مدير مركز دراسات التطرف فى إندونيسيا يكشف لـ"أمان" كيف تحاول الجماعة الإسلامية الوصول للحكم؟
قال محمد آدي بهاكتي، المدير التنفيذي لمركز دراسات التطرف ومقره إندونيسيا، إن هناك كثيرا من المحاولات المزعومة تسعى لها الجماعات الإسلامية في إندونيسيا للحصول على الشرعية السياسية وهي علامة مقلقة، حيث تسعى إليها الجماعة الإسلامية لتحول السياسة لصالحها.
وأضاف آدي لـ"أمان" أن الاتجاهات في إندونيسيا تشير إلى التدين المتطرف في كثير من القرى وهناك شعور بموجة من الأسلمة في أرجاء البلاد، حيث يريد الكثير من المسلمين أن يشعروا بأنهم أقرب إلى الدين مما هم عليه وهذا ما يتم الترويج له عبر الجماعات المتطرفة باستمرار، حيث يروجون إلى أن الإسلام في حالة ضياع ويجب حمايته ويتأثر الكثيرون بهذه الدعاوى والخطابات.
وأشار المدير التنفيذي لمركز دراسات التطرف إلى أنه يُعتقد أن هذه القيم المتمثلة في الرغبة في أن تكون أكثر تدينًا قد أصبحت حافزًا واستخدمت بشكل كبير من قبل الجماعات بما في ذلك الجماعة الإسلامية.
وأكد أنه مع صعود التيار الديني المحافظ في إندونيسيا التي رصدتها المؤشرات الرسمية في عام 2019 حيث تم رصد ارتفاع في السياسات الدينية وراءها عناصر من السلفية المتشددة للإسلام آتية من العالم العربي وينجذب إليها والى أفكارها أتباع في إندونيسيا.
ولفت آدي إلى أن هذه التطورات في إندونيسيا وهي دولة تضم أكبر عدد من المسلمين في العالم يجب مراقبة مؤشرات التطرف فيها، مؤكدا أن كثيرا من الأحزاب السياسية الإسلامية يمكنها أن تكتسب سيطرة أقوى في صناديق الاقتراع لأنها تقليديا لم تحقق نتائج جيدة في الانتخابات الوطنية بسبب اتهامات علنية بالتواصل مع الإرهاب على حد قوله.
وأوضح أنه مع استمرار التحقيقات التي تقام في إندونيسيا تجاه كثير من المنظمات الإسلامية في الآونة الأخيرة فإن فتح جبهة سياسية للجماعة الإسلامية يطرح أسئلة مثيرة للاهتمام حول مستقبل الدولة في البلاد.
وأكد أنه في حالة وصول هؤلاء إلى المؤسسات الحكومية لن يكون مفاجئًا أن تلتقط الجماعة الإسلامية دعما من مجموعات محظورة مثل حزب الله اللبناني أو جماعة الإخوان المحظورة فى مصر والتي هرب أعضاؤها لتركيا وأوروبا على الرغم من أن الجيش أطاح بهم وقيدهم في البلاد.
وأوضح أن الجماعة الإسلامية نشأت في إندونيسيا كخلية منشقة عن حركة انفصالية ما بعد الاستعمار التي سعت إلى إقامة دولة إسلامية في إندونيسيا من خلال التمرد العنيف وبالتالي رفضت فلسفة الدولة العلمانية التي وضعها رئيسها الأول سوكارنو.
ولكن لاحقا تم إلقاء القبض على زعيم التمرد الإسلامي على العلمانية في عام 1962 مما أدى إلى تفتيت الجماعة بشكل فعال وقام اثنان من أعضائها وهما أبو بكر بشير وعبد الله سنقر بتأسيس الجماعة الإسلامية لاحقًا في عام 1993 وكان لكليهما صلات بتنظيم القاعدة الإرهابي في أفغانستان، بعد أن سافروا عدة مرات إلى هناك في الثمانينيات.
وبعد اعتقال طويل أُطلق سراح أبو بكر 83 عامًا والذي ظل الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية من السجن بسبب حسن السلوك وتدهور حالته الصحية، في يناير من هذا العام بعد أن أمضى 11 عامًا من أصل حكم بالسجن لمدة 15 عامًا لتمويله معسكر تدريب للمسلحين.
وأكمل أنه بحلول الوقت الذي تشكلت فيه الجماعة الإسلامية في عام 1993، كان لديها بالفعل تركيز على الجهاد العالمي مقارنة بالتركيز الأول الذي كان يقتصر على إندونيسيا.
ولكن مع دق سنغافورة ناقوس الخطر بشأن الجماعة الإسلامية في عام 2001 وبعد تفجيرات بالي في أكتوبر 2002 وهو أسوأ هجوم إرهابي في إندونيسيا حيث قتل أكثر من 200 شخص، أقيمت حملة ضد الجماعة المسلحة في إندونيسيا ودول أخرى مما أدى إلى شل حركتها بشكل كبير.
واستكمل قائلا إن المجموعة دخلت بشكل أساسي في فترة من التراجع النسبي بعد ذلك وعادت إلى جذورها للتركيز على إندونيسيا أولًا.
وعلى مدى السنوات منذ عام 2002، قالت التقارير إنه تم القبض على حوالي 900 من أعضاء الجماعة الإسلامية.
لكن الجماعة الإسلامية ظلت خطرة وعنيفة في فترة القمع هذه، وأضاف السيد آدي أن اعتقال كبار القادة قد يؤدي إلى هجمات انتقامية من قبل أعضاء آخرين، وكانت هناك حالات لعدة هجمات من الجماعة الإسلامية عندما فقدت المنظمة قادتها في الحملة القمعية.
وقال إنهم كمنظمة فهم مطيعون ومنضبطون للغاية لكن عندما يفقدون شخصية قيادية يصبحون ضعفاء وحشيين.
وسعت الجماعه الإسلامية على مدى عقد من الزمان حتى عام 2019، إلى إحياء الجماعة من حالتها المتضائلة من خلال إعادة تركيز هدفها داخل إندونيسيا أولًا وإيقاف العنف الذي اشتهرت به الجماعة المسلحة والتدخل في السياسه، بالنظر إلى أن هذا قد أبقى الجماعة الإسلامية على رأس الرادار الأمني لمكافحة قوى الإرهاب.
وأدت تلك الاستراتيجية المتطورة للجماعة الإسلامية إلى قيام بعض المراقبين بتسمية المجموعة بأنها الجماعة الإسلامية الجديدة كسيناريو شبيه بما تفعله حركة طالبان في افغانستان الآن.
وأضاف أن الجماعة الإسلامية بقيادة بارا ويجايانتو تركز على التوعية الدينية وبدرجة أقل على الجهاد، لأن الدرس المستفاد من منظور الجماعة الإسلامية كان أن الجهاد العالمي والأنشطة العنيفة أدت إلى رد فعل أهلكهم.
وزرعت الجماعة بذور إعادة بناء المنظمة وتجميعها في منظمة تقضي وقتها من خلال تطوير قاعدة سياسية قوية في المجتمع قبل الانخراط في الجهاد مرة أخرى.
وأكد أن هذا نوع يسمى الصبر الاستراتيجي وقد يسميه البعض نهج الجهاد لاحقًا.
وأكد أنه بينما ينشغل العالم في محاربة داعش تواصل الجماعه أنشطتها وعمليات التحنيد حيث وسعت قاعدة دعمها وكذلك إعادة بناء قدراتها العسكرية وذلك أعطى مساحة للجماعة الإسلامية لإعادة تنظيم صفوفها.
وأردف أن الانسحاب المفاجئ والفوضوي للولايات المتحدة من أفغانستان في أغسطس والذي مهد الطريق لعودة طالبان، كان انتصارا بالنسبة للجماعة الإسلامية وأنصارها.
حيث إن عودة ظهور طالبان بمثابة سلاح معنوي كبير للمسلحين في جميع أنحاء العالم. ويبدو أنه يثبت لهم أنك إذا كنت مثابرًا حتى في مواجهة الاحتمالات الكبيرة، يمكنك في النهاية تحقيق النصر.
وقال: من السابق لأوانه القول كيف سيغير هذا الحدث موقف الجماعة الإسلامية وتكتيكاتها، لكنه بالتأكيد سيشجعهم وعلى الجميع الحذر