رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما حكم الشرع في مقولة «الجوع كافر»؟

الأوقاف
الأوقاف

ورد سؤال إلى الشيخ مكرم عبد اللطيف، مدير عام أوقاف كفر صقر في محافظة الشرقية، من أحد المتابعين عبر صفحته على فيسبوك يقول: نسمع مقولة "الجوع كافر"، تقال للدلالة على أن الجوع قد يؤذي الإنسان إلى حدٍ كبير، وقد قيل لي إن هذه الجملة لا تجوز، لأن الجوع جند من جنود الله، وبناء عليه لا يجوز وصف جند الله تعالى بالكفر، واستدل بهذه الآية (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)، فما حكم الشرع في ذلك؟.

من جانبه، قال الشيخ مكرم عبد اللطيف ردًا على هذه الفتوى، إن مقولة "الجوع كافر" ليس فيه ما يستشكل، وفي هذا الإطلاق (الجوع كافر) ذكر لأثر الجوع وبأسه، فإنه من شدته ربما يفتتن الشخص، فيسخط وينطوي قلبه ويتلفظ لسانه بما يخرجه من الإسلام، وربما يرتكب ما يكفر به رغبة في إدراك ما يزيل به الجوع عنه وعن عياله.

وأضاف أن الفقر له فتنة، ولذا أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى التعوذ منها، مستدلا بما جاء عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وَالهَرَمِ، وَالمَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ، وَعَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الفَقْرِ) رواه البخاري.

والظاهر أن المراد بوصف كافر في حق الجوع: أصل إطلاقه اللغوي، بمعنى: "ساتر" يغطي، لافتا إلى أن وصف الجوع بأنه "كافر"، بهذا الاعتبار أمر معقول ظاهر من أحوال الناس، فإن الجوع متى اشتد بالمرء غطى على عقله، وقصده وإرادته، وصار معه كالغضب الشديد، الذي يغلق عليه فهمه وقصده وقد يؤدي به إلى أن يكفر و يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل.