"9 سنوات إمامة".. شيخ الأزهر يناهض الإرهاب ويوقع "الأخوة الإنسانية"
احتفلت مشيخة الأزهر، أمس، بذكرى تولي أحمد الطيب شيخ الأزهر مقاليد مقعد الدراسة، خلفا للإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي، والذي وافته المنيه 10 مارس، إثر نوبة قلبية تعرض لها في مطار الملك خالد الدولي عند عودته من مؤتمر دولي عقده الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، لمنح جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام للفائزين بها، وصلى المسلمين عليه صلاة العشاء في المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة وورى الثرى في مقبرة البقيع.
وشغل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب منصب رئيس جامعة الأزهر، قبل توليه منصب شيخ الأزهر كما شغل قبلها منصب مفتي الديار المصرية.
وخلال الأعوام الـ9، وبحسب تقرير صادر عن مشيخة الأزهر، فالجولات والزيارات الخارجية للإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر، فضلا عن استقباله للعديد من قادة وزعماء العالم في رحاب الأزهر الشريف، تعكس الدور المحوري للأزهر على الصعيد العالمي، باعتباره المرجعية الأكثر تأثيرًا للمسلمين في العالم، كما تبرهن بأنه القوة الناعمة المصرية الأوسع انتشارًا، وهو ما جسدته المؤتمرات الدولية التي عقدها الأزهر في السنوات الأخيرة وحظيت بحضورٍ عالميٍ رفيع.
إذا كانت السنوات الأولى للإمام الطيب في مشيخة الأزهر لم تشهد أيَّ زيارات خارجية، في ضوء انشغال الأزهر بقيادة العديد من المبادرات الوطنية التي جمعت مختلف أطياف الشعب المصري، وصدرت عنها سلسلة من الوثائق التاريخية، فإنه بداية من عام 2013 أجرى شيخ الأزهر العديد من الزيارات الخارجية، التي بلغت 34 زيارة شملت 21 دولة، هي "«إندونيسيا، نيجيريا، الأردن، سلطنة عمان، البحرين، الإمارات، السعودية، إيطاليا، أوزبكستان، كازاخستان، بريطانيا، سلطنة بروناي، الكويت، موريتانيا، البرتغال، سنغافورة، ألمانيا، سويسرا، الشيشان، فرنسا، والفاتيكان".
وألغى شيخ الأزهر زيارة كانت مقررة إلى مخيمات اللاجئين من مسلمي الروهينجا في بنجلاديش، قبيل ساعات من انطلاقها، عقب الهجوم الإرهابي الأثيم الذي استهدف مسجد الروضة بقرية بئر العبد في سيناء، نوفمبر عام 2017، وراح ضحيته أكثرُ من 300 شخص.
وبالتوازي مع تلك التحركات الخارجية المكثفة، استقبل الإمام الطيب العديد من قادة وزعماء العالم في مشيخة الأزهر، من أبرزهم "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس البرتغالي مارسيلو دي سوزا، والبابا فرانسيس بابا الفاتيكان، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، إضافة لرؤساء كل من سنغافورة وبوركينا فاسو وتوجو والصومال ولبنان وأوروجواي وإيران.
ورفض الإمام الأكبر استقبال مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي، في مشيخة الأزهر، في ديسمبر 2017، احتجاجًا على قرار الإدارة الأمريكية بنقل سفارتها في الكيان الصهيوني إلى مدينة القدس الفلسطينية المحتلة، رافعًا شعار: "الأزهر لا يمكن أن يجلس مع من يزيفون التاريخ ويسلبون حقوق الشعوب ويعتدون على مقدساتهم".
وإضافة إلى هذه الزيارات والاستقبالات، فقد عقد الأزهر في السنوات الأخيرة سلسلة من الندوات والمؤتمرات العالمية، التي حظيت بحضور دولي رفيع، من النخب الدينية والفكرية والسياسية والثقافية من مختلف دول العالم، مثل ندوة الأزهر الدولية "الإسلام والغرب.. تنوع وتكامل"، التي شارك فيها 13 رئيسًا ورئيس وزراء سابق من قارتي آسيا وأوروبا، و"مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس"، الذي حظي بحضور مشاركين من 86 دولة، و"مؤتمر الأزهر العالمي للسلام"، الذي شارك فيه قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، ومؤتمر "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل".
كما وضع الإمام الطيب نصب عينيه زيادة حجم التواجد العالمي للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر، لتفعيل قوة الأزهر الشريف الناعمة المتمثلة في خريجيه المنتشرين حول العالم، والتواصل معهم بما يجعل للأزهر صوتًا مسموعًا في كل ربوع المعمورة، وامتدت فروع المنظمة إلى تسع عشرة دولة، هي "ماليزيا، إندونيسيا ، تايلاند، الهند، فلسطين، الصومال، السودان، تشاد، بريطانيا، جزر القمر، مالي، كينيا، جنوب إفريقيا، تنزانيا، باكستان، رواندا، كوت ديفوار، سلطنة بروناي" إضافة إلى عدة فروع تحت التأسيس.
واختتم الإمام الطيب عامه التاسع بالتوقيع المشترك مع قداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، فبراير الماضي، في أبوظبي، على وثيقة "الأخوة الإنسانية"، التي تشكل الوثيقة الأهم في تاريخ العلاقة بين الأزهر الشريف وحاضرة الفاتيكان، كما تعد من أهم الوثائق في تاريخ العلاقة بين الإسلام والمسيحية، وهي نتاج عمل مشترك وحوار متواصل استمر لأكثر من عام ونصف بين الإمام الأكبر وبابا الفاتيكان، وتحمل رؤيتهما لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين أتباع الأديان، وللمكانة والدور الذي ينبغي للأديان أن تقوم به في عالمنا المعاصر.