من هي «ماري إليزابيث هاسكل» التي رفضت الزواج من جبران خليل جبران؟
لمجرد مقولته "أنا لبناني ولي فخر بذلك ولست بعثماني ولي فخر بذلك أيضًا"، تم تكفيره وحل دمه لا لشيء سوى أنه قاوم الاحتلال العثماني لبلده لبنان، هو شاعر ومفكر فنان تشكيلي وقاصٍ وأحد رواد النهضة بالمنطقة العربية في مطلع القرن العشرين، إنه الشاعر اللبناني جبران خليل جبران، والذي تحل اليوم الذكرى الــ139 لمولده، حيث ولد في مثل هذا اليوم عام 1883.
"أنا مسيحي ولي فخر بذلك ولكنني أهوى النبي العربي وأكبر اسمه وأحب مجد الإسلام وأخشى زواله.. أنا شرقي ولي فخر بذلك ومهما أقصتني الأيام عن بلادي أظل شرقي الأخلاق سوري الأميال لبناني العواطف.. يبقي الشرق موطنًا لأحلامي وآمالي".. في كلمات جبران خليل جبران السابقة، نجد الحكمة بمفهومها الفلسفي الإنساني الضارب في التاريخ والممتد للحاضر والمستقبل.
ولد راهب الحب جبران خليل جبران، لأسرة مارونية فقيرة، لذلك لم يستطع الذهاب إلى المدرسة، وبدلًا من ذلك كان كاهن القرية يأتي إلى منزل "جبران" ويعلمه الإنجيل والعربية والسريانية، وتعلم مبادئ الكتابة والقراءة من الشاعر سليم الضاهر، مما فتح أمامه مجال المطالعة والتعرف على العلوم والتاريخ والآداب.
قررت والدته الهجرة مع أخيها إلى أمريكا تحديدا إلى نيويورك مصطحبة معها جبران وأشقائه؛ ماريانا، وسلطانة، وبطرس.
سكنت عائلة جبران في بوسطن، وبالخطأ، تم تسجيل اسمه في المدرسة "خليل جبران"، وهناك بدأت أمه العمل خياطة متجولة، كما افتتح شقيقه بطرس متجرا صغيرا، أما جبران فبدأ بالذهاب إلى المدرسة، حيث وضع في فصل خاص بالمهاجرين لتعلم الإنجليزية.
وكان جبران، من الطلاب المتميزين في المدرسة، كما التحق بمدرسة للفنون قريبة من منزله لتنمية مواهبه الفنية فتعرف على الفنان "فريد هولاند دي"، وهو الذي شجع جبران ودعمه لما رأى من محاولاته الإبداعية، وكان يعيره الكتب التي أثرت توجهه الفكري والروحي والفني، واستخدم "دي هولاند" بعض رسومات جبران لتغليف الكتب، وحظى جبران بالشهرة في أوساط بوسطن الأدبية والفنية، لكن العائلة قررت أن الشهرة المبكرة ستعود عليه بالضرر وإنه لابد أن يعود إلى لبنان لمتابعة دراسته وإتقان اللغة العربية.
وفي عمر الخامسة عشر، عاد جبران مع عائلته إلى بيروت، ودرس في مدرسة إعدادية مارونية ومعهد تعليم عال يدعى "الحكمة"، وبدأ في تأسيس مجلة أدبية طلابية مع زميل دراسة له ثم انتخب شاعر الكلية.
كان يقضي عطلته الصيفية في بلدته "بشري" ولكنه نفر من والده الذي تجاهل مواهبه، فأقام مع ابن عمه "نيقولا"، ووجد عزائه في الطبيعة وصداقة أستاذ طفولته سليم الضاهر، وعلاقة الحب بينه وبين "سلمى كرامة" التي استوحى منها قصته "الأجنحة المتكسرة"، والتي نشرها بعد عشر سنوات.
أنهى جبران، دروسه بتفوق في العربية والفرنسية والشعر وبقي في بيروت سنوات عدة قبل أن يعود إلي بوسطن عام 1902، وقبل عودته بأسبوعين، توفيت شقيقته "سلطانة" بالسل، وبعد سنة لحقها بطرس بنفس المرض، وتوفيت أمه بسبب السرطان، أما "ماريانا" فهي شقيقته الوحيدة التي تبقت معه واضطرت للعمل في محل خياطة مما أدى إلي تأثره وحزنه بشكل كبير.
ــ من هي ماري إليزابيث هاسكل التي دعمت جبران؟
وفي خضم هذه المعاناة ظهرت موهبة جديدة لدى جبران وهي الاهتمام بالتصوير، فاستطاع أن يقيم أول معرض تصوير فوتوغرافي ناجح له في عام 1904، وخلال هذه الفترة تعرف على صاحبة إحدى المدارس التي شجعته على التطور والدراسة في المجالين: الفني والأدبي، وهي السيدة ماري إليزابيث هاسكل، والتي كانت مستقلة في حياتها الشخصية، وتكبر جبران بعشر سنوات، وكانت معجبة بجبران وساندته بأموالها كثيرًا حتى اعتقد الكثير أنه أحد أثرياء الشرق.
بدأ جبران في الكتابة لصحيفة "المهاجر" حيث كان يحصل على دولارين مقابل كل مقالة، وحملت أولى مقالاته عنوان "رؤية" ونشرها عام 1905، وفي عام 1906 نشر عمله الثاني "عرائس المروج" ونشر كتابه الثالث "الأرواح المتمردة" بعدها بعامين والذي تناول فيه مواضيع شائكة أثارت الجدل، مثل تحرير المرأة كما انتقدته الحكومة ورجال الدين وتم تهديده بطرده من الكنيسة.
في عام 1910، غادر جبران إلى باريس لدراسة الفنون وهناك التقى مجددا بزميله في الدراسة ببيروت "يوسف الحويك"، ومكث في باريس ما يقارب السنتين، وقام برسم العديد من اللوحات لكبار المشاهير مثل: رودان وسارة برنار وجوستافين وغيرهم.
ثم عاد إلي أمريكا بعد زيارة قصيرة إلي لندن برفقة الكاتب "أمين الريحاني"، ويقال إنه تقدم لخطبة ماري إليزابيث هاسكل، لكنها رفضت طلبه بسبب فارق العمر بينهما ولكنهما بقيا صديقين طوال حياتهما.