«الجمعية اليونانية».. قصة 178 عاما من العمل الخدمي بالإسكندرية
مع إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي، "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" من العاصمة الإدارية، وإعلانه عام 2022 عامًا للمجتمع المدني، داعيا مؤسسات المجتمع المدني إلى ممارسة العمل بجد واجتهاد لتحقيق التنمية المستدامة ونشر الوعي بثقافة حقوق الإنسان، وتأكيد الدكتور مصطفى مدبولي أن جذور العمل الخيري الرسمي تمتد في مصر أرض السلام منذ مئات الأعوام، حيث شهد القرن الثامن عشر تأسيس أول جمعية خيريةٍ على يدِ مجموعةٍ من الجاليةِ اليونانيةِ بمحافظة الإسكندرية.
أجرت "الدستور" لقاءً مع سكرتير عام الجمعية اليونانية بالإسكندرية، للتعرف عن تاريخ الجمعية في العمل الخيري، فضلًا عن جهود الدولة في تقارب الشعبين اليوناني والمصري من خلال المبادرات الرئاسية التي تهتم باليونانين المصريين.
وقال ديمتري كافوراس، سكرتير عام الجمعية اليونانية بالإسكندرية، إن الجمعية اليونانية هي جزء من نسيج العمل الخيري والاجتماعي، حيث أن عُمر الجمعية في الخدمة الاجتماعية 178عامًا بمحافظة الإسكندرية، فضلًا عن الجمعيات اليونانية الأخرى التي كانت تتواجد بجميع مدن مصر.
وأضاف كافوراس لـ«الدستور» أن الجمعية تأسست في عام 1843، بمبادرة ميخائيل توسيتسا، أول رئيس للجمعية، وأحد مؤسسيها، وهو أول قنصل لليونان بعد استقلال اليونان عن الدولة العثمانية، وعقب الاستقلال كانت أول قنصلية في مدينة الإسكندرية.
وتابع أن «توسيتسا» كان مستشار محمد علي باشا، والي مصر، والذي كان ينتهج سياسة الانفتاح، وبناء مصر الحديثة، حيث طلب من ميخائيل البقاء في مصر وكان مسؤول حينها عن الأراضي، وساهم في بناء أول بنك، وبناء العلاقات مع بطريركية الروم الأرثوذكس، وتأسيس الجمعية، وعقد أول مجلس للجمعية والذي قرر بناء كنيسة كبيرة (إيفانجليسموس) تحوي كل الجالية التي كان عددها كبير في تلك الفترة، وبناء مستشفى ومدرسة من أقدم المدارس، فضلًا عن أنه تم إنشاء بعد ذلك أكبر مدرسة للجالية اليونانية وهي مدرسة «افيروف» والتي أنشأت في عام 1896م.
وأكد أنه بالتزامن مع اليوم العالمي للعمل الخيري والمؤسسات الغير حكومية، والذي شهده الرئيس عبد الفتاح السيسي، أشار رئيس الوزراء إلى أن تاريخ العمل الخيري والجمعيات، وبداية العمل الخيري في مصر بدأ بالجمعية اليونانية، وهو شيء نسعد ونفتخر به، وذلك لأن اليونانيين المصريين يعتبرون مصر بلدهم الأولى، وهم ضمن النسيج الوطني المصري، حيث ولدوا وتربوا وعاشوا في جميع انحاء مصر، وكانوا من جميع فئات الشعب.
وأوضح أن اليونانيون تواجدوا بقوة في الصناعة والخدمات والزراعة مثل زراعة الدخان والقطن، وكان أفضل قطن في العالم هو القطن المصري طويل التيلة والذي ساهم في صناعته بشكل كبير في ذلك الوقت هو المهندس اليوناني «سكلاريدس» والذي تم منحه الملك فؤاد الأول، وسام نظير خدماته في مجال صناعة القطن المصري، فضلًا مشاركة اليونايين في زراعة القطن، و الوصول إلى النوع المميز الذي كان يُصدر إلى دول اوروبا من خلال أكبر ميناء بالبحر المتوسط وهو ميناء الإسكندرية، بالإضافة، أن رواد صناعة الدخان في مصر هما جناكليس، كريازي و كوتاريللي.
•الجمعية اليونانية والعمل الخدمي
وأشار«كافوراس» إلى أن الجمعية اليونانية تقدم خدمات للجالية اليونانية بشكل أساسي، ولكن هي تقدم خدمات ايضًا لجميع فئات المجتمع السكندري وليس للأعضاء فقط، مشيرًا إلى أن الجمعية تقدم خدمات خيرية، وصحية، ويتبعها مدارس حريصة منذ تأسيسها على إطلاق النشيد الوطني الجمهوري لدولتي مصر واليونان يوميًا، فضلًا عن توفير منح دراسية لأبناء الجالية بداخل مصر، بالإضافة إلى دار مسنين، تسع حوالي 30 مسن وهي خدمة كاملة مجانية، رجال وسيدات، والمساهمة في ترميم الكنائس، وصيانتها، ومتابعة وصيانة المدافن اليونانية.
•التبادل الثقافي
وأكد أن المجال الثقافي يحظى بأهمية كبرى، وذلك للربط بين الثقافة المصرية واليونانية، والذي يعتبر جسر بين الشعبين الشقيقين، حيث يتواجد مركز ثقافي تابع لوزارة الثقافة اليونانية، والذي بدوره يتم التنسيق والتعاون بين البلدين وإقامة حفلات لمطربين من اليونان في دار اوبرا سيد درويش، ومكتبة الإسكندرية، وبداخل مقر الجمعية اليونانية، بالإضافة إلى التعاون مع مكتبة الإسكندرية، والذي يعمل على تقارب الشعوب.
•العودة للجذور
وأشار سكرتير الجمعية اليونانية بالإسكندرية، إن فكرة العودة للجذور هي مبادرة مصرية من الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وتبنتها السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، مشيرًا إلى أنه تم تنفيذ 4أجزاء من المبادرة حتى الآن.
وأوضح أن الجزء الأول كان ينصب على هو عودة اليونانيين المصريين اللذين خرجوا من مصر وهم شباب، ليعودوا إلى مصر والإسكندرية، وهم مسنين، وكان رد فعل اليونانيين المصريين شعور غريب من الفرح والبكاء قائلًا:« هما خرجوا من مصر
وسايبين نص قلبهم فيها، وكانوا عاوزين يقبلوا ارضها عند وصولهم» مشيرًا إلى أنهم زاروا الإسكندرية، واماكن كثيرة في مصر، فضلًا عن وزيارة عائلتهم وأماكن عملهم وإقامتهم.
وتابع أن الجزء الثاني، كان لليونانين المهاجرين في استراليا، حيث هاجر اليونانيين بعد الخروج من مصر إلى استراليا، وجنوب افريقيا، وكندا، واسسوا جاليات يونانيةومصرية، حيث زارت السفيرة تلك الجاليات في استراليا، وتناولت معهم الأكلات المصرية ( الفول والفلافل، والملوخية)، حيث أنهم يعشقوا مصر ويتابعوا اخبارها بإستمرار ويسعدوا بالتطور التي تشهده خلال السنوات الأخيرة.
وواصل أن الجزء الثالث، كان يختص برجال الأعمال والأطباء، أما الجزء الرابع كان للشباب من الجيل الثاني والثالث، ليتعرفوا على بلدهم مصر ومدينتهم الإسكندرية، وبدأ البرنامج من المكان الذي انطلقت منه المبادرة من رأس التين، ثم زيارة والجمعية اليونانية، ومتحف كفافيس، وزيارة الاهرامات والبرلمان واستضافنا الرئيس عبد الفتاح السيسي، في قصر الاتحادية.
وأوضح أن أي فاعلية تساهم بها الجمعية لمصر، تنقل الصورة الحقيقية لها بالخارج نحن جسر بين مصر واوروبا، مشيرًا إلى أن برغم أن العلاقات بين مصر واليونان كانت علاقات طبيعية على مر القرون، إلا أن المبادرة كان لها دورًا كبيرًا في تحسين العلاقات السياسية في ظل رعاية الرئيس السيسي.
•الرئيس السيسي يهتم بدور الشباب
وأكد أن مقابلته للرئيس عبد الفتاح السيسي، كانت مهمة جدا، حيث أكد الدور الثقافي والعلاقات بين الشعوب، والعلاقات المصرية اليونانية، فضلًا عن اهتمامه بالإستماع لصوت الشباب، الذي لأول مرة يزور مصر وهم من اصل يوناني مصري أو قبرصي مصري وبهم جينات حب مصر رغم عدم زيارتها من قبل، والتطرق إلى الحديث عن الأسر والأجداد ودورهم في العديد من الأحداث التي مرت على مصر.