مُنشقة عن الإخوان لـ«أمان»: أعضاء الجماعة يعتنقون دين قطب أكثر من دين محمد (حوار)
"لقد كنتُ طفلة لا أعي الحقيقة، وظننت أن ما يقال من بعض الأشخاص ضد المتدينين هو توجه لمحاربة الإسلام كما كان أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية يدعون دائما في حديثهم معنا، لكنني أدركت أن كل تلك الأشياء أكاذيب".. هكذا بدأت معتزة أشرف- اسم مستعار- طالبة في كلية السياسة والاقتصاد بجامعة عين شمس، منشقة عن الجماعة المحظورة البالغة من العمر 19 عاما، حديثها لـ"أمان"، كاشفة تفاصيل انضمامها للتنظيم المتطرف.
قالت معتزة أشرف: "حكايتي مع جماعة الإخوان بدأت من خلال معملتي- عضوة في التنظيم الإرهابي- في المدرسة الكائنة بمنطقة الهرم في الجيزة، فقد كانت تتحدث معي بلطف شديد وعن كيف يجب على الفتيات الحفاظ على أنفسهن والابتعاد عن التبرج والتزين، حتى أقنعتني بارتداء النقاب رغم رفض تام واجهته من عائلتي وقتها.. والدتي كانت دوما تقول لماذا النقاب فلتكتفي بالحجاب ككل الفتيات اللاتي في نفس عمرك، البالغ وقتها 16 عاما".
وأضافت: "كانت أتلقى دروسا تعليمية خاصة في منزل المُدرسة وبعد الدرس الخصوصي كانت تأتي سيدات وفتيات يتلقين دروسا في الفقه والدعوة من المعلمة وزوجها بمنزلهما، وبعد حضوري عدة جلسات قلت لمعلمتي إنني أريد الانضمام الى الجماعة، فقالت لي سيتم دفع مبالغ شهرية للاشتراك في الدروس والتعليم، ووافقت على ذلك"، لافتة إلى أنها بعد دخولها إلى الجامعة عرفت أن هناك شبابا كثيرين منضمون للجماعة رغم حظرها من قبل الدخول واعتبارها إرهابية.
وتابعت معتزة: "كانوا يستغلون الإجراءات التي تتم تجاههم لشحن الناس والتأثير علينا وعلى عواطفنا بأنهم مستضعفون ومظلومون"، مشيرة إلى أنها رأت أن إحدى الفتيات اللاتي كان يتم الترويج لها بأنها مختفية قسريًا موجودة ضمن خلية إرهابية في السودان، واكتشفت أن كثيرا من ادعاءاتهم محض أكاذيب.
وأكدت أن الاخوان يعيشون في كذبة ويصدقون أنفسهم وأنهم يعملون لمحاربة الدول وليس لبناء الأوطان، بل يريدون السلطة فقط، لافتة إلى أنهم دائما ما يتم تلقينهم آيات الجهاد، وأنهم كانوا يصفون الجيش والحكومة بأنهم رويبضة ويتبعون الغرب واسرائيل- على حد قولها- لكني كنت أتساءل: لماذا يقولون عن جيشنا ذلك؟.
واستكملت حديثها قائلة: «شعرت بغضب شديد عندما كان يتم ارتكاب عمليات إرهابية ضد مجندي الجيش في سيناء»، وتجد أن أتباع وأعضاء الإخوان يشمتون به، خاصة بعدما دخل شقيقها الأكبر إلى الجيش لأداء خدمته العسكرية، وكانت تسمع منه شعوره عندما توفي زميل له في إحدى تلك العمليات الإرهابية في بئر العبد، مضيفة: "تخيلت لو كان ذلك الشاب هو أخي أو ماذا لو كان أخي في مكانه".
وأشارت معتزة إلى أنه طُلب منهن العمل على وسائل التواصل الاجتماعي بقوة ضد الدولة المصرية، وربطوا أن ذلك جهاد في سبيل المعتقلين الزبرياء المظلومين.
وحسب معتزة، فكان كل فرد مسجون أو مختفٍ يطلبون منا العمل على الترويج لقصته لحث الناس على دعم الجماعة خاصة المجتمع الدولي، وركزوا بشدة على المنظمات العالمية الخاصة بحقوق الانسان، حيث كان يتم إرسال بيانات ورسائل تتحدث عن القمع في مصر وعن كبت الحريات والاعتقالات التعسفية والمعتقلين وأوضاعهم.
وأوضحت معتزة أن كثيرا من هذه الأمور كانت محاولات للتضييق على الحكومة وفرض عقوبات عليها لإضعاف الدولة وتضييق الخناق على الأوضاع الاقتصادية فتُخلق منها أزمات اجتماعية، مشددة على أنه لا شيء يتم من قبل الجماعة بلا دراسة أو خطة، وجميعها لم تجد فيها سوى الأذى لمصر وأهلها، قائلة: "يعتنقون دين قطب أكثر من دين محمد، عليه الصلاة والسلام، دين الإسلام".
وأضافت أنها رغم عمرها الصغير استطاعت إدراك حقيقتهم من الداخل، حيث إن والدها كان إمام مسجد صغير في شارع منزلهم في منطقة الطالبية، ولم يكن هدوء والدها وكلامه مشابها لما سمعته من أئمة الجماعة، موضحة أن في الجماعة لم يكن هناك أي اجتهاد ديني أو فكري وإنما هى محاولات مستميتة لاستخدام واستغلال الدين لأهداف سياسية.
وأكدت أنه مع ظهور داعش ومتابعة جروبات الجماعة وصفحاتهم وحسابات أعضائهم الهاربين الشخصية، عبر موقعي التواصل الاجتماعي تويتر وتليجرام، رأت جانبا متطرفا لا يختلف عن التنظيمات الإرهابية التي قتلت وأحرقت وجلدت وخطفت في دول عربية أخرى، وأيقنت وقتها أن غالبية أعضاء الجماعة الذين لا زالوا يعملون في الخفاء بتوجيهات عليا، لا تعلم من خلفها، يجدون في بن لادن والبغدادي والزرقاوي وغيرهم قادة وعظماء وأبطالا، كما أدركت أيضا أن هؤلاء ليسوا أبطالا بل تجار دين استغلوا اسم الله والإسلام للتربح والتربع على كراسي السلطات في أماكن متفرفة.
وأوضحت أن أفراد الجماعة أرادوا منها الزواج من شاب من أوساطهم، وعندما رفضت وأرادت أن تتزوج من خطيبها الحالي، وهو شاب تعرفت عليه من الجامعة، امتعضوا وغضبوا وعنفوها، مشيرة إلى أنهم قالوا لها إنك تخرجين عن حدودنا وإن هذا الشاب لا يتبع الحق وإنه ليس اختيارا موفقا وإن ارتباطها به نفور عن الصحيح واللازم، مؤكدة أن تقييداتهم المميتة حتى في أدق التفاصيل جعلتها تنفر منهم وتبتعد عنهم، فقاموا بنبذها وإخراجها من جميع وسائل التواصل المشتركة بينهم.
وقالت: "لقد صنفوني بالجاهلة كما يصنفون الجميع بألفاظ مسيئة.. فكل من ليس إخوانيا له مسمى عندهم"، مختتمة حديثها: "أشعر بالندم الشديد، لكنني كنت طفلة ظننت أن المظهر هو الدين، ولكنني تعلمت بفضل الله وعقلي الذي لم يستمر في تغييبه أن هؤلاء ليسوا جماعة إسلامية بل طامعون في الحكم حتى لو كان على حساب دماء أبناء الوطن، كأخي وغيره الكثير من الشباب".