17 عامًا على 11 سبتمبر.. بماذا وصف "بن لادن" محمد عطا؟
قبل سبعة عشر عامًا، استيقظت شعوب العالم أجمع وبالأخص الأمريكي، على مشهد طائرتين تنفجران بداخل مبنى برجى التجارة العالميين بمنهاتن فى ولاية نيويورك التى كانت تعد عاصمة الأمن والمال، كان من بين الأسماء المتداولة محمد عطا.
من مواليد محافظة كفر الشيخ، وتربى بالقاهرة، إلا أنه عام 1993 سافر إلى ألمانيا للدراسة، ثم سافر إلي أفغانستان لفترة، وفي عام 2000 سافر إلي أمريكا ومعه مروان الشيحي للدراسة هناك، وأثناء تواجده في أمريكا سافر مرتين إلي إسبانيا.
في أحد أشرطة أسامة بن لادن التي تم بثها بعد أحداث سبتمبر، وصف بن لادن محمد عطا بكونه قائد العملية ولكن والد محمد عطا المحامي المتقاعد محمد الأمير عطا رفض هذا الوصف.
حصل محمد عطا، على بكالوريوس هندسة قسم العمارة من جامعة القاهرة، وبعدها سافر إلى ألمانيا في عام 1993م، وواصل دراسته في جامعة هامبورج في مجال تخطيط المدن وأكمل دراسته فيها عام 1999، وأثناء دراسته كان المشروع الرئيسي له خلال فترة تطبيقه النهائية في جامعة هامبورج الألمانية، هو استطلاع التاريخ المعماري لمدينة حلب ومن اللافت للنظر أن عطا في تقاريره الدراسية انتقد تشويه العمارات الحديثة لجمال المعمار القديم لمدينة حلب، وأثناء دراسته في ألمانيا كان عطا مسجلا في الجامعة كمواطن من الإمارات العربية المتحدة.
انتماءاته الفكرية وأفكاره
كان محمد عطا، من أكثر الشباب في هذا الوقت شغفا بالمشروع الإسلامي، وذلك من خلال محاولاته المستمرة في التواصل مع قيادات الجماعات الإرهابية، والعديد من الشخصيات التي لها أفكار منحرفة، وبدأ في تنفيذ حلمه بالانضمام إلي هذه الجماعات، بعد سفره إلي ألمانيا من ثم إلي أمريكا، وأثناء تواجد عطا بألمانيا بدأت أفكاره تنحو منحى إسلاميا وسافر لأداء مناسك الحج في عام 1995 ويعتقد أنه انضم إلى القاعدة أثناء زيارة الحج.
وفي نوفمبر 1998، انتقل إلى شقة في هامبورج وتقاسم العيش مع اثنين من أعضاء القاعدة وهما سيد بهيجي، ورمزي بن الشيبة، ويعتبر البعض هذه نواة نشوء خلية للقاعدة في هامبورج، وكانت لهذه الخلية اتصالات مع خالد شيخ محمد أحد قيادات تنظيم القاعدة، والذي يعتبره البعض الشخص الذي رسم الخطوط العريضة لأحداث 11 سبتمبر2001م، في عام 1999 قرر الثلاثة السفر إلى الشيشان ليحاربوا الروس ولكن حدث تغييرات في اللحظة الأخيرة وقرر الثلاثة السفر إلى أفغانستان بدلا من الشيشان وفي أفغانستان قابل الثلاثة أسامة بن لادن زعيم منظمة القاعدة، وانخرطوا في أحد المعسكرات التدريبية.
وبعد مقابلة عطا لأسامة بن لادن، وضع تحت المراقبة من قبل وكالة المخابرات الأمريكية، بعد عودته إلى ألمانيا حيث تمت مراقبته والمثير في الأمر أن وكالة المخابرات الأمريكية، أنهت مراقبتها لعطا في 3 يناير 2000 لأسباب لا زالت تثير الكثير من الجدل.
وفي مارس 2000 م، وبينما كان عطا يعيش في هامبورج بدأ بالاتصال مع العديد من مدارس الطيران في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي يوليو 2000 حصل محمد عطا ومروان الشيحي على مقاعد دراسية في مدرسة للطيران في فلوريدا وبعد 5 أشهر حصل الاثنان على رخصة لقيادة الطائرات من نوع بوينغ 727، وسافر خلال فترة وجوده في أمريكا مرتين إلى إسبانيا، حيث يعتقد أنه التقى برمزي بن الشيبة هناك وتم تنسيق الدعم المالي للأعضاء الآخرين من تنظيم القاعدة، الذين كانوا يدرسون في معاهد طيران متفرقة في أمريكا.
وخلال هذا اللقاء أبدى محمد عطا مخاوفه من احتمالية عدم قدرة زياد سمير جراح على الاستمرار وزياد كان قائد الطائرة التي كانت من المفروض أن تستهدف البيت الأبيض ولكنه فشل وقد اتفق عطا وبن الشيبة على إرسال زكريا موساوي كبديل احتياطي لسمير جراح في حال عدم تمكن جراح من القيام بالمهمة. حدثت في هذه الفترة الكثير من الأحداث الثانوية التي لم تثر في وقتها أية شكوك ولكن تمت إثارتها فيما بعد من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي كأدلة على ما وصفوه بعجز المخابرات الأمريكية في ملاحظة بوادر الخطر ومنها استقباله في مطار أورلاندو الدولي في 4 أغسطس 2001، لمحمد القحطاني الذي منع من مغادرة المطار لكونه "مشبوها".
وفي 23 أغسطس 2001 تمت مصادرة "إجازة سوق" محمد عطا بعد عدم مثوله في محكمة المخالفات المرورية، وفي 30 أغسطس 2001 أرسلت المخابرات المصرية قائمة تحتوي على 19 اسما لوكالة المخابرات الأمريكية، وأعلنت المخابرات المصرية وقتها أن هؤلاء الأشخاص يخططون لشيء ما، وكان عطا على رأس القائمة وكان هناك الكثير من المبالغ التي يتم تحويلها من وإلى حساب عطا، ولكن المخابرات الأمريكية عجزت عن ربط كل هذه الأحداث المتفرقة.
وأثناء المقابلات التي أجريت بعد أحداث سبتمبر 2001م، مع زملاء دراسة سابقين لـ"عطا" قال: البعض منهم إنه كان ذا أفكار معادية لسياسة بعض الدول الغربية تجاه العرب، وبالتحديد ذكر بعض الزملاء مواقف عطا المعادية لاتفاقية أوسلو وحرب الخليج الثانية وما وصف من قبل عطا بدعم الولايات المتحدة لدولة إسرائيل، وفي تقارير نشرت فيما بعد من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي في 22 يوليو 2004 ذكر أن عطا كانت له أفكار معادية للصهيونية وكان يعتبر مدينة نيويورك مركزا عالميا للحركة الصهيونية، وذكر التقرير أيضا أن عطا كان يعتبر صدام حسين مسئولا عن إعطاء الأعذار للولايات المتحدة الأمريكية لتدخل في منطقة الشرق الأوسط.
مواقفه المتطرفة
ظل محمد عطا، يجهز نفسه للقيام بمهمة كبري، حتي إذا جاءت الفرصة يصبح مستعدًا لذلك، مما جعله من الشباب الذين وقع عليه الاختيار، من قبل قيادات تنظيم القاعدة للقيام بالمهمة، وهي تفجيرات برج التجارة العالمي، حيث في 10 سبتمبر 2001م، قام محمد عطا وعبدالعزيز العمري، بالسفر من بوسطن في ماساتشوستس، إلى مدينة بورتلاند، في ولاية مين Maine، وقضيا الليلة في أحد الفنادق هناك، وفي صباح 11 سبتمبر 2001، ذهب الاثنان إلى مطار بورتلاند الدولي واستقلوا في الساعة السادسة صباحًا، إحدى الطائرات التابعة لخطوط كولغان Colgan Air، المتوجهة من بورتلاند إلى بوسطن، بدأت الطائرة بالتحليق في الساعة 7:59 صباحًا وكانت تحمل 81 مسافرًا في الساعة 8:28 اي بعد نصف ساعة من التحليق، انقطع البث الداخلي الطبيعي في الطائرة وسمع الركاب صوت محمد عطا من خلال الميكرفون الرئيسي يقول لهم حافظوا على الهدوء.
حصلت بعض التغييرات وسوف نرجع إلى مطار بورتلاند، وبعد 19 دقيقة من هذا الإعلان وفي تمام الساعة 8:47 صباحًا، بتوقيت نيويورك، ارتطمت الطائرة بالبرج الشمالي لمركز التجارة العالمي في نيويورك بأمريكا، وبسبب التأخير الذي حدث في إقلاع الأولى.
إن حقائب المسافرين في تلك الرحلة بقيت في المطار وتم العثور فيما بعد في حقيبة عطا على ملابس طيار ودليل لقيادة الطيارات، وأربعة أوراق مكتوبة بخط اليد باللغة العربية، والتي ترجمت فيما بعد واكتشف أن نسخًا من نفس الأوراق كانت موجودة على الطائرات الثلاث الأخرى، التي استعملت في العمليات الانتحارية الأخرى في نفس اليوم، والنص المترجم لهذه الأوراق يحتوي بما يشبه التعليمات منها على سبيل المثال، أقسم على أن تموت، ويجب أن تشعر بالسكينة لأنك تبعد مجرد خطوات عن الفردوس، واحرص على أن يكون سكينك حادًا.
ويقول خالد شيخ محمد مسئول الجناح العسكري بتنظيم القاعدة، بدأنا التخطيط لغزوتي واشنطن ونيويورك قبلها بعامين ونصف العام، كان لدينا فائض كبير في الإخوة الذين تملؤهم الرغبة في الشهادة، وعندما بدأنا نتدارس الأهداف، برزت أمامنا فكرة ضرب المفاعلات النووية، واستبعد الخيار النووي فيما بعد خشية خروجه عن السيطرة، ثم عندما أوفدت اللجنة العسكرية وحدات استطلاع على دفعات متفرقة استبعد أيضاً البيت الأبيض لأسباب ملاحية، استقر الرأي على تلك الأهداف التي اتفق رمزي بن الشيبة مع محمد عطا على ترميزها في إطار خطة سرية للاتصال.
وفي هذه الأثناء كان عطا قد انتهى من أطروحة الماجستير، حصل على أعلى درجة عن أطروحة صدَّرها بهذه الآية الكريمة من سورة الأنعام: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، مرَّ عطا بعد ذلك لمحًا بباب أستاذه مرة أخيرة.