فوضى نزلات البرد.. «الدستور» تحقق في انتشار حقن الإنفلونزا دون رقيب
فوضى كبيرة تعم أدوية البرد خلال الفترة الأخيرة سواء التي تباع على الإنترنت أو داخل الصيدليات، بسبب الخوف من فيروس كورونا ومتحوراته ما يدفع المواطنون إلى تناول أدوية تخص البرد من الصيدليات دون الرجوع إلى الأطباء.
وتنوعت أدوية البرد ما بين حقنة "كوكتيل البرد" أو مصل الإنفلونزا أو مجموعة البرد، والتي تضمن خطورة في حال تناولها دون استشارة طبيب لاسيما إنها تباع في الصيدليات بدون روشتة أو تشخيص للحالة المرضية من قبل الطبيب.
واتساقًا مع ذلك، حذر الدكتور محمد النادي، عضو اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا، من انتشار ما يسمى حقنة البرد في الصيدليات، قائلًا: "هناك مسميات تمنح لأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، هذه الحقنة كانت اسمها قديماً حقنة البرد والآن أصبحت تحمل اسم كوكتيل البرد، وهي عبارة عن ثلاث حقن مخلوطة ضمن بعضها البعض".
وأضاف: "ما يسمى بكوتيل أو حقنة البرد هو اختراع من بعض الصيادلة ويعتبر مصيبة سودة، لأن هذا الكوكتيل عبارة عن ثلاثة مركبات خليطة تتكون من مسكن يحمل اسم ديكلوفيناك الصوديوم والعنصر الثاني هو الكوريتزون وهي المصيبة الكبرى، وعنصر ثالث هو مضاد حيوي مجهول".
وأوضح: "الكورتيزون مصيبة كبرى والمضاد الحيوي لم نسمع به من قبل لأنه يعطى لمرة واحدة ويدعى أنه يمنح المناعة الكافية ومافيش حاجة في تاريخ العلم تقول إن هناك مضاد حيوي يمنح كجرعة واحدة، ومش مفروض حد مصاب بالبرد ياخد هذا المضاد الحيوي".
وتابع: "ونجني آثار تعاطي حقنة البرد ليل نهار ونزلة البرد الفيروسية لا تعالج بالمضادات الحيوية وإذا أخذ المضاد الحيوي يؤخذ كإجراء احتياطي لضمان عدم وجود عدوى بكتيرية، الكورتيزون بيضيع ملامح الألم والاحتقان والتكسير والهمدان لكنه ينشط الالتهاب الفيروسي ويرفع الضغط وبيجيب سكر وبيعمل هشاشة".
وبالفعل هناك متضررين من حقن البرد ومجموعات البرد التي يتم شرائها من الصيدليات أو مواقع الإنترنت دون رقيب. "الدستور" في التحقيق التالي حققت في فوضى أدوية البرد والأضرار الخاصة بها مع اشتداد فصل الشتاء.
هاجر: "أصبت بحساسية وحكة شديدة بعد تناول حقنة البرد بإسبوع"
هاجر محمد، 24 عامًا، إحدى المتضررات من حقنة البرد الثلاثية والتي جلبتها من إحدى الصيدليات بمبلغ 40 جنيهًا، تقول: "الصيدلي قالي أنها تركيبة من ثلاث أدوية من ضمنها مسكن ومضاد حيوي يتم وضعها في سرنجة إعطائها".
تشير إلى أنها أخذتها بالفعل دون الحاجة إلى روشتة أو تقرير طبي يشخص حالتها ولم يسألها الصيدلي عن ذلك: "قالي أنها فعالة وملهاش مضاعفات ومسألش عن أي تاريخ مرضي ليا أو روشتة أو تقرير طبي بيشخص حالتي".
تضيف: "على مدار خمسة أيام كنت أشعر بسخونة في جسدي بعد تناول المصل، وفي اليوم السبع من نفس الأسبوع أصبت بحساسية وحكة شديدة في الجلد رغم إنني لا أعاني من حساسية سواء من البروتين أو غيره، واضطررت للذهاب إلى الطبيب ولا أعرف صحة تلك الحقنة إلى الآن".
استشاري البكتريا والمناعة: "حقنة البرد تتسبب في الموت المفاجئ"
الدكتورة نهلة عبد الوهاب استشاري البكتريا والمناعة والتغذية ورئيس قسم البكتريا مستشفى جامعة القاهرة، أوضحت أن هناك الكثيرون ممن يلجأون إلى تناول ما يُطلق عليها حقنة البرد أو مجموعة الانفلونزا وقت تعرضهم لنزلات البرد الشديدة، وذلك من خلال توجههم إلى الصيدليات التي "مع الأسف" تصف لهم هذه الحقنة أو تلك المجموعة دون استشارة طبيب.
توضح أن خطورة ذلك يتمثل في أن ما يُعرف بحقنة البرد هي عبارة عن خليط لثلاث مكونات رئيسية وهما، مسكن ومضاد حيوي ومضاد للحساسية "الكورتيزون"، مشيرة إلى أن كل مكون فيها يُمكن أن يُعطى للمريض، ولكن يجب أن يتم ذلك تحت اشراف طبيب مختص اطلع على التاريخ المرضي للحالة، وشّخصها بدقة، فلا يمكن أن تُعطى هكذا دون معرفة الموانع التي قد يحملها المريض وقد تتعارض مع مكونات هذه الحقنة مما يسبب بذلك العديد من الآثار والتي قد تفضي إلى الموت المفاجئ.
كما فرقت نهلة بين ما يسمى" بحقنة البرد" وبين تطعيم هيئة المصل واللقاح ضد "الأنفلونزا" موضحة أن الأخير هو تطعيم تم تحضيره بطريقة علمية على يد أطباء متخصصين، وبنسب دوائية محسوبة للوقاية من فيروس الأنفلونزا ومتحوراته الأربعة، وأشارت أنه آمن ولا يوجد له أي أضرار بل يُنصح بتناوله منذ عمر ال6شهور، كما ذكرت أن هناك بعض الدول التي يجب قبل السفر إليها تناول هذا اللقاح الهام نظرًا لانتشار الفيروس هناك.
مغامرة لشراء حقنة البرد.. معلومات غير صحيحة من سماسرة
تلك التجارة لم تكن في حدود محافظتي القاهرة أو الجيزة، ولكن امتدت لتشمل محافظات الصعيد أيضًا والتي ربما تكون المنافذ الرسمية لبيعه تعاني من نقص أو إزدحام ما يدفع المواطنين إلى البحث عنه في منافذ أخرى فيقعون في أيدي المستغلين.
روجينا.ص، أحد سماسرة الأدوية التي تواصلنا معها من أجل الحصول على حقنة الإنفلونزا الثلاثية ، والتي أكدت إنها من قرية طما بمحافظة قنا وقامت ببيعه للكثير من المواطنين سواء حقنة ثلاثية أو رباعية.
وادعت محررة "الدستور" أنها تريد شراء تلك الحقنة المصل من أجل والدتها التي تبلغ من العمر 67 عامًا، وقد أصيبت فيما سبق بفيروس كورونا، لتؤكد لها السمسارة إن تلك الحقنة فعالة وتقي من الإنفلونزا الموسمية وتحمي من فرص الإصابة بفيروس كورونا بسعر 60 جنيهًا إلى جانب مصاريف الشحن للمحافظات.
ما يثبت أن هؤلاء ليسوا متخصصين هي القائمة التي حددتها وزارة الصحة بشأن منع 4 فئات من تناول الحقن أو الأمصال الخاصة بالبرد، وهم لأطفال صغار السن، ومصابي ارتفاع درجة الحرارة، ومن لديه حساسية من اللقاحات، وكذلك من يعاني من حساسية تجاه البروتين والبيض.
وأكدت “محررة الدستور” للسمسارة أن والدتها تعاني من حساسية تجاه البروتينات، ورغم ذلك أباحت السمسارة لها تناول الحقنة، وقالت: "مفيش أي ضرر وممكن تأخذه عادي، طالما كبيرة في السن"، في جهل تام بتحذير وزارة الصحة.
تجربة أخرى أجريناها داخل أحد الصيدليات في منطقة الدقي محافظة الجيزة، والتي كانت بها حقنة البرد الثلاثية والتي كانت بسعر 50 جنيهًا، وأكد الصيدلي أنها أمنة ولم يسمع عن تحذير اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا من حقن البرد أو "الكوكتيل"
وأوضح أن التوصيل يكون عقب يومين في أقرب مكان، وحين أخبرته محررة الدستور بأن والدتها تعاني من حساسية تجاه البروتين أيضًا لم يعترض أو يحذرها من أن تناول الحقنة قد يسبب مضاعفات لها ما يدل على أنه ليس متخصص.
سناء: "اعتقدت أنها العلاج السحري وتسببت لي في إثار مزمنة"
أيقنت سناء محمد موظفة بأحد البنوك أنها أصبحت مريضة دائمة بالأنفلونزا مع بداية كل فصل شتاء من كل عام، فهي لا تستطيع تحمل تقلب الطقس المفاجئ، وانخفاض درجات الحرارة لتبدأ أعراض نزلات البرد تُهاجمها مع كل شتاء أكثر من أي وقت غيره من زُكام وتكسير بالجسم، ورشح، وصداع بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة.
تقول: "لا تجدي معي المُسكنات العادية عند مهاجمة الانفلونزا لي، فأنا مهما تناولت منها لا أشعر بتحسن واضح"، مشيرة إلى أن هذا الأمر هو الذي جعلها تتوجه ذات مرة إلى أحد الصيدليات، لطلب أسرع علاج يمكنه أن يخفف من آلام البرد التي أرهقتها، فكان وصف الصيدلي لها "الحقنة الخلاصة"- كما أطلق عليها- أو ما تُعرف ب"حقنة البرد".
وتتابع: أنها بالفعل وبعد أن حصلت عليها بوقت ليس بقليل شعرت بتحسن كبير، وذهبت الأعراض التي كانت تشعر بها مما جعل تلك الحقنة في نظرها هي العلاج السحري الذي تذهب لتناوله في حال هاجمها "الإنفلونزا".
ولكن ما لاحظته سناء - حسب وصفها - أنها عقب تناول هذه الحقنة كل مرة تذهب أعراض البرد الرئيسية التي كانت تشكو منها، ولكن يُحل محلها أعراض أخرى أصبحت لديها بصورة شبه دائمة، وهي الخمول والكسل الدائم، وعدم انتظام بضربات القلب.
الأمر الذي أثار قلقها مما جعلها تذهب إلى أحد الأطباء، والذي أكد لها أن جرعة" الكورتيزون" الموجودة بحقنة البرد التي تناولتها هي المسئولة عن هذا الاضطراب الخطير الذي حدث لها، والمُتسبب في وقف افراز "الكورتيزون" الطبيعي من الجسم مما جعلها تشعر بهذا الخمول والكسل، بالإضافة إلى اضطرابات القلب، محذرًا إياها من تناولها دون إشراف طبيب مختص.