هذه المروحية الأذرية كانت سببًا فى الحرب بين أرمينيا وأذربيجان (تقرير)
دخلت المواجهات المسلحة بين أرمينيا وأذربيجان حول إقليم "ناجورنو كاراباخ" أسبوعها الثاني، في تطور هو الأعنف والأطول منذ بداية ملف هذا الصراع في تسعينيات القرن الماضي، وينذر استمرار العمليات القتالية بين أرمينيا وأذربيجان بنشوب حرب إقليمية أوسع قد تجر إليها روسيا وتركيا، التي يتهمها المراقبون بإذكاء الصراع ودعم الطرف الأذري، ما يهدد باتساع نطاق عدم الاستقرار في جنوب القوقاز، التي تعتبر ممرا لخطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز إلى الأسواق العالمية.
وتتواصل دعوات التهدئة والحوار من أجل الوصول إلى تسوية بالطرق السلمية لهذا الصراع، وذلك في إطار "مجموعة مينسك" التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، وقد أعربت جورجيا عن استعدادها لاستضافة اجتماع لـ"مجموعة مينسك" للعمل على تسوية النزاع، وكان رؤساء "مجموعة مينسك" قد أصدروا بيانا لحث الأطراف على وقف إنساني فوري للنار، على خلفية تقارير تفيد بزيادة الخسائر في صفوف المدنيين بين الجانبين.
- إشعال تركي وتهدئة روسية
وحسب المراقبين، لا تنفصل المواجهات العسكرية بين أرمينيا وأذربيجان عن تشابكات وتعقيدات الموقف والدور الإقليمي لبعض الدول، خاصة روسيا وتركيا، وتفسيرًا لذلك، ذكرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية، في تقرير لها، بعنوان (لماذا أشعلت منطقة "ناجورنو كاراباخ" الحرب بين أرمينيا وأذربيجان على مدى عقود)، أن موسكو وأنقرة تحتفظان بعلاقات وثيقة مع كل من أرمينيا وأذربيجان، وبينما أعلنت تركيا صراحة أنها مستعدة لدعم أذربيجان سواء على طاولة المفاوضات أو في ساحة المعركة، دعت روسيا إلى التهدئة والحوار وأعلنت استعدادها لتقديم المساعدة في الوساطة من أجل ضمان استعادة استقرار الوضع، مؤكدة رفضها التصريحات التركية في هذا الشأن.
وكانت تركيا قد قللت من أهمية نداءات "مجموعة مينسك" التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ووصفتها بأنها "غير صادقة"، وقالت: "إن هذه المجموعة لم تتمكن منذ سنوات من إيجاد تسوية عادلة للصراع في كاراباخ".
وقد لعبت روسيا دورا محوريا في التوسط في وقف إطلاق النار الأول في عام 1994، وتوسطت فرنسا وروسيا والولايات المتحدة في جهود السلام، لكن المحادثات بشأن اتفاق محتمل توقفت في 2010، لتعود موسكو للعب دور في إنهاء أربعة أيام من القتال في عام 2016، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص.
ــ انهيار المفاوضات وبدء الصدام العسكري
ويحمّل كلا الجانبين، مع استمرار المواجهات الحالية، الجانب الآخر المسئولية كاملة فيما يتعلق بانهيار المفاوضات وبدء المواجهة المسلحة، حيث تجدد الصراع بينهما في 27 سبتمبر الماضي، عندما أسقطت مروحية أذرية واحدة على الأقل، وفرض المسئولون المؤيدون للأرمن الذين يحكمون الإقليم الأحكام العرفية والتعبئة الكاملة لسكانه.
وتعود جذور الصراع في القوقاز بين أرمينيا وأذربيجان إلى فترة الاتحاد السوفيتي السابق، وتحديدا حين ضم جوزيف ستالين في عام 1923، الأقلية الأرمينية (سكان كاراباخ) داخل حدود أذربيجان، وبحدود إدارية لتجعل كل ما يحيط بها أذريا رغم رغبة السكان في التبعية الأرمنية، وفي المقابل تظل الأقلية الأذرية في إقليم "ناختشيفان" معزولة داخل أرمينيا بالإضافة إلى أن السلطة السوفيتية منحت كاراباخ صلاحية الحكم الذاتي داخل أذربيجان، وهو ما كان أشبه بقنبلة موقوتة.
ولكن بعد أن تفتت العقد السوفيتي واستقلت أذربيجان، اندلعت الحروب بين أذربيجان وأرمينيا، وأصبح كل منهما يريد ضم تلك المنطقة إلى أراضيه، وكان السبب في ذلك الصراع هو ادعاء أرمينيا أن تلك المنطقة ملكًا لها معللة ذلك بأغلبية سكانها الأرمن، وأدى ذلك الصراع إلى نزوح مئات الآلاف من الأرمن من أذربيجان إلى أرمينيا ونزوح مئات الآلاف من الأذريين من أرمينيا إلى أذربيجان.
ــ طلب الضم لأرمينيا
واندلع الصراع بين أرمينيا وأذربيجان في 20 فبراير 1988، عندما طلب البرلمان في كاراباخ الانضمام إلى أرمينيا، وتم التصويت على ضم المنطقة إلى أرمينيا، وفي الفترة من 1992 إلى 1994 تفاقمت التوترات وتحولت إلى عمل عسكري واسع النطاق للسيطرة على الإقليم وسبع مناطق مجاورة بعد أن فقدت أذربيجان السيطرة عليه، واستمرت المحادثات حول تسوية النزاع في إقليم "ناجورنو كاراباخ" منذ عام 1992.
ووضعت روسيا حلا لوقف الصراع تم التوقيع عليه في مايو 1994 بواسطة مؤتمر الأسس الأمنية والتعاونية الأوروبية "مجموعة مينسك"، بقيادة الرؤساء المشاركين الثلاثة روسيا وفرنسا والولايات المتحدة، ويرى المراقبون أن التحرك الدولي ممثلا في الأمم المتحدة وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة، سواء تم في إطار منظمة "الأمن الجماعي" أو في إطار "مجموعة مينسك" قد يشكل حلولا لمحاصرة الأزمة والتوصل لاتفاق سياسي ينهي الصراع الممتد في منطقة القوقاز.