تحليل: الغرب يواجه تحديا مزدوجا من أوضاع روسيا الداخلية وتحركاتها الخارجية
بعد نحو أسبوعين من قرار غزو روسيا لأوكرانيا، لا يزال الوضع يحمل قدرا كبيرا من الغموض فيما يتعلق بأفق العمل العسكري ونهايته وتداعياته سواء على روسيا نفسها أو محيطها والعالم ككل.
ويقول الباحث البريطاني يانوش بوجاجسكي، وهو أحد كبار الزملاء في مؤسسة جيمس تاون في واشنطن العاصمة ومضيف برنامج تلفزيوني بعنوان "ساعة بوجاجسكي" يُبث في البلقان، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست، إن موسكو تمثل تحديا مزدوجا للغرب، ما بين طموحاتها الإمبريالية الجديدة، كما يتضح من الغزو الشامل لأوكرانيا، بجانب الاحتمال الذي يلوح في الأفق لتمزق الدولة الروسية.
وفي حين تم كتابة الكثير عن توسع موسكو، كان الاهتمام أقل بالنسبة للركائز الهشة للاتحاد الروسي.
ويرى بوجاجسكي أن العاملين يرتبطان ارتباطا وثيقا، حيث سيصبح الكرملين أكثر عدوانية دوليا لإخفاء تصدعاته الداخلية.
وأقنعت المشاكل الداخلية المتصاعدة موسكو بأن استراتيجية السياسة الخارجية الأكثر جرأة وخطورة يمكن أن تحقق فوائد محلية من خلال حشد المواطنين حول "روسيا الحصينة"
وإسكات المعارضة.
ومع ذلك، فإن هذا سوف يرتد ضد النظام إذا طال أمد الحرب في أوكرانيا بشكل مكلف مع فرض عقوبات شديدة، وإن إعادة الإمبريالية والتشرذم على حد سواء سيواجهان التحالف الغربي بقرارات سياسية حاسمة في ردع هجمات روسيا والدفاع عن نفسها مع التعامل مع زوال روسيا كدولة واحدة في نفس الوقت.
واتبع الكرملين سياسة استعادة الإمبريالية من خلال تقسيم الدول على طول حدوده، وتقويض النفوذ الأمريكي في أوروبا، وتقويض حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وتحسر الرئيس فلاديمير بوتين على انتهاء الاتحاد السوفيتي ليس فقط باعتباره كارثة، بل وأيضا باعتباره زوال "روسيا التاريخية".
وينظر الكرملين إلى "قطب قوته" على أنه يتكون من أوراسيا ، أو الكتلة الأرضية لشمال أوراسيا، وأكبر قدر ممكن من أوروبا ، وخاصة تلك المناطق التي كانت جزءا من المجال الروسي في الحقبة السوفيتية أو حتى القيصرية.
ويقول بوجاجسكي إنه بخلاف الدول الإمبريالية الأخرى التي تخلصت وحررت نفسها من إمبراطورياتها في الخارج، تحتاج روسيا إلى التحرر من نفسها، فأصبحت روسيا إمبراطورية قبل أن يصبح الروس أمة وقبل أن تتطور روسيا إلى دولة قومية.
وركزت روسيا كإمبراطورية على حجمها الإقليمي وأهملت إلى حد كبير بناء الأمة.
وتوسعت بشكل متجاور من خلال دمج العديد من المجموعات العرقية التي لا يمكن استيعاب هوياتها الوطنية بالكامل وإضفاء الصبغة الروسية عليها.
وحتى بعد تفكك الاتحاد السوفيتي ، كانت الأراضي التي خسرتها موسكو أصغر من تلك التي استسلمت لها الإمبراطوريات الغربية بعد إنهاء الاستعمار.