تقرير يكشف: لماذا تُكدس الجماعات الإرهابية الأموال لديها وتأثيره على القارة؟
ارتفعت التكلفة الاقتصادية للإرهاب فى إفريقيا ارتفاعًا هائلًا منذ العقد الماضى حيث يتم تدمير الأموال التى يمكن أن تولد التوسع الاقتصادى والحياة الأفضل لملايين الناس فى القارة الإفريقية، بجانب أعمال العنف وتخزين وتكديس الأموال من قبل الجماعات الإرهابية وعدم تداولها مع المؤسسات المحلية بل وصرفها فى قنوات خاصة مترابطة بين الحركات وتنظيمات الجماعات الجهادية والإرهابية.
وحسب الإحصائيات الأخيرة عبر موقع كريتيكال ثريتس، نشر الموقع التدهور الاقتصادى والأمنى المتهالك بسبب أعمال التمرد والإرهاب فى القارة السوداء، حيث أتت حالة موزمبيق فى أعلى قوائم سيطرة الإرهاب على مشروع ضخم للغاز الطبيعى والذى تستطيع خلاله داعش تربح مليارات الدولارات عبر بيع الغاز فى السوق السوداء.
وذكر التقرير أن المشروع كان من المفترض أن يضمن عقودًا من النمو الاقتصادى للاقتصاد المحلى فى موزمبيق ويعود بذلك بالتنمية المحلية على المواطنين هناك.
وأشار التقرير النصف سنوى عن الحالة الاقتصادية فى إفريقيا فى ظل الإرهاب إلى أن الجماعات الإرهابية يتسبب تواجدها وجرائمها بحرمان المجتمعات من الموارد فى العديد من المناطق الإفريقية، فعلى سبيل المثال تنافس عائدات ضرائب حركة الشباب الإرهابية فى الصومال عائدات الحكومة الوطنية الصومالية.
وفى مالى كثف فرع القاعدة هجماته على قوات الأمن المحلية والدولية ووصلت إلى مذابح غير مسبوقة كمذبحة بوركينا فاسو، وتنشط الحركة المتطرفة والإرهابية والتى تضم تنظيمى القاعدة وداعش فى شمال وشرق وغرب إفريقيا، حيث، حسب التقرير، تعمل على توسيع وتعميق وجودها فى القارة الإفريقية، فكلاهما يستمدان قوتهما من السيطرة على السكان الضعفاء والمتضررين من الأوضاع السيئة، بما فى ذلك الفقر وعدم الاستقرار الإقليمى، وجميعها ظروف مواتية لتوسع الحركة الإرهابية فى إفريقيا مكبدة الدول الرسمية خسائر اقتصادية فادحة تتربح من خلالها بطرق مختلفة.
وفى غرب إفريقيا، انتشرت الحركات الإرهابية بسرعة عبر استغلال المظالم العرقية ونقاط ضعف الدولة التى تشمل انتهاكات حقوق الإنسان والفساد وعدم الفعالية واختارت إحدى الجماعات التابعة للقاعدة تمرد الطوارق عام 2012 فى مالى، واستمرت فى التوسع جنوبًا عبر منطقة الساحل إلى وسط مالى وأطراف بوركينا فاسو، وتنشط جماعة أخرى مرتبطة بداعش فى نفس المنطقة، لا سيما غرب النيجر وأجزاء من بوركينا فاسو مسيطرين فيها على موارد وثروات المناطق التى يسيطرون عليها.
ولم تدبر جماعات الساحل حتى الآن هجمات خارج غرب إفريقيا لكنها سعت إلى إخراج الوجود الأمنى والاقتصادى الغربى من المنطقة، بينما أقامت مشاريع تهريب وخطف مقابل طلب فديات ضخمة.
وتتسلل جماعة مرتبطة بالقاعدة فى مالى إلى هياكل الحكم، تحت شعارات السلفية والشريعة، وتتوسع فى دول خليج غينيا.
وأكد التقرير أن غرب إفريقيا أصبح مكانا تتركز فيه المنظمات الإرهابية العابرة للحدود، حيث يقاتل الإرهابيون المتنافسون بعضهم بعض من أجل الهيمنة فى منطقة الساحل بسبب الثروة الهائلة التى يتحصلون عليها من عبرالسيطرة على منافذ وثروات هامة.
وأشار التقرير إلى أنه فى الوقت نفسه، يهدد عدم الاستقرار السياسى لا سيما فى مالى جهود مكافحة الإرهاب المحلية والدولية ومحاولات التنمية التى ترفع من الأوضاع الاقتصادية المتدنية فى إفريقيا.
ويقع مقر أكبر فرع إفريقى لتنظيم داعش فى شمال غرب نيجيريا- أكبر دولة فى إفريقيا من حيث عدد السكان، وينفذ التنظيم هجمات متكررة على دول الجوار كالكاميرون وتشاد والنيجر، كما تنشط بوكو حرام وجماعة منشقة مرتبطة بالقاعدة فى هذه المنطقة أيضًا ويسيطر جميعها على ثروات هائلة تعود عليها بمليارات الدولارات.
ويؤدى عدم الاستقرار الجديد فى تشاد بعد قتل رئيسه منذ فترة طويلة فى أبريل 2021 إلى توقف مكافحة الإرهاب ومكافحة الجماعات الإرهابية من قوات الأمن ويتم التركيز على حماية الحدود مع مالى وحوض بحيرة تشاد، حيث تشارك القوات التشادية فى جهود مكافحة الإرهاب الإقليمية ولكن لا خطوات حقيقية فى استعادة منافذ الأموال والأراضى من هؤلاء.
أما فى شرق إفريقيا، فحركة الشباب المنتسبة للقاعدة والجماعة السلفية الجهادية المهيمنة فى شرق إفريقيا وخاصة فى الصومال تتحدث بصوت عالٍ عن نيتها مهاجمة المصالح الأمريكية والسيطرة على الغنائم والأموال وبدأت فى التخطيط لهجمات إرهابية دولية، وتتمتع الجماعة بالسيطرة الفعلية على مساحات شاسعة من جنوب الصومال ويمكنها أن تستعرض قوتها فى العاصمة الفيدرالية الصومالية مقديشو والعواصم الإقليمية، حيث تهاجم بانتظام كبار المسئولين، وتسعى إلى نزع الشرعية عن الحكومة الفيدرالية الصومالية الضعيفة واستبدالها بقادتها وهى مهمة أصبح من الممكن تحقيقها بسبب الخلل السياسى المستشرى والفساد والأزمة الدستورية المستمرة فى الصومال، حيث تمتد طموحات حركة الشباب فى حكم السكان الصوماليين العرقيين فى كينيا وإثيوبيا أيضا وتشن الجماعة هجمات منتظمة فى شرق كينيا.
كما اخترق تنظيم داعش المنطقة حيث ينشط الآن فى شمال الصومال وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وشمال موزمبيق على الحدود مع تنزانيا، وقد سيطر التنظيم على مشروع غاز طبيعى بمليارات الدولارات فى شمال موزمبيق والذى كان يعد اكبر استثمار خاص فى القارة.
أما عن شمال إفريقيا، فأضاف التقرير أن الجماعات الإرهابية فى شمال إفريقيا أقل حدة عن دول القارة وتعد فى مستويات خطر منخفضة، لكن الفوضى فى بعضها كليبيا وتونس والفقر قد يؤدى إلى صعودها فى الشمال مرة أخرى.
وأوضح التقرير أن مستويات الخطر لا تزال قائمة فقد سمحت انتفاضات الربيع العربى والفراغ الأمنى اللاحق للجماعات الإرهابية بتنظيم وإقامة علاقات مع السكان اليائسين، مما أدى إلى صعود تنظيم داعش فى بدايته إلى ذروة النشاط الجهادى فى شمال إفريقيا والشرق الأوسط، لا سيما من فروعه فى ليبيا وشبه جزيرة سيناء المصرية.
وأكد التقرير أن جهود مكافحة الإرهاب فى مصر ومن مصر تجاه دول الجوار الإفريقى أدت إلى إضعاف الجماعات الإرهابية فى شمال إفريقيا فى السنوات الخمس الماضية.
وأشار إلى أن حركات الإرهاب فى ليبيا وسيناء نشطة ولكنها تحت السيطرة وتمت محاوطتها بشكل كبير، وأضاف التقرير أن مستويات الإرهاب فى مصر انخفضت بشكل واضح.
وأوضح التقرير أن الهجمات الإرهابية فى جميع أنحاء المنطقة والقارة ستستمر مع استمرار الأزمة السياسية والأمنية فى ليبيا التى تتسبب فى خلق فرص للجماعات والتنظيمات والحركات المتطرفة والإرهابية، ومن المرجح أن يؤدى ذلك إلى عدم استقرار شديد، أو قد تصل هذه المرة إلى الانهيار، حسب الإحصائيات والتقديرات الاقتصادية والأمنية فى شمال إفريقيا فى حالة عودة التهديد السلفى الإرهابى إلى السطح مرة أخرى.
وأضاف التقرير أن من ضمن قائمة الدول الإفريقية التى تعانى من الوجود الإرهابى تشير التقارير والبيانات إلى توسع جماعات إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة فى دولة موريتانيا وهى جبهة التحرير وجماعة نصرة الإسلام التى تسللت من الحدود من مالى إلى الحدود الموريتانية دون أى مواجهة أو ردع لهم.
وأضاف التقرير أن تلك الجماعة قامت بتهديد القرويين من التعاون مع قوات الأمن المالية أو الموريتانية، وأعلنت إقامة فروض الشريعة وأغلقت المدارس الحكومية واستبدلتها بمراكز تعليم دينية، وسيطرت على منافذ الموارد الغذائية ومنافذ الأموال والمؤسسات الحكومية والرسمية على طول المنطقة الحدودية بين موريتانيا ومالى.
وأوضح التقرير أن دولة موريتانيا كانت صامدة ضد النشاط السلفى الجهادى على الرغم من قربها من الملاذات الآمنة من الإرهابيين فى مالى، ولكن القرب الحدودى سمح لجماعات مختلفة بالدخول إلى موريتانيا وفرض السيطرة، كمقاتلى جبهة تحرير مورو الإسلامية التى عبرت إلى موريتانيا والتى تواجه آثارًا اقتصادية واجتماعية متدهورة بسبب فيروس كورونا، بالإضافة إلى صراعات سياسية داخلية.
أما عن المغرب، فقد ألقى أمير القاعدة فيها خطابه الأول منذ أن أصبح أبو يوسف العنابى زعيمًا للتنظيم فى نوفمبر، وخطب أنصاره عبر منابر المغرب ليحث الجميع على دعم تنظيم القاعدة وحرض ضد الحكومة المالية والقوات الفرنسية والأجنبية فى مالى.
لتتصاعد بعد ذلك الهجمات ضد قوات الأمن فى مالى، حيث فجّر مسلحون فى 25 يونيو عبوة ناسفة محمولة على سيارة فى قاعدة مؤقتة للأمم المتحدة بالقرب من تاركينت فى شمال مالى مما أسفر عن إصابة 12 من قوات حفظ السلام الألمانية ومقاتل بلجيكى، كما هاجم المسلحون موقعًا استيطانيًا وقتلوا ستة جنود ماليين فى قرية بونى بوسط مالى فى 25 يونيو. ومن المحتمل أن تكون جماعة نصرة الإسلام مسئولة عن هذه الهجمات.
وأوضح التقرير أن جماعة نصرة الإسلام عملت فى بونى وتاركينت فى دولة مالى لسنوات حيث تم قتل 15 جنديًا ماليًا فى أحدث هجوم لها.
وألحق التقرير تفاصيل الهجمات الإرهابية والأضرار الجسيمة بالمدنيين فى شمال بوركينا فاسو وغرب النيجر حيث قتل مسلحون ما لا يقل عن 130 مدنيا فى شمال غرب بوركينا فاسو فى أسوأ هجوم إرهابى فى تاريخ البلاد فى 4-5 يونيو. وفر أكثر من 7000 شخص منذ ذلك الحين من المنطقة التى وقعت ضحية للجماعات المسلحة التى تتنافس على الوصول إلى مناجم الذهب.