رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قصة الداعشي الفاشل.. وصايا الرحلة الأخيرة

جريدة الدستور

هي قصة لأحد الدواعش المصريين الذين بلغو الاربعين من العمر، عاصر جيل الثمانينيات من الجهاديين وانضم لتنظيم طلائع الفتح الذي حكم علي كثير من عناصره بالمؤبد والاشغال الشاقة في بدايات التسعينيات من القرن الماضي، حاول بكل الطرق ان يلحق بأرض الخلافة الموعودة، ذلك الحلم الذي يتمناه بعض الجهاديين وعندما يصل يجد نفسه أمام سيل جارف من الحقائق، فيفيق علي كم من الأكاذيب والصدمات المروعة.

يطلق هذا الداعشي علي نفسه كنية أبو مودة "العقاب المصري" ويعرفها فيقول: " بداية، لمن لا يعرفني أُنا من أرض الكنانة المغتصبة، حاولت مرارا أُن أُنفر إلى ربوع الخلافة، فحاولت في البداية الهجرة إلى ولاية سيناء ولكن فُشلت محاولتي لأسباب منها الاستنفار الأمني على طول الطرق وعدم وجود نُقطة التقاء يُمكن الوصول إُليها".

ويستكمل الداعشي الذي بدأ نشاطة الفاشل فحاول ان يتواصل مع جميع العناصر التي تستطيع ان توصله بالتكفيريين من دعاة دولة الحلم والوعد المفقود متصورا انه وعدا غير مكذوب فيقول " " تواصلت مع إخوة في الشام والعراق، ففشلت تلك المحاولة أُيضا لأسباب أمنية تمنعني من استخراج جواز سفر، ثم تواصلت مع إخوة في ليبيا للهجرة بلا أوراق بطريقة التهريب عبر الحدود؛ وأيضا فشلت تلك المحاولة لعدم وجود تزكية، وهذا مما لا لوم فيه على الإخوة هناك لحساسية وضعهم الأمني".

ومن فشل الالتحاق بدولة الخلافة المزعومة إلي فشل الإلتحاق بكتائب القاعدة في ليبيا فيقول:" فشل يلو فشل، ومحاولة بعد محاولة إلى أن بدأت أفقد الأمل، حتى سألت نفسي ذات ليلة: لم لا أجاهد من مكاني؟!"

هكذا تفتق ذهنه في البداية إلي فكرة شيطانية وخاصة بعد سماع توجيهات أبو محمد العدناني المتحدث السابق لتنظيم داعش وقراءة كتاب أبو مصعب السوري، مما يفسح المجال ويفسر بعض تلك العمليات والتهديدات التي كانت تحدث دائمًا في بعض الأمكان ويكون الفاعل دائمًا مجهولًا.

الجهاد المكاني
وتفتق ذهنة الشيطاني فخرج بفكرة استقاها من الكتابات السابق ذكرها أو ما عرفت فيما بعد بـ "ذئاب المنفردة" أو "الجهاد المكاني" وهو عدم الإرتباط بالتنظيم وفي نفس الوقت العمل علي تطبيق مبادئة واهدافه، فكر ثم فكر ثم خرج بفكرة يقول عنها: " بقيت أُفكر في سبيل للجهاد من مكاني، وخطرت لي عدة أفكار، فُقمتُ عُلى اُلفور بُتحميلُ كتبُ وُمخططات تحوي شروحا لُاستراتيجيات الذئاب المنفردة، وأخرى تشرح طرق صنع العمليات... ولكني وجدت أن هذه الطريقة مهلكة، حيث لا علم لي بخصائص العناصر الكيميائية والتعامل مع مواد شديدة الإنفجار وهذا ما حدث لأحد العناصر الإرهابية فُي إحدي المحافظات المصرية فنسف ننفسه ومنزله في مُحاولة لصنع عُبوة ناسفة وهذه الخسائر التي تعرض لها لا تُقارن بما تعرض له بقية العناصر في بلدته من اعتقال ".

ويكشف الداعشي الفاضل عن نفسة بعد ذلك فيقول " تألمت كثيرا، إلى أن ظهر بين يديُ أمل جديد بين سطور كُنت قرأتها من قبل دون أن التفات لفوائدها، فقمت بتحميله وهذا الأمل لاح لي من بين صفحات كتاب "إدارة التوحش" لأبي بكر ناجي وقرأته، ثم قرأته، ثم أُعدت القراءة من شدة انبهاري وإعجابي بتلك العقلية الفذة وصاحبها ".

خطة الإرهاب الثلاثية 

وكانت الخطة التي استقاها الداعشي الفاشل من كتاب إدارة التوحش لمؤلفة ابو بكر ناجي كفيلة بـ "وُضع خطة للوصول إلى دولة إسلامية مُمكنة وذات شُوكة وقد وضع لها مراحل ثلاث وهي باختصار:

الاولي: مرحلة النَّكاية والإنهاك، وتشمل اُلقيام بعمليات نكائية لإنهاك الحكومة أو النظام.

الثانية: مرحلة إدارة التَّو حش أو إدارة ما يعرف بالانفلات الأمني.

الثالثة: مرحلة شوكة التَّمكين.

وهكذا توصل لتدرج في عدة مراحل للقيام وتنفيذ أفكارة الإرهابية ولكن لكل عمل إرهابي نهاية ودائما ما تكون نهايته الفشل فقدم علي سلسة من الافكار التدميرية التي تفضح هؤلاء القوم. 

سلاح الإرهاب

كثيرا ما يرفض بعض الإرهابيين وصمهم ووصفهم بهذا الوصف "إرهابي" ولكن أبو العاقب المصري لا يجد غضاضة في وصف نفسه بأنه إرهابي وأعوانه بانهم إرهابين فيقول " وقد اُكتشفت سلاحًا رهيبًا عطله معظم المناصرين في مصر تحديدا، هو سلاح فتاك لا بديل عنه، و لابد من استعماله في كل البلاد التي لم تصلها طلائع الفتح بعد ليكون تمهيدا لوصولها؛ ألا وهو "الإرهاب".

وضع ابو العقاب المصري في كتابة او اصداره الهام والذي فضح فيه خططه الشريرة وأفكاره السامه والذي سماه "الإرهاب السلاح المعطل" خطة لإستهداف جميع المرافق والمصالح الحكومية والمركزية في البلاد لتنفيذ استراتجية الإنهاك والتوحش. 


أفعال صبيانية 

وفي حين غفوة من عناصر الأمن وما أكثر هذه الأحيان.. أعترف ابو العقاب المصري الداعشي الفاشل أنه كان يكتب عبارات علي الحوائط والجدران تهدد بُالنسف أُو اُلتفجير، بخط وُاضح كتلك العبارة: "تحذير لعامة المسلمين، يرجى الابتعاد عن محيط القسم".

وهنا يدخل الذعر والرعب علي قلوب المواطنين ثم لتفعيل التهديد يقوم بالاتصال بالطوارئ، ولا يكتفي بهذا الخطة الشيطانية فقط بل ويقوم بالإبلاغ عن مخططين وهميين سمعتهم مصادفة يخططون ويستعددون لُنسف هذا القسم أوهذا المركز، طبعا بعد أخذ الاحتياطات الأمنية والإبتعاد عن مكان التبليغ بمسافة آمنة مناسبة تمكنك من متابعة ما سيحدثبعد ذلك .

ثم يعدد  الداعشي الفاشل حالة الإرباك التي ستحدث لهذا القسم الذي سيتلقى هذا البلاغ الكاذب من حيث القبض علي المشتبه فيهم وكذلك تعطيل مصالح الأمنين من المواطنين في السير في هذه المنطقة والحركة بحرية، والغريب أنه يتشفي في الناس البسطاء وما سيحدث فيهم من جراء بلاغة الكاذب نتيجة عدم التحاقه بدولة الوهم والخلافة الموعودة التي فشل هو في الإتحاق بها او بأذيلها الأخري في أي من الدول المجاورة التي ترعي الإرهاب.

ويستكمل الداعشي الفاشل فيقول: " انه كان يطبع رآيات سوداء ومنشورات تهديد بالاقتحام والتفجير و النسف، ويقوم بإلصاقها على مقرات الأمن أو المباني المواجهة لأقسام الشرطة ومراكز قوات الأمن".

ما طرحة أبو العقاب المصري مؤخرا في رسالة "الإرهاب السلاح المعطل" لهو سيناريوا العمليات الإرهابية التي تنفذ كل فترة من التهديد بإلقاء قنبلة في مكان ما أو التهديد بنزع الإستقرار في مكان آخر، من أجل ترويع الأمنين وإدخال الذعر والرعب في قلوب البسطاء من الناس ليمنعهم من الحركة والمضي قدما في مسيرة الحياة. 

إن كشف هذه المخططات بات عملاً دينياُ  من المقام الأول، وواجباً وطنياً لما تحتوية هذه المخططات من تدمير للوطن والمواطنين.