فى ذكراه.. لماذا يكره الإخوان جمال عبدالناصر؟
لم يكن نبيًا ولكن ظله أخضر كما وصفه الشاعر الراحل نزار قباني٬ عملاق "بني مُر" الزعيم جمال عبدالناصر، الذي تتزامن اليوم ذكرى نصف قرن على رحيله لكنه ما زال باقيا في الوعي الجمعي المصري٬ وما زالت صوره تزين حوائط بيوت ومحلات المصريين٬ حتى من اختلفوا معه أو مع سياساته ما زالوا يحملون له الود والمحبة، فحضور "ناصر" رغم غياب الجسد ما زال وهجه ساريا حتى الآن٬ من المحيط إلى الخليج حتى القارة السمراء٬ وعندما تأتي سيرة مصر٬ يطل اسم ناصر وسيرته العطرة.
هذا الوهج والحضور الطاغي رغم غياب الجسد ما زال يؤرق جماعة الإخوان الإرهابية٬ سواء أعضاءها أو حتى المتعاطفين معها دون أن يكونوا منتظمين في صفوفها، فسيرة جمال عبدالناصر حتى ولو على وسائل التواصل الاجتماعي تؤجج نيران كراهيتهم له٬ ولـمَ لا فهو الذي أجهض حلمهم ومحاولاتهم بإقامة دولة فاشية دينية في أعقاب نجاح ثورة 23 يوليو 1952، حتى إنهم حاولوا سرقتها هي الأخرى لولا وعي عبدالناصر بطبيعتهم الدموية وكفرهم بالوطن الذي يرونه مجرد "حفنة تراب عفن".
لا ينسى المصريون خطاب الزعيم الراحل الشهير الذي سخر فيه من مطالبة مرشد الجماعة في ذلك الوقت، حسن الهضيبي، بفرض الحجاب على نساء مصر٬ فرد عليه عبدالناصر ساخرا: أنا في رأيي كل واحد في بيته ينفذ هذا الكلام٬ فقولتله: يا أستاذ إنت ليك بنت في كلية الطب مش لابسة طرحة ملبستهاش طرحة ليه؟٬ إذا كنت إنت مش قادر تلبس بنت واحدة طرحة٬ عاوزني أنا ألبس عشرة مليون طرح؟!.
كان "الهضيبي" من الوقاحة والبجاحة أن يطالب بفرض ملبس معين حسب معتقدهم يختزل في الحجاب على نساء مصر٬ ونسي أو تناسى فضائح الجماعة الأخلاقية المشينة٬ من أول سكرتير عام الجماعة وزوج ابنة حسن البنا عبدالحكيم عابدين٬ والذي انتهك أعراض زوجات أربعة من أعضاء الجماعة نفسها٬ وهم: زكي هلال٬ فهمي السيد٬ محمد عمار وحسين سليمان٬ والذين تقدموا بالفعل بشكاوى رسمية وطالبوا بالتحقيق فيها٬ إلا أن حسن البنا انحاز لزوج ابنته وحاول أن يبرئ ساحته ويمنع التحقيق معه في الاتهامات المشينة في جرائمه الأخلاقية، التي وصلت إلى اغتصاب زوجات وشقيقات أصدقاء وزملاء له في الجماعة.
لم تكن فضيحة عبدالحكيم عابدين هي الوحيدة في الجماعة الإرهابية التي تدعو الناس للبر وتنسى نفسها٬ بل بمد الخيط على استطالته نصل إلى حفيد البنا نفسه٬ والذي ما زالت فضائحه الجنسية والأخلاقية ماثلة في الأذهان وأروقة المحاكم وصفحات الجرائد الغربية٬ إنه طارق رمضان٬ الذي صدرت عليه أحكام بالفعل في قضايا اغتصاب وتحرش بعشرات النساء.
كان عبدالناصر الكابوس المخيف للجماعة الإرهابية٬ فحاولوا دوما تشويه صورته وإنجازاته٬ لا لشيء إلا أنه أحبط مبكرا مخططاتهم الإرهابية٬ وتحويل مصر إلى دولة دينية على طريقة إيران وأفغانستان٬ وهو الذي دعا إليه سيد قطب بمزاعم "الحاكمية لله"، بل وصل الأمر لتكفير المصريين جميعا ووصفهم بأنهم في جاهلية.
ولأكثر من مرة يحاكم سيد قطب بجرائمه وتصدر في حقه الأحكام القانونية فيودع السجن٬ إلا أن عبدالناصر كان يراعي ظروفه الصحية فيصدر عنه العفو تلو الآخر٬ حتى كانت خطة "قطب" الجهنمية بتدمير القناطر الخيرية ومن ثمة إغراق الدلتا بكل سكانها وزرعها وحرثها، وقد اعترف قطب بأنه وضع هذه الخطة بالفعل ولم تكن مجرد اتهامات باطلة أو كيدية حتى إنه قال في التحقيقات الرسمية: "أنا ذكرت القناطر بمناسبة تعليق أحدهم على أن تدمير محطات الكهرباء وكبارى القاهرة يحدث ارتباكًا شديدًا للسلطات قد يمتد 6 أشهر، فقلت "والقناطر تحدث ارتباكًا أشد".
إلى هذا الحد وصلت الجماعة الإرهابية في كراهية مصر والمصريين٬ دعك من خطط اغتيال عبدالناصر وغيره من مجلس قيادة الثورة٬ لكن أن تصل الكراهية لقتل وإغراق الملايين ليسببوا فقط ارتباكا للنظام والدولة٬ لذا كان الحكم بإعدام سيد قطب أقل القليل جراء جرائمه المتمثلة في تخطيطه والحض على تنفيذها.
وبعد إعدام سيد قطب، أيقونة جماعة الإخوان الإرهابية، تنامت كراهية الجماعة الإرهابية لعبدالناصر٬ والتي خرجت من عباءتها كل التنظيمات والجماعات الإرهابية والمتطرفة٬ من أول تنظيم الكلية العسكرية، وجماعة التكفير والهجرة٬ مرورا بالجماعات الإسلامية٬ وصولا إلى تنظيم داعش الدموي، ولكل هذه الأسباب وأكثر كره الإخوان جمال عبدالناصر٬ لكنه ما زال حاضرا بين المصريين٬ بينما لُفظت الجماعة وأعضاؤها لمزبلة التاريخ.