أكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف والإرهاب، أنه لا يكاد يمر يوم
إلا ونسمع عن وقوع حوادث تطرف وإرهاب، ونرى آثارها المدمرة والمرعبة في كل مناحي الحياة.
وأضاف المرصد، في تقرير أعدته وحدة الرصد باللغة
الإنجليزية، أنه لا يكتفي المتطرفون بما يقومون
به من فساد وتدمير، بل إنهم ينشطون أيضًا في استقطاب من حولهم لكي ينضموا إليهم في
هذا المسار المدمر.
وتابعت: للأسف نجح بعض هؤلاء المتطرفين في جذب العديد من
الشباب من كل أنحاء العالم، وتغذيتهم بهذه الأفكار المتطرفة والمتشددة.
وأوضحت أنه من هنا كان لزامًا على كل أسرة أن تسعى بكل ما
أوتيت من قوة كي تحصن أبناءها من أن يقعوا فريسة لهذا الوباء المنتشر وهذا الشر المستطير، حيث إنه بعد الهزائم المتتالية التي تتعرض لها كبرى جماعات التطرف والإرهاب المسماة
"داعش"، وفقدها الأراضي التي كانت تسيطر عليها في سوريا والعراق، أخذت تدعو أتباعها عبر الإنترنت
لتكثيف جهودهم في التجنيد، والقيام بعمليات "ذئاب منفردة" لكي تحدث أكبر قدر
من الدمار، وتوحي بأنها لا تزال مؤثرة على الساحة العالمية.
ولفتت إلى أنه انتبهت العديد من الهيئات والمؤسسات لأهمية الحماية
الأسرية للأطفال، وما تفرضه هذه التحديات على الآباء والأمهات من ضرورة الاعتناء الجيد
بأبنائهم وتحصينهم ضد هذه الأفكار المتطرفة والهدامة.
وذكرت الوحدة أن منظمة "مشروع كلاريون"- المهتمة بمجال حقوق الإنسان ومكافحة التطرف- أوردت نصائح مهمة للآباء في شكل إنفوجرافيك، للتعرف على علامات التطرف لدى أطفالهم، بيد أنها أكدت في البداية أهمية خلق
بيئة لا يمكن اختراق نقاط ضعف الأطفال من خلالها.
وأوضحت أن ذلك تم
عن طريق عدة أمور، من بينها: قضاء وقت كبير معهم، ومناقشة القضايا المطروحة على الساحة
العالمية بشكل واقعي معهم، بما في ذلك القضايا السياسية والدينية بطريقة تناسب مستواهم، والاهتمام- بشكل حقيقي- بما يفعلونه والبقاء على
علم بما يقومون به، وخلق بيئة مفتوحة لهم بحيث يمكنهم مناقشة أي فكرة لديهم دون خوف
العقاب، ووضع حدود أو قيود للأجهزة المتصلة بالإنترنت عن طريق ضبط المرشحات أو تقييد
وقت للدخول، وغيرها.
وقالت الوحدة إن المنظمة وضعت بعض سمات للأطفال الذين يكونون أكثر عرضة للتطرف،
وهي:
- الأطفال الذين يشعرون بأنهم منبوذون أو أولئك غير المندمجين
مع أقرانهم، وعلى الرغم من أنك لن تستطع القيام بالكثير لتغيير هذا الوضع، فإنه يمكنك
استغلال الفرصة لملء هذا الفراغ وتكون أنت رفيقهم في حياتهم، حيث إنهم يشعرون بأنهم متروكون،
إما بسبب غياب الآباء، أو انفصالهم بالطلاق.
- الأطفال الذين لديهم علاقات سيئة مع أفراد أسرتهم، أو الذين
يريدون السيطرة على الآخرين، والذين يبحثون عن الإثارة أو المغامرة، والذين لديهم
مشكلات في الصحة العقلية، مثل الإحباط، أو الإجهاد الذي يتبع الصدمات.
- الأطفال المتدينون بالفعل، حيث يمكن أن يكونوا عرضة للإنصات
إلى شخصية دينية تقنعهم بأن التطرف أو التشدد هو الطريق الصحيح، والذين يعتقدون أنهم
ضحايا الظلم، لا سيما الذين تحملوا تبعات التسلط العرقي، والذين يقضون وقتًا كبيرًا
على الإنترنت، أو من ليس لديهم من يراقب أنشطتهم عبر الإنترنت.
وأشارت الوحدة إلى أنه من المعروف أن الوقاية خير من العلاج،
فمن الضروري أن يحرص الآباء والأمهات على مراقبة سلوكيات أطفالهم ومتابعتها بحيث يتمكنوا
من التدخل في الوقت المناسب، والحيلولة دون وقوع أطفالهم ضحايا لدعايا التطرف والإرهاب،
التي تمتلئ بها المواقع الإلكترونية، وصفحات التواصل الاجتماعي.
وأردفت قائلة: قد وضعت المنظمة بعض علامات التطرف التي يمكن
للأبوين ملاحظتها على أطفالهم، والتي تتعلق معظمها بالتغيير في معتقدات الأطفال وميولهم،
وطريقة قضاء أوقاتهم.. فإذا لاحظ الأبوان أن الطفل يبدي اهتمامًا زائدًا بالقضايا الدينية
أو السياسية، أو يزدري من يختلفون معه في الآراء التي كوَّنها حديثًا، أو أنه أصبح
متعصبًا تجاه المختلفين معه في الدين أو العرق مثلاً، أو أنه يبرر العنف الذي يستخدم
لتحقيق غرض ما، فإن هذه كلها تعد إشارات إلى أنه سلك مسلك التطرف ولا بد من علاج فوري
لهذه الحالة.
وتري الوحدة أنه بالمثل، إذا لُوحظ أن الطفل صار يحب العزلة،
ويقضي الكثير من وقته على الإنترنت، أو أنه يزور المواقع المتطرفة، ويقضي الكثير من
وقته مع أصدقاء جدد غير معروفين للأهل، ينبغي على الوالدين أن يزيدا من الرعاية المقدمة
له.
ولوحت بأنه إذا لزم
الأمر، عليهما أن يتواصلا مع المختصين في هذا الشأن لكي يقدموا لهما المشورة حول النهج
الأمثل الذي ينبغي عليهما اتباعه في هذه الحالة.
يذكر أن الحكومة البريطانية كانت قد انتبهت لخطورة هذا الأمر منذ فترة، وقررت إنشاء
موقع إلكتروني بعنوان "التعليم في مواجهة الكراهية" (Educate
Against Hate).
ويلاحظ المتصفح لهذا الموقع أن الهدف منه أن يكون مرجعًا
للمعلمين والآباء والقادة المدرسيين في كيفية التعامل مع التطرف، وكيفية التعرف على
العلامات التي توحي بتطرف الشخص، وقد جاءت هذه المعلومات في صورة أسئلة وأجوبة.
ففي سياق الإجابة عن سؤال حول العلامات التي تُظهر أن الشخص
يتجه للتطرف، يقول الموقع إنه لا يوجد مسار واحد للتطرف، فقد يحدث التطرف سريعًا، وقد
يستغرق بعض الوقت، وفي بعض الأحيان تكون علامات التطرف واضحة للعيان، وأحيانا قد لا
تكون العلامات ملحوظة في أوقات أُخرى، وهنا يأتي دور الأبوين، حيث إنهما الأجدر في
هذه الحالة بملاحظة سلوكيات أبنائهما؛ فإذا رأيا أن طفلهما يتصرف بما يخالف طبيعة شخصيته،
فينبغي عليهما- حسبما أفاد الموقع- التحدث مع الطفل حول هذا الأمر، وأن يتواصلا أيضًا
مع مدرسيه وأصدقائه وأفراد الأسرة الآخرين للتأكد مما إذا كان أحدهم قد لاحظ هذا الأمر
على الطفل أيضًا أم لا.
وناشدت الوحدة المسئولين تتضافر كافة الجهود من أجل إتمام
حماية الأطفال على الوجه الأمثل؛ لأنهم الأمل في مستقبل أفضل للبشرية جمعاء، فإذا نشأوا
على الأخلاق الحميدة، والقيم العليا، وعلى مبادئ السلام والحرية والتعايش السلمي، ظل
الأمل في أن تخرج الأمة البشرية من ظلام التطرف والتعصب الذي يخيم على العالم.