صحيفة سعودية: العمالة الماهرة أهم التحديات الاقتصادية لـ10 أعوام مقبلة
رأت صحيفة الاقتصادية السعودية أن المشهد الاقتصادي العالمي يبدو مرتبكًا كثيرًا مع تباشير الخروج من جائحة كورونا وانتشار توزيع اللقاح، ورغم أن هذا الارتباك كان متوقعًا وحذرت منه المؤسسات الاقتصادية الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، لكن الأمر يظهر اليوم أشد وطأة مما كان متوقعًا، بل أكثر تعقيدًا.
وأشارت الصحيفة- في افتتاحيتها بعنوان (فجوة العمالة الماهرة.. عرقلة للنمو ترفيه وعوائد.. إبهار واستثمار)- إلى أن التعثر في سلاسل الإمداد العالمية واضح للغاية وأثر بشكل كبير في حركة نقل البضائع وانعكست آثاره على الأسعار ونسب التضخم العالمية، لكن الصوت القادم من جهات أخرى من العالم يحذر من أزمة جديدة في الأفق تتعلق بحركة العمالة الماهرة والمتخصصة، التي ستكون من أهم التحديات الاقتصادية خلال الأعوام العشرة المقبلة.
وأوضحت أنه يتوقع أن يصل العجز في العمالة الماهرة إلى نسبة كبيرة في عام 2030، ما سيشكل أزمة حقيقية في سوق العمل. ولا يمكن رؤية المخاوف على الاقتصاد والقوى العاملة وبيئة التجارة، بمعزل عن غيرها من الأمور، والخطر الذي تشكله على اقتصادات العمل.
وأشارت في هذا الصدد إلى تحذيرات غرفة التجارة والصناعة الألمانية من استمرار أزمة نقص الكوادر الفنية الماهرة بالنسبة إلى الشركات، كما أن الشركات الألمانية ستواجه نقصًا متزايدًا في هذا النوع من العمالة المتخصصة والمطلوبة إلى المستوى الذي سيؤدي إلى عرقلة النمو، لكن ليست السوق الألمانية فحسب التي تعاني هذه المشكلة الصعبة التي تتخوف جهات ألمانية من هجرة شركات كبيرة من البلاد بسببها.
ولفتت إلى ما شهده الاقتصاد البريطاني قبل فترة من أزمة حادة في هذا الجانب، بعد اتخاذ قرار "بريكست" وتشديد القيود على شروط الإقامة لبعض العمالة الفنية النادرة القادمة من أوروبا الشرقية، وهنا يمكن القول إن نقص العمالة المتخصصة أصبح أمرًا ملحًا، حيث تواجه الشركات مشكلات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وواصلت الصحيفة: "وإذا كان الاقتصاد الألماني وهو أقوى اقتصاد في القارة العجوز يعاني نقص العمالة الماهرة الفنية والمؤهلة في قطاعات: البناء، والصحة، وصناعة الآلات، والتقنية، ويعاني الاقتصاد البريطاني نقصًا حادًا في سائقي الشاحنات والعاملين في قطاع النقل بشكل عام، خاصة نقل المحروقات، وجميع هذه الفئات تندرج ضمن العمالة المتخصصة والنادرة التي يصعب وجودها بسهولة في سوق العمل لأنها متدربة على مناخ العمل في هذه القطاعات المذكورة، فإن هذا يجعل من نقص العمالة المتخصصة في النقل اللوجستي ظاهرة عالمية، وذات آثار اقتصادية عميقة وبعيدة المدى".
وأشارت إلى أنه وبحسب التقارير تتوقع 43% من الشركات في ألمانيا على سبيل المثال خسارة طلبيات أو أن تضطر إلى تخفيض عروضها لنقص العمالة المتخصصة مقابل 39% في 2019، ولهذا فإن البنك المركزي الألماني لا يستبعد حدوث قفزة في معدل التضخم في (نوفمبر) الجاري إلى نحو 6%، في مقابل 4.6% في أكتوبر الماضي.
وختمت الصحيفة بالتأكيد على أن أزمة كورونا زادت من مشكلة نقص العمالة الماهرة التي تفاقمت على مدار الأعوام الماضية، لا سيما بعدما هجر الكثيرين من أصحاب التخصصات والمهارات العملية أماكن عملهم للظروف الصحية والإجراءات والاحترازات المتشددة التي صاحبت إغلاق كثير من القطاعات التجارية والشركات، ولذلك فإن نقص هذا النوع من العمالة أصبح رهين آثار الجائحة، والمنطلق الأساس لحل أزمة العمالة يأتي من عدالة توزيع اللقاحات وتحقيق طلبات دول كثيرة بحلول العام المقبل بفك الاحتكارات الخاصة بها.