في ذكراه.. أبرز المعلومات عن القديس «ليوناردو من نوبلاك» الناسك
تحتفل الكنيسة الكاثوليكية بمصر، اليوم، بعيد القديس ليوناردو من نوبلاك الناسك، إذ روي الأب وليم عبد المسيح سعيد - الفرنسيسكاني، سيرته قائلاً: وُلِدَ ليوناردو في بلاد فرنسا حوالي عام 496م، بقلعة ڤوندوم التابعة لمدينة أورليون، لعائلة نبيلة، ضمن البلاط الملكي، وجميع أقاربه كانوا من الشخصيات البارزة والقادة العسكريين والأشخاص ذوي الامتياز في المجتمع قبل سر المعمودية في طفولته عن يد "ريمي" أسقف رامس.
وتابع: في طفولته المبكرة، تعرضت المملكة للتهديد من قبل جيشٍ غازي. كانت زوجة الملك كلوڤيس، وقد لاحظت إيمان الصبي ليوناردو المطلق بيسوع المسيح، ويبدو أنها لم تكن قد آمنت بعد، فاقترحت مازحةً على الطفل أن يطلب مساعدة إلهه لصد الغزو، وببراءة الأطفال أخذ ليوناردو الموقف على محمل الجدّ وصلّىَ بإيمان أن تنجو بلاده من ويلات الإحتلال، فكانت النتيجة أن انقلبت وتيرة المعركة وكانت جيوش الغال برغم كونها ليست أقوى من الغزاة.
واصل: وقد كانت تلك الحادثة نواة لإيمان كثيرين وقبولهم المعمودية عن يد الأسقف ريمي، كان ليوناردو شديد التأثر بمعلمه الأسقف ريمي، مما سبب في تشكيل دعوته للتكريس، صار منذ شبابه رجل صلاة حقيقي، يعيش حياة عذبة مع إلهه، وقد كانت أولى المهمات التي أُسنِدَت إليه هي رعاية السجناء. فأحسن التعامل معهم روحياً ونفسياً، بل وقرر مساعدتهم، بأن طلب من الملك أن يعطيه صلاحيةً بإطلاق سراح السجناء الذين تابوا فعلياً وهو سيعرف ذلك بموهبة من الروح، فوثق به الملك رغم صغر سنّه وأذن له بهذه الصلاحية .
مستكملاً: كذلك إكتسب سمعة طيبة كـناسك وصانع معجزات شفاء، جعلت الفقراء والمرضى يأتون إليه من جميع أنحاء المملكة لنيل البركة ومعجزة الشفاء عن يديه، ولقد كرس نفسه لكل إنسان يلتقيه، ليس فقط لرعاية احتياجاته الجسدية ولكن لإخباره عن تعاليم المسيح.ويدعوهم إلى الإيمان المسيحي.
وتابع: أراد الملك، الذي كان سعيدًا بالسمعة الطيبة لرجل الله ليوناردو، أن يحتفظ به ويكرمه بجعله مرافق روحي له، ليقيم في القصر الملكي ليكون له من يخدمه ويعيش حياة مُريحة بلا عناء، لكن الراهب المتواضع دائماً، أجاب أنه يفضل أن يعيش في بساطة ودون إكرامٍ أرضي.
وتابع: "كذلك شعر أن نوال سرّ الكهنوت قد يعطيه كرامةً أكبر، فبرغم استحقاقه له بعد الدراسة، لكنه لم يتقدم إليه، واكتفى فقط بأن يكون رجل صلاة، ومُبشِّر، حيث طلب إلى رئيس الدير أن يسمح له بالخروج لتبشير الوثنيين في مقاطعة ليموج الفرنسية، فسمح له.
مُضيفًا: خلال رحلاته التبشيرية، اكتشف ليوناردو جبلاً قريباً غنياً بالغابات ومناسب للعُزلة التامة، هناك بنىَ محبسة صغيرة من فروع الأشجار الساقطة وبقي لبعض الوقت، يعيش على الكفاف، مُعتمداً في غذائه على ما يرسله له الرب من أعشاب وثمار، ويرتوي من مياه الينابيع
مُستكملًا: وفرت له هذه الفترة ما يحتاجه من السلام الداخلي والهدوء، فقضى الوقت في الصلاة والتأمل في الطبيعة والكلمة، والإماتات الجسدية بنيّة خلاص الأنفس قد بنى في عُزلته مكاناً للصلاة على اسم العذراء مريم، وكانت هذه الحياة ملاذ له من تمجيد العالم، لكن سرعان ما عرف طالبي رهبنة مكان الناسك ليوناردو، فحضرا إليه ليتعلما منه خبراته الروحية.
وواصل: “بالوقت بدأ كثير من الفقراء والمرضى التعرُّف على مكان اعتزال الراهب ليوناردو، وتوافدوا عليه لطلب الصلاة، كما أصبحت شهرته بصلاحية إطلاق سراح المساجين التائبين تتم بشكل معجزي، فقد أصبح السُجناء ظُلماً والسُجناء التائبين يتشفعون بالراهب ليوناردو بنيّة إطلاق سراحهم، فتنحل قيودهم بشكل إعجازي ويصبح إطلاق سراحهم أمرًا مفروغ منه، برغم عدم وجود ليونارد في المكان، وقد كان مشهوداً لهذه الأمور من حُرّاس ورؤساء السجون”.
وأضاف: “بعدها يخرج السجناء بنيّة الحجّ الروحي والسير مع الصوم والصلاة وتمجيد الله، حاملين سلاسل قيودهم المنحلّة رغم ثقل وزنها، حتى يصلوا إلى مكان اعتكاف الراهب ليونارد، فيضعونها أمامه بإمتنان لقداسته”.
وتابع: “استقبل الأخ ليوناردو جميع هؤلاء بترحيب وباحترام، وصلّى معهم مُمجدًا الله، ولبّىَ طلب عدد غير قليل منهم قرَّر تكريس حياته لله، والتتلمُذ عن يده، فأعطاهم بعد إذن الملك أماكن لبناء قليات للسكن، وأعطاهم الناسك القديس أدوار خدمية نحو الفقراء والمرضى، كذلك يخدمون في مكان الصلاة ويتعلمون التأمل في الطبيعة”.
مختتمًا: “حوالي عام 559م، أثناء تواجده بمحبسته شعر بأنه مريض وعلم بالروح أنه شارف على الموت، فانتقل بشكل عجائبي إلى مكان الصلاة وهناك رقد بعطر القداسة عن عمر ناهز الثالثة والستين، بعد حياة ملئها الصلاة والتواضع والبشارة”.