في ذكرى مولدها الــ91.. إطلالة على عالم الفنانة فايزة أحمد
يصف الروائي الراحل خيري شلبي، صوتها بأنه: "في صوتها لذعة حريفة٬ لذعة كمذاق الرمان٬ كطعم الكريز٬ منعش كشراب القرفة. صوت فواح بعطور شرقية. ولقبها الشاعر كامل الشناوي بــ"كروان الشرق". إنها الفنانة الكبيرة فايزة أحمد، والتي تحل اليوم الذكري الــ 91 علي ميلادها.
يا حلاوتك يا جمالك ــ أنا قلبي ليك ميال ــ يا تمر حنة ــ بيت العز ــ حبيبي يا متغرب ــ لا يا روح قلبي أنا ــ يا غالي عليا يا خويا٬ وست الحبايب، أشهر أغنيات عيد الأم التي صارت علامة مسجلة للإحتفاء بالأمومة٬ وغيرها من الأغنيات الأصيلة التي شدت بها.
جاءت فايزة أحمد من دمشق إلي القاهرة تبحث عن مستقبل لها تحت أضوائها الساطعة، حيث كان يطلق على القاهرة هوليوود الشرق، وكان مولد أي نجم سواء في سماء الطرب أو السينما أو الأدب، لابد من أن ينطلق من القاهرة، ولا يعترف به إلا إذا منحته القاهرة والجمهور المصري صك النجومية.
وجد الملحن والموسيقار الكبير محمود الشريف، في صوت فايزة أحمد تربة خصبة لإعادة استنبات مشروعه القديم٬ هو توسيع معني الأغنية الشعبية وتطعيمها بآفاق نغمية حريفة لتتوائم مع أنساق الذوق الشعبي الذي تم بعد انتشار أجهزة الراديو٬ فبعد أن كانت الأغنية الشعبية فيما مضي تخاطب أذواق محدودة بين فئات وطوائف المجتمع بمفردات لا تكاد تكون مفهومة خارج نطاق الفئات الشعبية من سكان الحواري والأزقة والكفور والنجوع. إذ هي في الواقع تعبير عن حياتهم في أفراحهم وأحزانهم.
وكان محمود الشريف فارس هذه الأغنية التي ظهرت مع ازدهار الراديو واستلمحها المثقفون حتي وهي تنطق باللهجة الصعيدية الصرفة في الأغنية الشهيرة: يابو العيون السود ياللي جمالك زين٬ تلك التي غناها جميع المطربين والمطربات وغناها الشعب المصري كله زمنا طويلا.
ولكن قبل ظهور فايزة أحمد بوقت قليل كان الشريف قد أصبح يعاني من ندرة الصوت القوي الملائم لاتساع مفهوم الأغنية الشعبية الحديثة٬ فما أن استمع إلي صوت فايزة حتي نشطت قريحته وقدم لها ألحان: بيت العز يا بيتنا وغيرها.
ــ عندما وجد عبد الوهاب قنطرة وترية في صوت فايزة أحمد
وجد موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في صوت فايزة أحمد، قنطرة وترية مفتوحة علي التيار الحداثي للأغنية القصيرة الكثيفة الناعمة، تلك التي أنشأها في أربعينيات القرن العشرين، يواكب بها إيقاع العصر ويسرق فيها اللهب من شبان ذلك الزمان.
ويلفت "شلبي" إلي أن محمد عبد الوهاب وجد في إمكانيات صوت فايزة أحمد ما شجعه علي تعميق تجربته في الأغنية القصيرة بوضع بناء معماري نغمي بات من أهم ملامح الأغنية المعاصرة: مزج التطريب بالتعبير في شحنة نغمية واحدة.
ولقد وجد عبد الوهاب في صوت فايزة أحمد مرونته الصوتية القديمة فأجاد استخدامها في تحويل التطريب نفسه إلي طاقة تعبيرية، كما بث الحيوية في التعبير إلي حد يطرب له المستمع من فرط تطابق الانفعال في الأداء، مع الحدس الانفعالي للمتلقي. وهذا ما نلمسه في أغنية "هان الود" وأغنية "حمال الأسية"، وأغنية "يا حبيبي يا خويا"، وأغنية "ست الحبايب".
تعاونت الفنانة فايزة أحمد مع كبار الشعراء الغنائيين، ومن بينهم: مرسي جميل عزيز ــ فتحي قورة ــ حسين السيد ــ عمر بطيشة ــ كامل الشناوي ــ محمد حمزة ــ مأمون الشناوي وغيرهم.
كما تعاونت فايزة أحمد مع عباقرة الموسيقي من الملحنين المصريين وعلي رأسهم موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ــ بليغ حمدي ــ محمد سلطان ــ محمد فوزي ــ رياض السنباطي وغيرهم.
وفي السينما قدمت فايزة أحمد وشاركت في عدد من الأفلام السينمائية، من بينها أفلام: "ليلي بنت الشاطئ" مع ليلي فوزي ومحمد فوزي، فيلم "المليونير الفقير" مع إسماعيل ياسين، فيلم "تمر حنة" مع رشدي أباظة ونعيمة عاكف، "أنا وبناتي" مع زكي رستم وصلاح ذو الفقار، فيلم "عريس مراتي" مع عبد السلام النابلسي وزينات صدقي وتوفيق الدقن.