انتصار الزعيم.. وثائق معركة عادل إمام و«الإخوان» حول «الواد سيد الشغال»
قبل ثلاثين سنة، وفى صيف عام ١٩٨٨، كان الحدث الأبرز فى الصحافة الفنية المصرية هو زيارة الفنان الكبير عادل إمام أسيوط، ومغامرته المحفوفة بالمخاطر لاقتحام عرين الجماعات الإرهابية وعرض مسرحيته «الواد سيد الشغال» تضامنًا مع فرقة مغمورة من هواة المسرح أسسها شباب فى قرية «كودية الإسلام»، اعتبرتهم الجماعات المتطرفة من أهل الكفر والفسوق والعصيان، وحاولوا منعهم من تقديم عرضهم المسرحى بالقوة وتقويمهم باستخدام الجنازير والمطاوى، فسقط شهيدان للفن وأصيب آخرون. فى قلب أسيوط عرض عادل إمام مسرحيته وسط تضامن ودعم وحماس من جموع المثقفين والمبدعين، الذين رأوا فيما فعل انتصارًا للفن على الإرهاب.. للحياة على طيور الظلام.
ومن المؤكد أن النجم الكبير يحتفظ بمئات من المقالات التى نُشرت حينها عن الرحلة وتوابعها، ومن المؤكد كذلك أن مقالًا مهمًا عنه وعن رحلته لا يوجد فى أرشيفه، فقط لأن صاحبه لم ينشره.. وننشره هنا لأول مرة. مقال بقلم عبدالرحمن البنّا شقيق المرشد الأكبر لجماعة الإخوان وعضو مكتب الإرشاد، والرجل الذى كان بين المرشحين لتولى منصب المرشد بعد اغتيال شقيقه.. فكيف تقاطعت الأحداث لتجمع بين القيادى الإخوانى وزعيم دولة الكوميديا؟
الإجابة تقتضى أن نستعيد تفاصيل المشهد القديم، لنعرف ونفهم ما الذى ارتكبه عادل إمام حتى يستفز القيادى الإخوانى فيكتب عنه بهذه الحدة؟.
شهادة للفنان: ذهب إلى «وكر الإرهابيين» فى أسيوط لعرض المسرحية تضامنًا مع ممثلى «كودية الإسلام»
عندى شهادة من عادل إمام يحكى فيها ما حدث قبل ثلاثين سنة بالتفصيل: «صيف ١٩٨٨.. ذلك الوقت كانت هناك أزمة القانون ١٠٣ الخاص باتحاد الفنانين، وفوجئنا بأن القانون الجديد يسمح بالتجديد للنقيب أكثر من فترتين، ولم يكن من الممكن بالنسبة لنا نحن الفنانين أن نقف فى صف الديمقراطية وننحاز لها وندعو إليها فى أفلامنا وأعمالنا الفنية ثم نأتى إلى نقابتنا ونعمل عكسها، لذلك وقفت ضد هؤلاء الذين أخرجوا لنا هذا القانون.. وخلال تلك الأزمة قرأت خبرًا فى جريدة (الوفد) يقول إن بعض الممثلين الهواة من قرية (كودية الإسلام) بمحافظة أسيوط ذهبوا لتمثيل مسرحية تحض الناس على التمسك بالأرض وعدم الهجرة، فكانت النتيجة أن قتل أحدهم وتعرض الباقون للضرب بالجنازير والمطاوى، ومنعهم المتطرفون من ممارسة التمثيل بالقوة.. فشعرت بضيق شديد».
«وفى اليوم التالى كتب الأستاذ أحمد بهاء الدين عموده فى الأهرام يطالب بحماية هؤلاء الفنانين الهواة، ولو اقتضى الأمر نزول الجيش بدباباته.. لحمايتهم، شعرت بالحزن والغضب ربما لأننى تبينت أن هؤلاء الفنانين الهواة على مسافة بعيدة جدًا من العاصمة ونجومها، ونحن هنا نتعارك على القانون ١٠٣ ومشغولون به، بينما هم يتحملون القتل والضرب بالجنازير دفاعًا عن الفن، لهذا قررت أننى يجب أن أذهب إلى أسيوط قبل أى شىء آخر».
«قررت أن أذهب للوقوف إلى جوار هؤلاء الفنانين وللدفاع أيضًا عن نفسى وأسرتى ووطنى.. ذهبت لأدافع عن الفن الذى أحبه، لأدافع عن صورتى أمام أولادى لكى يعرفوا جيدًا أن مهنتى ليست حرامًا وأن الطعام الذى يأكلونه والتعليم الذى يتعلمونه وحياتهم كلها ليست حرامًا فى حرام.. ولكن يدركون أننى أكسب أموالى من عرق جبينى ومن خلال أشرف مهنة وهى الفن.. قررت الذهاب لإحساسى بوطنى، لأننى عندما تأملت ما يمكن أن يحدث فى المستقبل إذا استمر هذا الإرهاب الأسود انتابنى الفزع».
«شعرت عندئذ بأن كل كيانى فى حياة استنفار وتأهب، وقلت فى حديث صحفى مع السيدة عائشة صالح فى مجلة (المصور) إننى أريد الذهاب إلى أسيوط لعرض مسرحية (الواد سيد الشغال)، وأريد أن يقتنع الناس بأن الفن ليس حرامًا، وأن مصر بلد يعرف الفن والفنانين منذ أيام المصريين القدماء.. والتقط الخيط الأستاذ مكرم محمد أحمد وسألنى: هل تريد يا عادل أن تذهب إلى أسيوط حقًا، ومَنْ الذى تقترح أن يذهب معك؟».
قلت له: «أنا وفرقتى جاهزين ويا ريت أتسلم دعوة من هيئة ثقافية كبيرة، واقترحت أن تكون جامعة أسيوط حتى تكون للزيارة واجهة ثقافية، لكن رئيس الجامعة وقتها تردد وتهرب وتمت اتصالات بالمحافظة التى وافقت على استضافتى، وعندما عرفت بدعوة المحافظة وافقت على الفور إلى درجة أننى قلت: أنا موافق على الذهاب إلى هناك حتى وإن كان صاحب الدعوة بائع خضار».
«وكان المحافظ وقتها، هو عبدالحليم موسى، وكذلك اتصل بى وزير الداخلية آنذاك وسألنى: يا عادل أنت عندك استعداد فعلًا تروح أسيوط؟.. قلت: طبعًا، وكانت العناصر المتطرفة تحتل شوارع وأحياء وفكر المحافظة.
وأبلغت فرقتى بأننى سأتوجه إلى أسيوط، وأعطيت لكل واحد منهم الحرية الكاملة للاعتذار، لكن جميع أفراد الفرقة أعلنوا أنهم سيسافرون معى وأخذت فرقتى وسافرنا».
وفى أسيوط طلبت أن يحضر الحفلات الجميع، حتى المتطرفون وتحولت أيام إقامة الحفلات فى المدينة إلى أعياد وسعدت بالتجربة إلى أقصى مدى، وبأننى أسهمت مع فرقتى فى إعادة بناء المسرح، ورد الاعتبار لفرقة (كودية الإسلام).. هناك شعرت بأن الناس فى أسيوط يقولون لى: كنت فين.. ليه ما جتش عندنا من زمان؟، وبدأت محلات العصير تستقبل زبائنها، أعيد فتح محلات بيع الكاسيتات وعادت حركة البيع فى الشارع، كأن هناك عرسًا فى أسيوط فى حقيقة الأمر، وكنت سعيدًا بهذه المظاهرة الفنية.. لقد ذهبت إلى أسيوط بمبادرة شخصية وكمواطن مصرى».. هذا ما قاله عادل إمام عن رحلته إلى معقل الإرهابيين.
ولم تكن المغامرة سهلة ميسورة عادية.. بل كانت محفوفة بمشاعر خوف إنسانى، ورهبة من مواجهة شباب متطرف مغسول الدماغ، لا يتورع عن استخدام الرصاص والسكين يغرسها فى صدور الأبرياء باسم الله.. ومحفوفة كذلك بالكارهين، الذين استكثروا على عادل إمام أن ينال كل هذا التقدير وحده، فأطلقوا فى وجهه اتهامات ساذجة من قبيل أنه ما كان يصح فى هذا الموقف أن تذهب إلى أسيوط بمسرحية كوميدية.. وكأن الكوميديا عيبًا.. وكأنه كان عليه أن يجهز مسرحية جديدة من أجل هذه المناسبة.. فى يومين. ومحفوفة بالموتورين من أنصار التطرف الدينى، الذين أحسوا بالخطر على مصالحهم ونفوذهم من تلك الرحلة وصاحبها، وحين كشفت عن تجاوب شعبى هائل ضد التطرف ومن يسانده.. احتفظ فى أرشيفى بعدد من مجلة «الاعتصام» ذات التوجه الإسلامى متزامنًا مع ذلك الحدث، بقلم الأستاذ محمد عبدالله السمان، يحمل فيه بعنف مريب على رحلة عادل إمام إلى أسيوط، مستنكرًا عليه نجاحها، مشككًا فى نواياها.. و.. «لو كان قد قدر لعادل إمام أن يكون فاتح عكا بالأمس، أو يحرر الأرض السليبة اليوم لما حظى بعُشر معشار المقالات التى تمجد بطولته لأنه ذهب إلى أسيوط متحديًا الإرهاب هناك.. حركة مسرحية مكشوفة من أجهزة الأمن فهى المؤلفة وكاتبة السيناريو والمخرجة وواضعة الموسيقى التصويرية».
لا يريد الرجل أن يصدق أن هناك إنسانًا مصريًا شريفًا، يدفعه انتماؤه الوطنى إلى هذا العمل النبيل، وأن يحمل روحه على كفيه ويذهب بقدميه إلى معقل الإرهاب، ثم يواصل الحملة ضده فى فيلم «الإرهابى» الذى كان أول فيلم فى تاريخ السينما المصرية يجرى تصويره تحت حراسة الشرطة.. ما الذى يدفع عادل إمام إلى أن يرهن حياته ومصير أسرته بموقف ليس مضطرًا إليه ولا مجبرًا عليه، فى وقت كان صوت التطرف هو الأعلى، ورصاصاته هى الأقوى؟
شقيق مؤسس الجماعة فى مقال ينشر لأول مرة: «نقف ضد الفن الهابط والمسرح المبتذل»
لم يكن محمد عبدالله السمان وحده الغاضب الحانق على عادل إمام ورحلته، بل كان هناك آخرون من كتّاب التيار المتأسلم أقلقتهم الرحلة ورأوا فيها خطرًا على مصالحهم ومكاسبهم.. وإذا كان السمان قد امتلك الشجاعة لأن ينشر مقالته فإن عبدالرحمن البنّا كتب ما هو أشد قسوة منه.. لكن لم يملك شجاعة نشره.
مقالة عبدالرحمن البنا فى الهجوم على عادل إمام لها قصة فى حصولنا عليها.. فقد كانت تربطنى علاقة طيبة بشقيقه المفكر الراحل جمال البنا الذى كان من كتّاب جريدة «القاهرة» وقت أن كنت من مسئولى تحريرها، وكان الرجل يحمل فكرًا متحررًا ومتصادمًا كثيرًا مع جماعة الإخوان التى أسسها شقيقه الأكبر حسن البنا، ولم تتورع الجماعة عن نبذه والهجوم عليه.. وطلبت مرة من جمال البنا معلومات عن شقيقه عبدالرحمن الذى تفتخر أدبيات الجماعة به وتعتبره المؤسس لما يسمونه المسرح الإسلامى، وطلبنى جمال البنا بعدها ليبشرنى بأنه عثر على الأوراق الخاصة بشقيقه وسيهدينى نسخة منها.
أوراق عبدالرحمن البنا الخاصة التى حصلت عليها كانت مكتوبة بخطه الدقيق المنمنم، ويحكى فيها قصة تأسيسه المسرح الإسلامى وكواليس المسرحيات الثمانى التى كتبها فى سنوات الثلاثينيات والأربعينيات وعُرضت أغلبها على مسرح دار الأوبرا الملكية.. وهذه قصة أخرى.
لكن فى أوراق عبدالرحمن البنا عثرت على هذا المقال الذى لا يحمل تاريخًا، لكن يمكننا أن نستشف أنه كتبه عام ١٩٨٨ عقب زيارة عادل إمام وفرقته المسرحية أسيوط، لأنه يتناول الزيارة ويعقب عليها.. ويهاجمها.
المقال الوثيقة، عنوانه «الواد سيد الشغال.. لا تتعب فنحن نكفيك شر الجهد وبذل المال»
ويقول نصه: «قالت جريدة الجمعة بالأخبار بتاريخ 17/6/1988 تحت عنوان (بأكبر قدر من العلم والجدية وليس بالواد سيد الشغال) أن حملة (الواد سيد الشغال) على أسيوط أو قيام عادل إمام بعرض مسرحيته فى أسيوط متحديًا الجماعات المتطرفة لا تزال تثير ردود أفعال وتعليقات مختلفة. وذكرت أن جريدة الوطن الكويتية تقول نقلًا عن مراسلها فى القاهرة الذى واكب الحملة منذ بدايتها، حتى نهايتها كلامًا طويلًا خلاصته أن عادل إمام يقتحم بالقوة وأن البوليس يضرب الشباب، واستطردت جريدة الوطن أن أفضل تعبير عن هذه التجاوزات هو قول أحد رجال الأمن الذين جاءوا من خارج محافظة أسيوط لحماية عادل إمام وبعثته وهو برتبة لواء تعليقًا على ما حدث: إن المسرحية تافهة ومبتذلة وإن العيال- يقصد الجماعات الدينية- عندهم حق فى رفض هذا الفن.
وذكرت جريدة (الحقيقة) بتاريخ18/6/ 1988 أنه كشفت مصادر أمنية للحقيقة أن تكاليف رحلة عادل إمام إلى أسيوط تقدر بمائة ألف جنيه، وقالت إنه تمت حراسة فرقة عادل إمام بثلاثة آلاف جندى من الأمن المركزى ومئات الضباط.
ونشرت جريدة (الشعب) بتاريخ14/6/1988 بقلم الدكتور أحمد عبدالرحمن وتحت عنوان (الواد سيد الشغال والتحدى الحقيقى) نجتزئ منه قوله: «ومن جهة أخرى يعترض الإسلاميون على الفن الهابط أو مسخرة الفارس ولا يريدون الموت على أنفسهم من الضحك وهذا فى ظنى هو التحدى الزائف بالنسبة لهم، وأما التحدى الحقيقى فهو قبول النزول إلى الحلبة ضد المسرح المبتذل والفن الهابط وإنتاج مسرح إسلامى متميز ورفيع يسحب الجمهور من حالات الفارس المسخرة ويدفع بهم إلى عالم جديد ممتع ومفيد وحلال زلال.. المسرح الإسلامى والقصة الإسلامية والسينما الإسلامية والمسلسلات الإسلامية هى التحدى الحقيقى الذى يتحتم أن يقبله الإسلاميون فى مواجهة الفنون العلمانية الهابطة التى لا تسعى إلى غرض غير الربح ولا يهمها أن تنحط الأذواق وتتدهور الأخلاق وينقلب شبابنا المصرى إلى عصابات من السراق والفساق.. ويختم مقاله بقوله: وبذلك أخليت الساحة الفنية على مستوى العالم الإسلامى كله لمسرح الفارس والأدب الداعر وأدب الفراش دون منافسة تذكر من جانب الإسلاميين، فأقول لهم أنتجوا الفن الرفيع أو تجرعوا الفارس الوضيع، فهل من مجيب وهل من سميع (ووضع علامات استفهامات كثيرة وعلامات تعجب). وإنى أُطمئن الدكتور الفاضل أحمد عبدالرحمن إلى أن فريقنا الإسلامى قائم ومجهز بالمسرحيات الإسلامية الرفيعة والشخصيات المتميزة والمعروفة التى قدمت بالفعل ما بهر الأعين وأثار الإعجاب، ولا تعجب يا أخى إذا قلت لك إن فريقنا ضم توأم عادل إمام وهو الأستاذ عبدالمنعم مدبولى الذى مثّل معنا فى (غزوة بدر) التى مُثلت على مسرح حديقة الأزبكية يوم الجمعة ١٩ رمضان سنة ١٣٦٥هـ، ١٦ أغسطس سنة ١٩٤٦ وكان دوره كوميديًا هو (ضمضم الغفارى) الذى اعتلى قمة جبل أبى قبيس واقفًا على بعيره وقد جدعه وحوّل رحله وشق قميصه وهو يصيح: يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة أموالكم مع أبى سفيان قد عرض لها محمد فى أصحابه لا أرى أن تدركوها وإن أصابها محمد لن تفلحوا أبدا.. الغوث الغوث، ويستمر فى دوره مما لا يتسع له المجال هنا، وإنما يتسع لأسماء بعض فريقنا كالأستاذ الدكتور إبراهيم سكر الأستاذ بالعهد العالى للفنون المسرحية، والأستاذ إبراهيم الشامى نجم المسرح القومى والأستاذ محمد السبع المتميز بمواقفه الإسلامية والدكتور حسين جمعة المخرج المعروف والأستاذ عبدالبديع العربى والأستاذ عبدالرحمن بدوى والأستاذ نظير عبدالجابر والأستاذ محروس عبدالوهاب والأستاذ عزت القاضى ومصطفى شرف والأستاذ أحمد راضى والأستاذ أحمد إبراهيم الديب.
وفى رحلة من رحلات الأستاذ سعد أردش إلى الجزائر تفضل باصطحاب بعض مسرحياتنا معه وأخرج منها للجزائر مسرحية (بنت الإخشيد) فى ١٥ حلقة مذاعة فاسُتقبلت بحماس شديد وأحدثت أثرًا مدويًا.. ولقد رحلنا بفريقنا عدة رحلات فى عواصم الجمهورية وكنا أحيانًا نبيت فى المساجد، ومن الطريف أن بعض العواصم التى مثلنا فيها هى أسيوط التى كنا نعقد فيها الهيئة التأسيسية «للجماعة» عن الوجه القبلى والمنصورة التى كنا نعقد فيها الهيئة التأسيسية عن الوجه البحرى.
ولئن استقبلت فريقنا الجماعة الإسلامية فلن تستقبله بالجنازير (إن صح ذلك) ولكن تستقبلنا بحمد الله وشكره لما وفق إليه.. إن الجماعات الإسلامية بخير وتسير إلى الخير، إنهم شباب عرفوا المحراب والمسجد ومن عرف المسجد والمحراب فسينتظر الوطن منهم كل خير، إنهم يعرفون قيمة الكلمة الطيبة التى تتنافس الملائكة أيهم يرفعها أولًا.
«أيها الناس خذوا عنا إذا رأيتم أن تأخذوا.. أيها الناس من لم يدرك رسول الله فليسع إلينا فقد مشينا فى ركابه، ومن لم يتشرف بالمثول بين يديه فليأتنا فقد وقفنا طويلًا على أبوابه ومن لم يسعد بمطالعة سيرته المطهرة فليسمع ما نتلوه عليه من صفحات كتابه.. عبدالرحمن البنا».
هذا ما كتبه مؤسس مسرح الإخوان وشقيق مؤسس الجماعة عن عادل إمام ورحلته لأسيوط.. ولنا عليه ملاحظات سريعة:
- إن الرحلة تسببت فى حالة من «الذعر» لأنصار الإسلام السياسى، لأنها كشفت عن ضيق الناس بممارسات الجماعات المتطرفة وشوقهم وتعطشهم للحياة والفن وهو ما تجلى فى استقبالهم الأسطورى لعادل إمام وتدافعهم بحماس للفرجة على مسرحيته.. بما يعنى فشل «المشروع الإسلامى» الذى تاجرت به جماعة الإخوان طويلًا.
- الكلام الرقيق الذى تكلم به عبدالرحمن البنا عن الجماعات المتطرفة فى أسيوط رغم علمه بما ترتكبه من جرائم وفظائع باسم الإسلام يدل على أن كل تلك الجماعات الإرهابية خرجت من صلب الإخوان.
- المسرح الإسلامى الذى يتشدق به ويفتخر كان فى مجمله أعمالًا تتسم بالركاكة والإنشائية وليس فيها من الفن المسرحى شيئًا مذكورًا وكان جمهورها من أعضاء الجماعة ومنتسبيها.. كانوا يحتشدون لمشاهدتها بحكم أن مؤلفها من قيادات الجماعة وشقيق مؤسسها وأغلب المشاركين فيها من جماعتهم.
- مات «المسرح الإسلامى» الذى أسسه البنا لأنه ببساطة لم يكن مسرحًا.. ولأنه ببساطة كان يتمسح بالإسلام لأسباب دعائية وسياسية.. لم يعد أحد يتذكر مسرح البنا.. لكن الجميع يحفظ مسرحيات عادل إمام.