الجوت
المحاصيل الزراعية بـ تحتاج تتجمع، وتتخزن، وتتنقل، والفلاحين كانوا (وما زالوا) بـ يعملوا دا في أشولة (بـ الفصحة: أجولة، جمع جوال)، والأشولة دي كانت بـ تتصنع كليشنكان، فـ بعد يوليو، جمال عبد الناصر قرر يعمل مصنع مخصوص لـ صناعة الأشولة دي، اللي بـ يسموها برضه "الجوت".
نعمل المصنع فين؟
كان فيه الكلية الحربية في مدينة بلبيس، وكان قصادها مساحة مناسبة ييجي 120 فدان، فـ قال لك: نعمل المصنع دا هنا، اللي اتعرف بـ اسم "جوت بلبيس" وكنا في سنة 1958.
المصنع جذب عمال كتير، حوالي 6 آلاف عامل، وعلى حس العمال، هـ تنشأ حياة كاملة، وخدمات كتير، ومنطقة تقدر تقول صناعية، وعملوا مستشفى وسينما ومسرح، وحاجات كتير، وكان طبيعي يبقى فيه نادي رياضي لـ خدمة كل هؤلاء، وكان النادي دا يحمل اسم المصنع، نادي "جوت بلبيس"، اللي أسس فريق لـ كرة القدم.
نادي جوت بلبيس فضل يلعب في الدرجات الأدنى، ويحاول الصعود، وما ينجحش، ويحاول تاني، لـ حد ما وصلنا صيف 1977، اللي قدروا فيه إنهم يكسبوا معركة الصعود لـ الممتاز، فـ كانت مشاركتهم في موسم 1977-1978.
خلينا بس نقول إنه فيه ناس بـ تخلط بين نادي "جوت بلبيس" دا، اللي شارك في الدوري الممتاز، ونادي بلبيس الرياضي اللي بدأ فيه عماد متعب، وبدأ فيه الونش كمان، إنما "بلبيس" موضوع تاني، وهو أقدم بـ كتير من جوت بلبيس، لكنه لم يشارك مطلقا في الممتاز، اللي لعب هو الجوت، أيام ما كان عندهم قدرات مالية كبيرة.
في مشاركة الجوت الوحيدة، ما تقدرش تقول قدموا مفاجآت، أو حاجة مميزة، اللهم إلا الفوز على الاتحاد السكندري، وعلى البلاستيك، لكن معظم المباريات كانت زي ما الجميع ساعتها متوقع، وإن كان فيه كام اسم وقتها بـ يترددوا بين الجماهير، أهمهم وسيم الشنواني، ومحسن الأمريكاني، وفي نهاية الموسم هبطوا.
هم بس كان حظهم حلو شويتين، إنه الموسم اللي صعدوا فيه كان النقل التلفزيوني بدأ ينتظم، والتلفزيون نفسه بقى في بيوت كتير، وصفحات الرياضة في الجرايد زادت، وانتشرت صحف مهتمة بـ الكورة من بابها، فـ اسم جوت بلبيس كان يتردد كثيرا، خصوصا لما يقدموا ماتش حلو، حتى لو اتغلبوا في النهاية، زي ماتش الزمالك اللي خسروه 2/صفر، ووسيم الشنواني ضيع بنالتي، أو ماتش الأهلي اللي خسروه واحد صفر بـ هدف ذاتي.
رغم الهبوط، فضل جوت بلبيس سنين في الدرجة التانية، بـ يعافر تاني، عشان يصعد الممتاز تاني، لكن يوم بعد يوم، كانت الدنيا بـ تبقى أصعب، خصوصا إنه المصانع اللي بناها عبد الناصر دي، كتير منها ما حققش الجدوى الاقتصادية منه، وبقى استمرار الإنفاق عليه صعب، وكله دخل في مفرمة العرض والطلب، وبدأت سياسة الخصخصة، فـ ما كانش فيه استثمار لـ المجال اللي اتبنى عليه المصنع، وبـ التالي كل ما نشأ على هامش المصنع، فـ عدد العمال فضل يتقلص يتقلص يتقلص، ومن 6 آلاف بقوا 100 وشوية، وسبحان من له الدوام.
كان طبيعي إنهم يحلوا فريق الكورة في التسعينات، فـ خلاص ما بقاش فيه نادي "جوت بلبيس" كـ فريق كورة، وبدؤا يعتمدوا على تأجير الملعب، وأهي ماشية.