في مدرسة، أو موظفا في مصنع أو شركة، ولديه التزاماته في هذا العمل، ولديه أيضا أولاده في بيته، وعليه أن يوفر لهم دخلا يكفيهم، كل هذا ونتهمه بالتقصير، ولا توجد جهة تدعم هذا الناقد بأي وسيلة، حتى الكتب شتريها على نفقته الخاصة، ووزارة الثقافة لا علاقة لها بأي شيء، فقط تدعيهم بالمجان في مؤتمراتها، لذا كان الله في عون الناقد، فلم يعد يمثل سلطة على الكاتب ولا النص، ولم يعد الكتاب يعتدون بالنقاد كثيرا، فهم ينقدون أعمال بعضهم بعضاً، يناقشونها في الندوات، ولا يحتاجون الناقد في شيء، لذا فالنقد مهنة في خطر النقد مهنة في خطر، وعلينا أن ندعمها لا أن نتهمها بالتقصير.
من هو الناقد الذي تثق في ترشيحاته وكتاباته النقدية ولماذا؟
للأسف لم يعد لدينا هذا الدور، قديما كانت كل جريدة بها زاوية لناقد كبير يكتب فيها عن شاب أو عمل جديد، الآن لم تعد توجد صفحات ثقافية، وإن وجدت فستجد متابعات صحفية، وكثيرا ما يكتبها الكتاب أنفسهم، ويرسلونها للجريدة أو الجرائد، فتجد نفس المادة في مختلف المواقع ولكن بعشرات الأسماء، لذا فقد ولى زمن صناع الرأي العام، وليس لدينا من يمكن القول أننا ننتظر زاويته أو عموده أو مقاله، ورغم ذلك فهناك متابعات مهمة يكتبها نقاد شباب مثل ممدوح فراج النابي وعادل ضرغام ومحمد عبد الباسط عيد وأحمد الصغير وغيرهم، وفي الأخير يمكنني القول أن مقالات مقالات الدكتور محمد أبو الغار في المصري اليوم تعجبني، ومقالات مصطفى عبيد في الوفد، وتحقيقات خيري حسن.
ما رأيك فيما يسمي بالأدب الرقمي، وهل قرأت أعمال أدبية رقمية؟
حتى الآن لا أستطيع وضع تعريف واضح لفكرة الأدب الرقمي، البعض يتحدث عن الكتابة التي بالكمبيوتر ولا تقرأ إلا عن طريق الكمبيوتر، والبعض يتوسع ليجعل النص يجمع بين أكثر من وسيط، مثل الكتابة والفيديو والتسجيل والصورة، كل هذا في نص واحد على الشاشة، ويكتبه أكثر من شخص في وقت واحد، والحوارات يكون لها فترة زمنية للرد. أما الشكل الأول فكل الكتابات الآن يمكن طباعتها، ومن ثم فمن الصعب اعتباره تعريفا جازما، وحين ظهر هذا التعريف كان في بداية الألفية، واستفاد منه الكاتب الأردني محمد سناجلة وروج لنفسه على أنه أول كاتب عربي يكتب نص رقمي، وأتصور أن هناك العديد من الكتابات التي ينطبق عليها هذا المصطلح بدقة، وهي الكتابات التي نقرأها على الفيس، فنحن نكتبها على الهاتف، ونقرأها على الهاتف، ونعلق عليها من على الهاتف أو التاب أو الكمبيوتر، ولا نفكر مطلقا في طباعتها، وهناك محاولة قامت بها هيئة الكتاب في عمل سلسلة خاصة لهذا النوع من الكتابة على الفيس، وأعتقد ان الفكرة لم تلق النجاح، لأن طبيعة هذه الكتابة حين تخرج من هذا الفضاء تفقد قيمتها، ولأن الكتاب المطبوع يحتاج إلى ثقل أكثر في الصياغة والفكرة... لذا يمكنني القول أن كتابات الفيس هي أكثر ما ينطبق عليه مصطلح الأدب الرقمي، وهو نوع جديد ومهم ومعبر عن حالة كاتبه.
هل يقرأ اقربائك واصدقائك المقربين خارج الوسط الثقافي ما تكتبه ؟
أقاربي يحبون أن يقتنوا كتبي بالمجان طبعاً، أما عن الشراء فهم مكتفون بوجود شخصي بينهم، ولا أعتقد أن أحدا منهم قرأ ما أقتناه، أحيانا أصدقائي يفعلون ذلك، فكلما كانت العلاقة قريبة يكتفون بقربي منهم، ولا يفكرون في قراءة ما أكتب، وكأنهم يقولون أنني موجود معهم، فما الذي سأقوله أكثر؟! أما أصدقائي من خارج الوسط الثقافي فهم عملة نادرة، ومن يقرأ منهم عملاً يكتفي به طيلة حياته، ويتحدث عني طيلة الوقت من خلاله.
هل تقرأ الكتب المعنية بالفلسفة وعلم النفس والاقتصاد؟
هذا النوع من الكتب في مقدمة اهتماماتي، وتأتي من بعده الرواية والشعر.
وما هي احدث وابرز الأعمال التي قرأتها في الفترة الأخيرة ؟
رواية "انجيل مها" لحسن هند، وكتاب "الأطيان والضرائب في القطر المصري" لجرجس حنين بيك، موسوعة "صناعة الفيلم" لعلي بدرخان، "المسألة المصرية" لأحمد مصطفى عبد الرحيم.
ماهي ابرز اعمال السيرة الروائية والغيرية التي اطلعت عليها في الفترة الأخيرة ؟
السيرة الشخصية لثروت عكاشة "مذكراتي في السياسة والثقافة" ، " أما السيرة الغيرية فهي كتاب "معك" لسوزان طه حسين عن عميد الأدب العربي، ومذكرات زوجة ديستوفيسكي " آنا غريغوريفنا" عن ديستوفيسكي.
ماهي أهم وابرز عناوين كتب أدب الرحلة التي اطلعت عليها في الفترة الأخيرة ؟
للأسف لم أطلع مؤخرا على كتب في أدب الرحلة
ما هو فيلمك المفضل ولماذا؟
"أرض الخوف"، لأنه يشتمل على العديد من المستويات في تأويله، ونجومه كلهم أبطال، ويكفي أنه لداوود عبد السيد.
ماهي الذكرى التي لا تنساها من طفولتك وأثرت في كونك كاتبًا؟.
يوم أن جاءني أخي رحمه الله بقصيدة كتبها، وحين سألته عنها قال أنها شعر، وتحداني أن أكتب مثلها، فأخذت أجمع الكلمات ذات النهايات المتشابهة، وأوزعها على نهايات السطور، وأقسم هذه السطور إلى نصفين، كي تكون شبيهة لقصيدته، ثم ذهبت بها إلى مدرس اللغة العربية الذي أصر على أن أسمعها لزملائي، ثم أصر على أن يصفقوا لي.
ما هو أغرب تعليق جاء على كتاباتك؟
"أنها ثقيلة"، كلمة قالتها صديقة ناقدة مبررة عدم قراءة روايتي "صلاة خاصة"، وغضبت حينها، إلى أن فوجئت في ندوة لروايتي "نادي المحبين" بالكاتبة الكبيرة سلوي بكر تقول "صبحي أحد صناع الرواية الثقيلة في مصر"، فانتبهت لجمال التعبير وأهميته.