حرب ضد فقراء العالم
«إنها حرب على فقراء العالم».. خمن معى من هو قائل هذه العبارة؟ إنه ليس مفكرًا متمردًا، ولا ناشطًا ضد النظام العالمى، ولا قياديًا يساريًا فى حزب ما، ولا المتمرد الأشهر فى التاريخ «تشى جيفارا»، لكنه وللغرابة أمين عام الأمم المتحدة الحالى «أنطونيو جوتيريش».. الذى لم يجد ما يفعله إزاء الحرب «الأوكرانية- الروسية» سوى أن يعلق، عبر حسابه الشخصى على موقع تويتر!! وكأن لسان حاله يقول إن ما فى يده حيلة، وإنه لا يملك إزاء صراع الجبابرة سوى أن يعبر عن وجهة نظره كواحد من ستة مليارات إنسان يعيشون على ظهر هذا الكوكب، وأن يحاول أن ينصف ثلاثة مليارات فقير يدفعون ثمن ما لا دخل لهم به.. زاد عددهم ربع مليار فقير جراء أزمة كورونا.. ومن المنتظر أن يزيد بنسبة أكبر من جراء الحرب الدائرة على أرض أوكرانيا.. هذه الملايين التى تدخل فى نطاق الفقر على مستوى العالم هى أنا وأنت وهو وهم.. والمعنى أننا ندفع نصيبنا فى مصر من هذه الفاتورة المجحفة والظالمة لهذه الحرب التى لم نكن أبدًا طرفًا فيها.. لقد مضى الرجل قليل الحيلة والعاجز عن إيقاف الحرب أو حتى إنصاف الفقراء فى شرح وجهة نظره قائلًا «إن الحرب فى أوكرانيا هى هجوم على أضعف الأشخاص والدول فى العالم.. حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والوقود والأسمدة بشكل كبير تضرر منه أشد الناس فقرًا، وزرع ذلك بذور الاضطراب السياسى وعدم الاستقرار والاضطرابات فى جميع أنحاء العالم»!.. انتهت تغريدة الأمين العام للأمم المتحدة، والذى يعرف ماذا يقول.. ولماذا يقول.. وتستطيع أن تسأل نفسك هل الهدف هو «زرع بذور الاضطراب السياسى وعدم الاستقرار والاضطرابات»، كما يقول الأمين العام للأمم المتحدة؟؟.. هل الهدف أن يتخلصوا منا جميعًا كما يقول بعض أنصار نظرية المؤامرة «بدأت أصدقهم منذ شهر تقريبًا»؟؟.. هل الهدف أن يقتل الفقراء بعضهم بعضًا بينما قلة قليلة من جبابرة العالم تنعم فى حياتها المرفهة وتتصارع من أجل مزيد من المكاسب؟؟ أنا أقول ربما.. وكل شىء وارد.. تصريح الأمين العام نفسه حمال أوجه.. فنحن لا نعرف من المسئول عن معاناة ملايين الفقراء فى العالم.. هل من بدأ الحرب؟ أم من استفزه كى يبدأ الحرب؟ وما علاقتنا نحن كدول نامية تكافح كى تقف على أقدامها بهذا الصراع؟؟ ثم هؤلاء الذين يتصارعون على مصالح بمئات المليارات والتريليونات.. أليس من حق الفقراء فى العالم أن يساعدوهم؟ أن يوقفوا معاناتهم؟ أن يعوضوهم عن هذا الغلاء والمعاناة والتضخم لأسباب لا دخل لهم بها، والذى هو جراء صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟.. هل نحن الذين سربنا فيروس كورونا من المختبر الصينى؟ هل نحن الذين تباطأنا فى مواجهته واستخففنا به؟ هل نحن الذين أشعلنا الصراع فى القرم؟ هل نحن الذين استفززنا؟ هل نحن الذين اقتحمنا؟؟ وإذا كانت الإجابة هى لا على طول الخط فلماذا ندفع الثمن؟.. أيًا كانت الإجابة فما أعرفه أننا هنا فى مصر ومعنا دول وشعوب أخرى فى أزمة أو فى شدة أو فى حرب وهو أمر مؤقت وعابر بإذن الله.. والشدة هى التى تكشف لك العدو من الصديق، وهى ستكشف عن المعدن الأصيل لهذا الشعب، لا تعنينى شماتة الخائن، ولا نواح العميل، ولا تصفية الحسابات ممن يتحدثون باسم الفاسدين والخاسرين.. هؤلاء حسابهم عند ربهم.. يعنينى أهلى وناسى، يعنينى أن تستمر الدولة فى رعاية البسطاء والفقراء بمزيد من الإجراءات والخطوات.. يعنينى أن يمشى الموسرون فى طريق التدين الصحيح لا تدين الحفلات والصالونات، يعنينى أن نطبق قول الرسول الكريم «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلى مَنْ لا ظَهْرَ لَهُ، وَمَن كانَ لَهُ فَضْلٌ مِن زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَن لا زَادَ لَهُ».. والمعنى واضح، يعنينى أن نعى الحديث الشريف «ما نقص مال من صدقة».. يعنينى أن نفهم أن الرسول فى بداية الهجرة آخى بين المهاجرين والأنصار.. بمعنى أن كل مسلم من أهل المدينة تحمل نفقات حياة مسلم آخر من أهل مكة بالكامل حتى يستطيع أن يبدأ حياته وأن يقف على قدميه، لا يعنينى تنظير جنرالات المقاهى فى الاقتصاد والسياسة، فالسفينة أقلعت فعلًا ونحن فى منتصف البحر، والتنظير لن يجعلنا نواجه العاصفة، بل سيشغلنا عن إجراءات المواجهة، من يحب هذا البلد فليسهم بالفعل والعمل والتطوع والتبرع، أو لينعم علينا بصمته أو «ينقطنا بسكاته».. لا أملك إلا أن أدعو الله أن يخفف الكرب ويوقف الحرب، وأن يكشف الغمة، ويغيث الأمة، إنه على كل شىء قدير رغم تفاهة المدعين وشماتة الشامتين وخيانة الخائنين إنه سميع مجيب.