إرادة الشعب أولًا.. كيف حافظت مصر على ركائز الاستقرار في ليبيا؟
استمرت تحركات مصر المكثفة بشأن الأزمة في ليبيا خلال العام الجاري، إذ عملت القاهرة على دعم وحدة ليبيا وسيادة أراضيها، وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة، وتوحيد رؤى القوى الوطنية، وبناء مؤسساتها.
في هذا السياق، شارك وزير الخارجية سامح شكري، في مؤتمر دعم الاستقرار في ليبيا، والذي عقد في طرابلس، خلال أكتوبر الماضي، حيث أكد، خلال كلمته، على الموقف المصري تجاه ليبيا، خاصة ضرورة التعامل مع الإشكالية الرئيسية التي تقف حائلاً أمام استعادتها لسيادتها ووحدتها، والمتمثلة في تواجد القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب على أراضيها.
جهود وزارة الخارجية في ليبيا
وعقد وزير الخارجية عدة لقاءات مع كبار المسئولين الليبيين، حيث التقى رئيس المجلس الرئاسي الليبي ونائبيه، ورئيس الوزراء الليبي.
وزار وزير الخارجية مدينة بنغازي الليبية، لمتابعة الأعمال الجارية لتجهيز مبنى القنصلية المصرية في بنغازي، كما التقى مع قيادات الشرق الليبي، والمشير خليفة حفتر.
وشاركت وزارة الخارجية في الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر "برلين 2" على مستوى كبار المسئولين ثم على المستوى الوزاري في مدينة برلين خلال شهر يونيو الماضي، حيث نجح الوفد المصري في تضمين البيان الختامي نصوصًا تؤكد على ضرورة خروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة، والتأكيد على ضرورة عقد الانتخابات.
وعقدت بمقر وزارة الخارجية في مايو الماضي أعمال اللجنة القنصلية المصرية الليبية المشتركة، وجرى خلالها بحث عدد من الموضوعات القنصلية والعمالية وأوضاع المواطنين المقيمين في كلتا الدولتين الشقيقتين وموضوعات التعاون القضائي وتعزيز التعاون في مجالات النقل، والجمارك، والصيد، وتيسير حركة انسياب الأفراد والبضائع بين الجانبين، وبحث سبل تعزيز التعاون في شتى المجالات.
وبحسب تقرير صادر عن وزارة الخارجية، شاركت مصر في الاجتماعات التنسيقية للإعداد للجنة العليا المشتركة المصرية الليبية، والتي عقدت بوزارة التعاون الدولي.
دعم مصر لأمن ليبيا
وعُقدت لقاءات مع عدد كبير من الشخصيات النافذة من كافة المناطق الليبية وذلك على ضوء دور مصر المحوري لاستكشاف رؤيتهم إزاء التطورات المتلاحقة على الساحة الليبية، وإعادة الثقة بينهم مما يمهد لإيجاد حلول يتم التوصل إليها برعاية أممية على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية.
وشارك وزير الخارجية، يوم 21 سبتمبر الماضي، في اجتماع ضم وزراء خارجية دول مسار برلين إضافة إلى مجموعة من دول الجوار الليبي، وذلك على هامش مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأكد وزير الخارجية حينها على دعم مصر لأمن واستقرار ليبيا، مستعرضًا ثوابت الموقف المصري تجاه العملية السياسية في ليبيا.
كما شارك وزير الخارجية في اجتماعات مجلس السلم والأمن الأفريقي، يوم 28 سبتمبر الماضي، بشأن تداعيات انسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا على منطقة الساحل ووسط أفريقيا، إذ أكد أن هذه الظاهرة تشكل خطرًا مستدامًا للسلم والأمن والاستقرار على مختلف الأصعدة وبخاصة لدول جوار ليبيا بما لذلك من آثار على الأمن القومي لهذه الدول.
واستعرض وزير الخارجية رؤية مصر للتغلب على ظاهرة المرتزقة بتشكيل موقف دولي موحد لمواجهتها، مع ضرورة التنفيذ الفعلي لاتفاق وقف إطلاق النار المتضمن سحب كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، وتنسيق الجهود للحد من تفاقم الصراعات والنزاعات، وتطوير الأطر القانونية المحلية والإقليمية والدولية للتعامل مع هذه الظاهرة.
والتقى وزير الخارجية، في سبتمبر الماضي، الأمين العام للأمم المتحدة حيث استعرض موقف مصر تجاه ليبيا متمثلا في ضرورة إقامة الانتخابات وإخراج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة مستعرضا الدور المصري في هذا الصدد.
وباشرت وزارة الخارجية مهام التنسيق والإعداد لإتمام زيارات لعدد من الوزراء الليبيين للقاهرة خلال العام المنصرم وهم وزراء الاتصالات، والعمل والتأهيل، والتضامن الاجتماعي، والثقافة، والاقتصاد.
جهود الرئيس السيسي في ملف ليبيا
ولعل أبرز الخطوات المصرية في ذلك المسار هي مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في قمة باريس، التي انعقدت في 12 نوفمبر الماضي، وجاءت مخرجاتها لتؤكد الرؤية المصرية للمسارات الأمنية والسياسية الليبية، من حيث ضرورة استمرار القوى الدولية بالدفع نحو عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وخروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية، وبلورة مدى زمني لذلك، والتأكيد على أهمية توحيد المؤسسات الليبية بكافة مكوناتها، وإجراء الإصلاحات الاقتصادية.
وكذلك، استقبل الرئيس السيسي كبار المسئولين الليبيين عدة مرات خلال العام الجاري، مثل رئيس الحكومة الليبية، في فبراير الماضي، كما استقبل خلال الفترة من 14 و16 سبتمبر الماضي، كلًا من المشير خليفة حفتر والمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وأعقبها استقباله لعبد الحميد الدبيبة رئيس الوزراء الليبي، وذلك في إطار سعي مصر لتثبيت ركائز الاستقرار في ليبيا، وتأكيد انفتاحها على جميع الأطراف هناك، وضرورة التوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة الليبية بما يعيدها وحدتها وسيادتها.
والتقى الرئيس السيسي في ديسمبر الجاري، رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، في زيارته الرسمية للقاهرة.
وأعادت مصر افتتاح بعثتها في طرابلس، والقنصلية في بنغازي، تأكيدًا على ما توليه من اهتمام بليبيا، وتعزيز الجهود الرامية إلى ضمان وجود ليبيا آمنة ومزدهرة، فضلًا عما يرسخه ذلك التواجد من حرص على الارتقاء بالعلاقات الثنائية معها، بالإضافة إلى تقديم الخدمات القنصلية اللازمة للمواطنين المصريين المتواجدين هناك.