في ذكرى وفاته.. فولتير «الفيلسوف الساعاتي» رائد الأدب فى عصور التنوير
كان الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي، أول من قدمه للمصريين والعرب، في كتابه "تلخيص الإبريز"، إنه الفيلسوف والمفكر الفرنسي "فولتير"، أو فرانسوا ماري آروويه، والذي تحل اليوم الذكري الــ327 لميلاده، حيث ولد في العاصمة الفرنسية باريس، مثل هذا اليوم من العام 1694 .
“فولتير” ذاع صيته بسبب سخريته الفلسفية اللاذعة، دافع عن الحريات المدنية خاصة حرية العقيدة، والمساواة وكرامة الإنسان، وتأثر بالشرق رغم أنه لم يزره مرة، خاصة بإبداعه الحكائي في رائعة "ألف ليلة وليلة".
قضي الفيلسوف الفرنسي عامًا في سجن الباستيل بعد أن كتب قصيدة فاضحة حول علاقة محرمة بين الوصي علي العرش الفرنسي وابنته، فى أواخر حياته اشتغل في تجارة الساعات في سويسرا، إذ كان الممول والمدير لهذا المشروع الذي لاقي نجاحًا كبيرًا. ولم يتزوج أبدًا طيلة حياته ولم يترك أي أبناء.
تمكن “فولتير” من إثبات نفسه كأحد رواد الأدب في عصر التنوير، ولقد تعرض للاعتقال مرتين وأمضي عدة سنوات في المنفي بسبب معارضته للسلطات الملكية الفرنسية من خلال أعماله التي يغلب عليها الطابع السياسي.
كان الأديب الفرنسي الأخ الأصغر لخمسة أشقاء، توفيت والدته فى السابعة من عمره، وبعد وفاة والدته تقرب فولتير من والده الروحي ذو العقل المتحرر. وكانت علاقة "فولتير" مع والده متوترة، لأنه أراد إثنائه عن طموحاته الأدبية وحاول إجباره علي العمل في المجال القانوني، ولكي يعلن "فولتير" رفضه لأوامر والده فقد تخلي عن إسم عائلته وانتحل الاسم المستعار فولتير. والذي نشرت به أولي مسرحياته في عام 1718.
كان "فولتير" كاتبًا غزير الإنتاج في شتي المجالات، فقد كتب أكثر من خمسين مسرحية وعشرات الأطروحات في العلوم والسياسة والفلسفة بجانب عدة أعمال تاريخية، بالإضافة إلي الشعر، وكان يمضي أكثر من 18 ساعة يوميًا، في الكتابة أو في الإملاء.
ويقال أنه كان يشرب أكثر من أربعين كوبًا من القهوة يوميًا حتي يتمكن من إخراج هذا العدد الهائل من المؤلفات، ومن أشهر أعمال "فولتير" الشعرية قصيدة "هينريد" والتي بدأ في كتابتها عام 1723، وقصيدة "خادمة أورليانز" والتي كتبها في العام 1730 ولم يتمكن من إنهائها. أما عن مسرحية "زئير"، والتي ترجمها الدكتور طه حسين، فقد كتبها فولتير في هيئة أبيات شعرية، فجاءت علي نسق مغاير لأعماله السابقة، فحتي هذه اللحظة تركزت أعمال "فولتير" التراجيدية علي عيب فادح في شخصية البطل .
وبعد "زئير"استمر فولتير في كتابة المسرحيات التراجيدية، وتضمنت مؤلفات فولتير الأعمال التاريخية البارزة، ومن بينها: دراسته المعنونة بــ"عصر لويس السادس عشر"، وأيضا بحثا في عادات وهمم الأمم، وفيه سلك "فولتير"، منهجًا فريدًا في تتبع تطور حضارات العالم، عن طريق التركيز علي التاريخ الاجتماعي والفنون للحضارت والشعوب.
أما عن أشهر أعمال فولتير الفلسفية فاتخذت شكل القصص القصيرة ومن بينها: "حلم بلاتوه" وكتبه في العام 1756. بالإضافة إلي روايته الشهيرة الساخرة "كانديد"، وفي عام 1764 نشر فولتير عملا فلسفيا آخر مثيرا للجدل، وهو "القاموس الفلسفي" وهو عبارة عن قاموس موسوعي اشتمل علي مفاهيم عصر التنوير واستبعد أفكار الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. وفي 1716 نفي فولتير إلي بلدة "تولييه" بوسط فرنسا لسخريته من دوق أورليانز، ثم بعدها بعام واحد عاد إلي باريس، وما لبث أن اعتقل ونفي مرة ثانية في سجن الباستيل لمدة عام آخر، بتهمة التشهير في قصائده.