كيف استغلت الجماعات المسلحة بسوريا الضربة «الثلاثية» لصالحها؟
تباينت ردود أفعال التنظيمات الإرهابية، والفصائل السورية المسلحة حيال ضربة الثلاثي "الأمريكي البريطاني الفرنسي"، على العاصمة دمشق، وسريعا استغلت الأبواق الإرهابية الأحداث، وشاركت عناصرها في الانقضاض على قوات الجيش السوري وفتح معارك موازية معه في جبهات القتال، مستخدمين بذلك إستراتيجية عدو عدوي صديقي.
ولاقت التهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكي بشن هجمات على مواقع للنظام السوري، التي نفذت فجر السبت على مواقع عدة، حالة من الاستحسان بين التنظمات الإرهابية، وخرج مفتي إرهاب الفصائل عبدالله المحيسني، بفتوى تؤكد أن الضربة ما هي إلا فرصة ذهبية ثمينة لا يمكن تعويضها، وكنز يجب استغلاله لتطهير المناطق التي يسطر عليها قوات النظام السوري، وإعادة "زمام المبادرة"، والثورة السورية إلى مجرياتها، حسب قوله.
وسعت الفصائل الإرهابية وعلى رأسها هيئة تحرير الشام، وحراس الدين، إلى المطالبة بسرعة تحقيق الضربة الثلاثية، وضرورة تأهب العناصر واستغلال الضربات للانقضاض على القوات السورية حال وقوع الضربة، وانتهاز الفرصة واستغلالها لصالحهم، وفتح معارك موازية لقصف مواقع النظام السوري، منوهين أن الأمر سيحقق تقدما سريعا على حساب النظام الذي ستكون معنوياته منهارة وطائراته متوقفة أثناء وقوع الضربة.
وعممت هيئة تحرير الشام، بيانًا تحذيريًا للمدنيين المتواجدين في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، بضرورة الابتعاد عن المناطق العسكرية والمطارات وغيرها، بالإضافة إلى عدم رفع الأعلام السورية فوق أسطح المنازل، باعتبارها أهدافًا سهلة، موجهةً عناصرها بضرورة التواجدي في درعا والقنيطرة، بسرعة التأهب والاستعداد تحسبًا لانهيار قوات النظام السوري، حسب تصوراتهم.
تنظيم داعش الإرهابي، استغل هو الآخر الضربات الأمريكية، على طريقته الخاصة، بعيدًا عن الترويج بالبيانات والتعميمات، التي استخدمها عدد من الفصائل السورية المسلحة، إذ شن العديد من العمليات الإرهابية في مناطق متفرقة من سوريا، وشن عناصره هجمات على أطراف مدينة البوكمال ضد قوات النظام السوري هناك، استهدف من خلالها ثكنة عسكرية من خلال صاروخ موجه في قرية الغبرة، وإعطاب آلية عسكرية بصاروخ آخر، ومقتل 3 عناصر من قوات الجيش السوري قنصًا.
وقبيل الضربة الأمريكية التي وجهت للعديد من مواقع النظام التي استهدفها الثلاثي "الأمريكي الفرنسي البريطاني"، وجهت العديد من الدعاوى والنداءات السريعة للفصائل والتنظمات الإرهابية في سوريا، بضرورة استغلالها والقيام بأكبر عمل عسكري سريع على المواقع التي يسيطر عليها النظام السوري.
الدعاوى التي وجهت للفصائل والتنظيمات الإرهابية، حددت طرق التعامل وقت حدوث الضربة العسكرية، وطرق استغلالها عن طريق سيناريو مكبر بضرورة استعادة القرى والبلدات التي سيطر عليها النظام السوري في أسرع وقت منهم، منوهين أن القوات السورية عقب الضربة ستدخل قواته في حالة تخبط وستنقطع الاتصالات المباشرة مع القيادة، وستتوقف الطائرات السورية عن الإقلاع، وسيتم قطع الإمدادات.
في سياق متصل، دعا القيادي بجماعة الاخوان بالأردن زكي بني أرشيد، إلى ضرورة إجراء مصالحة مع النظام السوري، مؤكدًا أن جميع المحاولات الدولية فشلت ولم يبق إلا الحل الداخلي الذي يصنعه السوريون أنفسهم، لافتًا إلى ضرورة عقد مفاوضات مع الرئيس السوري بشار الأسد، وضرورة إجراء مصالحة معه.
وعلى صعيد المدنيين، لاقت الضربة بينهم مواقف متغايرة، بين مهتم بها وغير مهتم، إذ أكد فراس المرحوم، مدير مكتب هيئة الإغاثة الإنسانية الدولية، بالغوطة السورية، أن الضربات الثلاثي "الأمريكي البريطاني الفرنسي"، وقعت في مناطق تحت سيطرة النظام السوري، وليس في المناطق المحررة، لافتًا إلى أنها عقاب للنظام السوري على ما اقترفه في مدينة الغوطة، وتهجير أهلها.
وأضاف فراس في تصريحات لـ"أمان"، أن المهجرين من الغوطة الشرقية ودوما في حالة استيعاب الصدمة بعد ترك ديارهم والعيش في مناطق مهجرة، ليس لديهم أي اهتمام فعلي بالضرة التي وقعت فجر السبت، موضحًا أن الضربات هي لامتصاص غضب الشعوب عن السكوت عما يحدث بسوريا، وأكثر من 100 صاروخ لا تساوي شيئا، ولا يوجد أي خسارة بشرية للنظام من الضربة، وينطبق عليها المثل القائل "الضربة الي ما بتكسر بتقوي".
فيما أكد هيثم بكار، أحد شهود العيان على مجريات الأمور داخل الغوطة، وأحد المهجرين من المدينة، في تصريحات خاصة لـ"أمان"، أن أهالي الغوطة الشرقية ودوما ليسوا مهتمين بما يحدث من ضربات على النظام السوري، ولكن هدفهم الأساسي هو البحث عن أماكن للعيش فيها والبحث عن قوت يومهم، موضحًا أن أغلب المهجرين لا يعلمون بوقوع ضربة على مواقع للنظام السوري داخل العاصمة دمشق، نظرًا لانقطاع شبكة الانترنت عنهم، مؤكدًا أن ما يشغل بال المهجرين هو تأمين مأوى وطعام وأموال لأولادهم، ولا يكترثون لما حدث في العاصمة.
يذكر أن المواقع التي تم استهدافها بدمشق من قبل الثلاثي "الأمريكي البريطاني الفرنسي" فجر السبت في العاصمة دمشق، هي "الحرس الجمهوري لواء 105، وقاعدة دفاع جوي بجبل قاسيون، ومطار المزة العسكري، ومطار الضمير العسكري، واللواء 41 قوات خاصة، ومواقع عسكرية قرب الرحيبة في القلمون الشرقي، ومواقع في منطقة الكسوة، والبحوث العلمية ببلدة برزة، والبحوث العلمية ببلدة جمرايا".