أمينة محمد.. مجنونة فى نظر المجتمع وجريئة ومختلفة من وجهة نظرها
يعد الإنتاج السينمائي من أهم صناعات العصر الحديث، والتي يقع على عاتقها ليس فقط عبء بقاء صناعة السينما واستمرارها والحرص على نموها وازدهارها لضمان اقتصاد متماسك وقوي، ولكن يجب أن يكون لدينا منتجون لديهم الحث الفني والقدرة على الاستثمار دون أدنى إخلال بعناصر الجودة الفنية والفكرية وبعوامل الجذب السينمائي الأساسية، والتي لها مردودها في زيادة إيرادات الأفلام ودعم نمو اقتصاد صناعة السينما.
وللدور النسائي في الإنتاج السينمائي أهمية كبيرة، فلدينا ست نماذج نسائية عظيمة هن أول من أنتجن للسينما المصرية "فاطمة رشدي"، "أمينة محمد" خالة الفنانة “أمينة رزق”، “عزيزة أمير”، “بهيجة حافظ”، “آسيا و ماري كوين”، تلك أسماء رائدات الإنتاج السينمائي المصري.
لم يكن الإنتاج النسائي عاديًا بل كان إنتاجًا هامًا، خاصة أن من اقتحم هذا المجال سيدات عربيات، وكانت الصعوبة تكمن أيضا في تقبل ظهور المرأة كممثلة على شاشات السينما التي لم تكن تتناسب مع تقاليد المجتمع في ذلك الوقت، كانت تلك التجربة النسائية شعلة البدء في إنشاء صناعة هامة باتت حديث العالم من خلال نجوم وصناع فن السنيما المصرية.
و من جانبه، أكد المؤرخ الفني محمد شوقي في تصريح لـ“الدستور”، على أهمية دور المنتجين في السينما المصرية خاصا السيدات وقال إن المنتجة أمينة محمد ممثلة وراقصة ومخرجة ومنتجة مصرية ولدت في مدينة طنطا عام 1908، أحبت الفن من خلال مشاهدتها للموالد والسيرك المتنقل والمسارح المتنقلة في طنطا، والتي كانت تعرض المسرحيات من فصل واحد بطولة الفنان "عزيز عيد و روز اليوسف".
لفتت نظر الفنان عزيز عيد وكانت في سن الثامنة، كوان من ضمن فقرات العرض أن يحمل "عزيز عيد" فتاة صغيرة من ضمن الجمهور بشكل عشوائي ويدور بها على المسرح بشكل مستمر وما أن توقف بها عزيز عيد وسمعت الطفلة أمينة التصفيق وشعرت أنه موجهه لها الأمر الذي جعلها تعشق التمثيل و تنوي دخول عالمه.
انتقلت أمينة محمد بعد ذلك إلى مدينة القاهرة في "حي عابدين" مع الشيخ محمد رزق الجعفري والد أمينة رزق والتي تصغرها بعامين، بعد وفاة الشيخ محمد الجعفري.
عملت كل من أمينة محمد وأمينة رزق في فرقة يوسف وهبي ثم انفصلت أمينة محمد عنها، وعملت في فرقة نجيب الريحاني وفرقة إخوان عكاشة وفرقة أمين عطا الله، ثم اتجهت للرقص وتفوقت على قريناتها في ذلك الوقت ومن أبرزهم "ببه عز الدين وامتثال فوزي".
اتجهت بعد ذلك للإنتاج السينمائي ولم تبخل السيدة "أمينة محمد" على السينما والفن وأنفقت أموالها على إنتاج الأفلام ودعم صناعة السينما، ولا يقل دورها أهمية عن دور غيرها من الرائدات مثل عزيزة أمير وآسيا داغر وفاطمة رشدي وإن كانت تقل عنهن شهرة.
كما قدمت الوجوه الجديدة الفنان محمود المليجي والفنان حسين صدقي من خلال فيلمها الأول "تيناونج" والذي أنتج عام 1937 بتكلفه 17 جنيه كما قدمت للسينما محسن سرحان لذلك كان يطلق عليها "مكتشفه النجوم".
أرادت "أمينة محمد" أن تكون دائما البطلة الأولى لذلك توقفت عن التمثل بسبب رفضها أداء أدوار الأمومة والأدوار الثانية، كما كانت تهاجم الرقص الشرقي خاصا بعد أن رقصت في "الليدو الشانزليزيه" بفرنسا وأن الرقص يجب أن يعتمد على حركات الأيدي والأكتاف ودون ذلك مبتذل.
للأسف تم فقد أعمالها ولم يتبق منها ألا مجرد تنويهات وصور محدودة، من أعمالها فيلم "تيتاوونج "عام 1937، "أبو ظريفة" عام 1936، "الدكتور فرحات" عام 1935، "شبح الماضي" عام 1934، "خفير الدرك" عام 1936، "تاكسي حنطور" عام1945، "100 الف جنيه" عام 1936، "المجد الخالد" عام 1937، "الحب المرستاني" عام 1937، "جوهرة" عام 1943.
كانت أمينة محمد نشيطة بشكل مفرط ومزاجية التفكير أيضا وكانت دائمًا تقيم مشروعات في مجالات مختلفة وعندما سؤلت عن السبب أجابت “أن الحياة قصيرة جدًا ومتهيألي أني مش هالحق أعمل كل اللي في مخي”.
كانت أمينة محمد سابقة لزمانها أدمنت إحراق المراحل وتجاوز مجتمعها في خيارات بدت حينها مجنونة في نظر المجتمع وجريئة ومختلفة من وجهة نظرها.