لماذا يكره الإخوان الجيوش العربية؟
عندما أعلنت قوات التحالف الحرب على الميليشيات الإرهابية في اليمن، بدأت جماعة الإخوان في شن هجوم شامل على الجيوش العربية المشاركة في التحالف، وعندما أعلن الجيش الوطني الليبي عملية تطهير غرب البلاد والعاصمة طرابلس ثارت ثائرة الجماعة، وبدأوا في دعم الميليشيات في مواجهة الجيش، وعندما انحاز الجيشان الجزائري، والسوداني للشعبين في مطالبهما، ظهر الشعار المعتاد للجماعة وهو يسقط حكم العسكر.. فما السر وراء كراهية الإخوان للجيوش العربية والإسلامية؟.. السطور التالية تلقي الضوء على هذه القضية.
النظام الخاص
في عام 1940، فكر حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان بالتعاون مع أمين الحسيني مفتي فلسطين في تأسيس كيان بديل للجيوش العربية التي زعم أنها ضعيفة وعميلة للإنجليز واليهود، وكان ذلك بداية فكرة تأسيس "النظام الخاص" كقوة عسكرية كما اعترف بذلك، القيادي الإخواني فريد عبد الخالق في مقابلة أجرتها قناة الجزيرة معه في برنامج شاهد على العصر بتاريخ 28/12/2003م.
وبالتالي فإن فكرة إيجاد كيان بديل للجيوش فكرة متجذرة في صلب كيان جماعة الإخوان، ويعتبر تأسيس النظام الخاص لجماعة الإخوان، ترجمة واقعية لعدم اعتراف الجماعة بالجيوش الوطنية، فهو يعد مشروعا بديلا من الجماعة لإنشاء جيش موازٍ يحمل الصبغة الإسلامية- بحسب مفهوم الجماعة- ومن هنا يظهر السر وراء ترويج الإخوان أن الجيوش الوطنية معادية للإسلام والمسلمين، الأمر الذي أدى لظهور كيانات أو ميليشات مسلحة تحمل العداء للجيوش.
وقد صرح مهدي عاكف المرشد السابق للإخوان المسلمين في مذكراته التي نشرها عان 2013م بأن التنظيم الخاص للجماعة "عبارة عن نخبة منتقاة من الإخوان المسلمين للقيام بمهمات خاصة، والتدريب على العمليات العسكرية ضد العدو الخارجى ومحو الأمية العسكرية للشعب المصرى فى ذلك الوقت".
وبالتالي فالجماعة بداءة لا تعترف بالجيوش الوطنية ولا ترى أهمية لوجودها وبالتالي فمسألة تشويه الجيوش الوطنية ووصفها بالعسكر أو الميليشيات يعتبر أحد الركائز الأساسية لها، وبالتالي تنتهز اية فرصة لتأليب الشعوب عليها، أو على أي حاكم عربي ذي خلفية عسكرية.
الإخوان وعاصفة الحزم
ظهر التناقض الإخواني من جيش التحالف وعملية عاصفة الحزم ضد الميليشيات المسلحة في اليمن بمجرد طرد قطر من التحالف، فتحولوا من موقف التأييد إلى المعارضة والتي دعمتها قناة الجزيرة القطرية التي أفردت مساحات واسعة للمحسوبين على الجماعة للهجوم على عاصفة الحزم ووصفها بالاحتلال، ومن هؤلاء عزمي بشارة مستشار أمير قطر تميم بن حمد، واليمنية توكل كرمان، وبدأ وصف العملية بالعدوان أو الاحتلال، تحت مزاعم وشائعات حول حقوق الإنسان في اليمن، كما حاول حزب الإصلاح الموالي للإخوان توريط قوات التحالف في مسائل فرعية كلما اقتربت من تحقيق انتصارات على الأرض في جميع الجبهات ومن ذلك ما رصده مراقبون يمنيون حول مسألة فتح جبهات ثانوية بإطلاق الشائعات حول جزيرة سقطرى خلال الحملة الإعلامية التي شنتها الجماعة على كل من السعودية والإمارات، في محاولة لإثبات أن قوات التحالف هدفها احتلال الجزيرة اليمنية، تمهيدا لاحتلال اليمن ككل.
وبدأت أبواق الجماعة في كل مكان بالتنديد بما أسموه باحتلال اليمن من قبل قوات التحالف، وكأنه حقيقة، وتوريط الجيوش المشاركة في دعم عناصر إرهابية، لكسب عداء العالم للتحالف، وبالفعل تمكن إخوان اليمن من إنشاء معسكرات لجماعات إرهابية بأموال قدمت لهم من السعودية والإمارات، ومن هذه المعسكرات معسكر أبي محمد الأيوبي في مأرب، وتغذية ألوية الشرعية بعناصر إرهابية ونسبتها إلى كل قوات التحالف حتى تظهر للعالم وكأنها ممولة للإرهاب في اليمن.
كما يعمل حزب الإصلاح اليمني على حجب المساعدات المادية التي يقدمها قوات التحالف لليمنين، ومنها ما صرح به عبدالرقيب فتح وزير الإدارة المحلية اليمني في عام 2017م بأن حزب الإصلاح الإخواني أخفي مئات الآلاف من السلال الغذائية المقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة.
الإخوان وأحداث الجزائر والسودان
نشطت الخلايا الإخوانية في كل من احتجاجات الجزائر والسودان خاصة بعد تدخل الجيش الجزائري والسوادني لإنقاذ الموقف، بعد إعلان شغور منصب رئيس الجمهورية، وظهور اسم الفريق قايد صالح رئيس الأركان في المشهد الذي أعلن انحياز الجيش الوطني الجزائري لمطالب الشعب.
وبدأت أبواق الجماعة الإعلامية في التطاول على الجيش الجزائري متمثلا في شخص رئيس الأركان الفريق قايد صالح في محاولة لإفساح المجال للجماعة للظهور بحجة أن خلو منصب رئيس الجمهورية عبارة عن انقلاب من الجيش على الحكم ورفعوا شعار لا لحكم العسكر، وطالب إخوان الجزائر والمقربون منهم الشعب الجزائري بمواصلة الحراك ضد الجيش بحجة رفض حكم "الجنرالات".
والحال نفسه تكرر في المشهد السوداني، بعد أشهر من الحراك الشعبي أعلن وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف عزل الرئيس عمر البشير صباح الخميس 10 إبريل الماضي، وبعدها مباشرة بدأت الآلة الإعلامية الإخوانية بالترويج لوجود انقلاب من الجيش السوداني على البشير من أجل سيطرة الجيش على الحكم ومنع المدنيين من الوصول إلى السلطة، رغم أن الحال في كل من الجزائر والسودان كان استجابة لمطالب شعبية أدت إلى عزل الرئيسين.
هل الجيوش العربية معادية للشعوب؟
ويبقى السؤال الأبرز هنا هل الجيوش العربية معادية للشعوب وتريد الهيمنة على ثروات البلاد، وهل وصول عسكري للحكم مناف للديمقراطية؟
يفرق الكاتب إيهاب عمر مؤلف كتاب "الإمبراطورية الروسية" بين الحكم العسكري وبين وصول ضابط إلى الحكم، ويؤكد أن الأول هو أن يكون مجلس وزرائه ومستشاريه بالكامل من العسكريين، أما في الحالة الثانية فلا يمكن القول بأن ذلك حكم عسكري.
وأشار إلى أن الترويج لمصطلح الحكم العسكري باعتباره آفة معادية للديموقراطية، بدأ فقط منذ حوالي70 عاما ، وابتكرته الولايات المتحدة الأمريكية أوائل الحرب الباردة لتنفيذ مختطات الفوضى ويهدف الترويج لهذا المصطلح في حالة الشعوب العربية إلى تسارع الشعوب إلى خلع حكامها واحداً تلو الآخر، دون أدنى تفكير إذا ما كان هذا الحاكم جيدا من عدمه فهو سيء لمجرد فقط أنه رجل خدم بالمؤسسة العسكرية فحسب.
ويوضح عمر في بحث له أنه إذا تم تطبيق هذا المبدأ بأثر رجعي فسوف نرى أن الحكم العسكري هو من صنع مجد مصر التاريخي فمينا موحد القطرين وأحمس محرر مصر من الهكسوس وصلاح الدين الأيوبي وقطز وبيبرس ومحمد علي باشا لم يكونوا خريجي تجارة ولا آداب، بل كانوا كلهم عسكريين، وكذلك أبرز زعماء العالم الذين حققوا أمجادا لشعوبهم كانوا عسكريين.