في عيده.. من هو القديس البابا لاون الكبير؟
احتفلت الكنيسة الكاثوليكية بمصر، اليوم، بعيد القديس البابا لاون الكبير، إذ روى الأب وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني، سيرته قائلاً: القديس لاون من مواليد إقليم توسكانا بإيطاليا، وينحدر إلى أصول أرستقراطية، بدأ يظهر نجمه في الأوساط الكنسية منذ كان شماساً عام 431م، حيث احتلّ مكانة هامة لدى القديس كيرلس الكبير السكندري، والذي تتلمذ على يديه، كما استعان القديس يوحنا كاسيان ليقوم بإعداد رسالة في مواجهة بدعة نسطور الذي كان بطريرك القسطنطينية.
وتابع: نسطور إعتقد بأن شخص المسيح ليس به إتحاد، بمعنى أنه شخصين مستقلين الإله الكلمة والثاني الإنسان يسوع، كما أنه رفض لقب "أم الله" لأنه يعتقد بانفصال الطبيعة البشرية عن الإلهية في ميلاد يسوع، وهو ما يتنافى والإيمان المسيحي الأصولي، وعُقِد مجمع أفسس 431م لمناقشة أراءه، فتم رفضها وعزله، إلا أن بدعته لاقت قبولاً في بلاد فارس، الهند، الصين ومنغوليا وذلك وتأسست كنيسة تسمى الكنيسة النسطورية)، كانت كل تلك الخبرات الروحية والعقيدية بالتدبير الإلهي الحسن نوع من التأهيل للمهمة الكبرى كحبر روماني.
وواصل: فقام الإمبراطور سليستينوس بترشيحه لقيام بجهود مصالحة لإنهاء النزاع بين إقليمين في فرنسا القديمة، وأثناء أداء هذه المهمة رقد في الربّ بعطر القداسة الحبر الروماني البابا سكيستوس الثالث عام 440م، فإنتُخِبَ بإجماع الناس كخليفة للبابا الراحل على كرسي بطرس هامة الرسل، ليبدأ عهد جديد لشكل الكنيسة الجامعة.
مُستكملاً: “كتب القديس لاون رسائل وخطباً ومقالات عقائدية تخص أغلبها شخص ولاهوت السيد المسيح فيما يسمى بعلم الكريستولوجيا، كما كتب كثيراً من الرسائل عن روحانيات تعاليم المسيح، والأسرار المقدسة بخاصة سر الإفخارستيا كحضور جسدي حقيقي للربّ، إلى جانب مساهماته الطقسية التي تتمتع بغناها الكنيسة الجامعة حتى الآن، كل ذلك بأسلوب منهجي بليغ (كلاسيكي) ما زال تثير الاعجاب”.
مُضيفًا: "واجه القديس لاون صعوبات عقائدية خطيرة، فبعد إنتشار بدعة نسطور وقيام كنيسة على أساسها في عدّة بلدان على خلاف ما أقرّته الكنيسة الجامعة. حيث كانت ردّة الفعل العكسية أسوأ وأكثر تطرفاً، أثارها (أوطيخا القسطنطيني) أوطيخا ادّعى بأن المسيح ذا طبيعة واحدة وليس طبيعتين منفصلتين كما يرى نسطور أو حتى طبيعتين متحدتين وأن جسد المسيح ليس كجسد البشر، وبذلك فقد حدث إمتزاج بين طبيعته الإلهية والبشرية، مما يوقع ضرراً كبيراً بعقيدة خلاصنا بالصليب التي هي أساس الإيمان المسيحي، وعندما عرض أوطيخا ذلك على بابا القسطنطينية فلافيانوس لم يقتنع بها وأقرّ بعزله من رتبته الكنسية، لأن رأيه لا يمثل إيمان الكنيسة.
مُتابعًا: "تزامن ذلك مع وجود البابا ديسقورس الجالس على كرسي الإسكندرية، وهو ذا طموح ونزعة سلطوية وشديد النزاع مع روما على عدم التبعية لها ككرسي ثاني بعدها وهو ترتيب أقرته الكنيسة منذ فجرها على إعتبار أن القديس مرقس كاروز الديار المصرية كان تلميذاً للقديس بطرس صخرة الكنيسة الذي بشّر واستشهد في روما".
مٌضيفًا: "فكانت بدعة أوطيخا هي زريعة الإنفصال السكندي، في مجمع أفسس 499م، الذي ترأسه ديسقورس السكندري لتعذُّر حضور البابا لاون وإرساله مندوبين عنه، فأصبح ديسقورس التالي له في الترتيب هو رئيس المجمع، وتجاهل الرسالة التي أرسلها القديس لاون مع مندوبيه والتي تدعم موقف البابا فلافيانوس بابا القسطنطينية ضد بدعة أوطيخا، وانحاذ ديسقورس لأوطيخا وقرر بحسب سلطته في المجمع ككرسي ثاني عزل البابا فلافيانوس بابا القسطنطينية ونفيه، وقد سمّىَ هذا المجمع بـ "لصوصية أفسس" ليس فقط لقراراته المضادة للإيمان، ولكن أيضاً لتجاوزات أخلاقية كثيرة وتطاولات حدثت به من أشخاص هم قامات روحية وقدوة لعموم المؤمنين. كما إنتهت فاعلياته بوفاة البابا فلافيانوس في طريقه للمنفى بسبب التعذيب".
مُستكملاً: “رقد البابا لاون في الرب في 10 نوفمبر عام 461م عن عمر 61 عام. حافظ فيها منذ أن كان شماساً على ما تسلّمه من تعليم الإنجيل وبنيان الكنيسة الحقيقي، ضد كلّ بدعة مستخدماً بذلك موهبة التعبير اللاهوتي الدقيق، وعدم الإنسياق وراء التطرف والإبتداع”.
مُختتمًا: من أشهر ﺃﻗﻮﺍﻟﻪ التي أصبحت ذات معنى واضح ربما بعد وفاته بألف عام "إن عظمة القديس بطرس لا تضيع حتى ولو ورثها من لا يستحقها". وهو ما تمسك به مؤمني الكنيسة الجامعة وقديسيها ويعد أول بابا تم إطلاق كلمة الكبير عليه أعلنه البابا بندكتس الثالث عشر معلم للكنيسة.