في حفل الكلية الإنجيلية.. عاطف مهني يكشف مراحل تطور التعليم اللاهوتي
احتفلت كليَّة اللاهوت الإنجيليَّة بمصر الجديدة، بتسليم الدَّرجات العِلميَّة لخريجي الدّفعة 150 من طلبة الكُليَّة بأقسامها المُختلفة، برئاسة الدكتور القس يوسف سمير، رئيس مجلس الكُليَّة.
وألقى الدكتور القس عاطف مهنّي المَعْصَراني، أستاذ العهد الجديد، مدير مركز مسيحية الشرق الأوسط بالكلية خطاب الحفل بعنوان "التَّعليم اللاهوتي بين صِحَّة المُعتقَد واستقامة الحياة".
وقال الدكتور عاطف مهني خلال كلمته: “أود أن أهنئكم بهذه المناسبة العظيمة، بتخرج الدفعة رقم 150 في كلية اللاهوت الإنجيلية، الكلية العريقة، الكلية ذات التاريخ المشرف. هذا الحفل يمثل مناسبة خاصة للكنيسة الإنجيلية بمصر حيث خرجت الكلية من 150 عامًا، تادرس يوسف أفندي، الذي صار فيما بعد القس تادرس يوسف، أول قسيس إنجيلي بمصر. أما بالنسبة لي، فهذه المناسبة تعني الكثير لي شخصيًا، لأن فيها أخاطب آخر دفعة عايشتها وخدمتها كعميد للكلية خلال الواحد والعشرين عامًا الماضية. ولهذا، فاسمحوا لي أن أوجه شكرًا خاصًا لمجلس الكلية لتكرمهم باختياري خطيبًا لهذه المناسبة الخاصة جدًا”.
وأضاف: "لابد أن نبدأ حديثنا بتعريف المقصود بمصطلح "التعليم اللاهوتي" ففي الأصل كلمة اللاهوت هي ترجمة للكلمة اليونانية ثيولوجيا، ومعناها الكلام عن الله أو التعليم عن الله، وعليه فالتعليم اللاهوتي في أبسط معانيه هو التعليم عن الله، أو العلم المختص بالله".
وتابع: "لكن مع الزمن بدأ المصطلح يلتصق أكثر بالتعليم الرسمي الذي يُدرَّس بالجامعات وكليات اللاهوت والإكليريكيات لإِعداد رجال الدين المسيحي والقيادات الدينية المسيحية. ثم تطور استخدام صفة "اللاهوت" حتى باتت تصبغ جميع المواد التي تُدرَّس في تلك المؤسسات الرسمية حتى لو لم يكن المضمون الأولي لتلك المواد هو التعليم عن الله. فالمواد العملية مثل علم الوعظ والخطابة وإدارة الكنيسة وغيرها سميت باللاهوت العملي، ومواد أخرى أُطلِق عليها اللاهوت الأدبي وهناك اللاهوت الفلسفي واللاهوت الرعوي".
واستكمل: "وإذا اتخذنا في حكمنا على هذا التطور توجهًا إيجابيًا، فلعل إطلاق صفة "اللاهوت" على جميع المساقات والدروس التي تقدم في تلك الكليات الرسمية غرضه التذكير بأن هدف كل ما يُدرَّس هو فهم أعمق لله".
وأضاف: “هنا لابد من وقفة تصحيح مسار انطلاقًا من العودة للمعنى الصحيح للتعليم اللاهوتي. فإن كان محور هذا المجال التعليمي وهدفه هو الله، فكل مسيحي وكل رواد الكنائس من المفترض أنهم يتلقون قدرًا من التعليم اللاهوتي. لذلك لا يجب أن نُقصِر كلامنا عن تحسين وإصلاح التعليم اللاهوتي على ما تقدمه كليات اللاهوت من تعليم رسمي، على الرغم من الأهمية القصوى لذلك. بل علينا أن ننتبه للتعليم الذي تقدمه الكنائس أسبوعيًا من عظات ودروس في الكتاب المقدس ودراسات في العقيدة ومناهج مدارس الأحد وبرامج إعداد الخدام”.
وواصل: فهذه التعاليم كلها يجب أن يكون محورها الله أي السعي إلى معرفته بشكل أعمق وفهم وصاياه وعمل مرضاته وتجنب ما يغضبه من شرور وآثام. وإن تبنينا هذا التفسير الأولي للتعليم اللاهوتي، كتعليم عن الله، فمن الصعب أن نظن أن خدام الكلمة والقسوس يمكن أن يكتفوا بدراسة مدتها ثلاث أو أربع سنوات يحصلون بعدها على شهادات لاهوتية رسمية، ظانين أنهم تعلموا ما يكفي عن الله غير المحدود لابد إذًا لكل خادم أن يستمر في الدراسة اليومية -غير الرسمية- إن أراد ألا ينطفئ نوره ويخفت صوته أو يخبو تأثيره، هذه الدراسة اليومية غير الرسمية هي إذًا نوعٌ من التعليم اللاهوتي.
تطور التعليم اللاهوتي عبر التاريخ
وتابع: دعونا الآن نتتبع تطور التعليم اللاهوتي عبر التاريخ لعلنا نعرف أين نحن الآن وهل من حاجة إلى إصلاح في منظومة التعليم اللاهوتي
وواصل: لعلنا نكون منصفين إذا بدأنا قصة التعليم اللاهوتي من مدارس معلمي الشريعة اليهودية الذين نُطلق عليهم الربيين. فنحن نعلم أن بعد السبي وهدم الهيكل، تشتت اليهود ولم يعد لهم مكانٌ يجمعهم للعبادة وتقديم الذبائح. وهنا نشأت المجامع في كل المدن الكبرى في الإمبراطورية الرومانية التي بها جاليات يهودية كبيرة. وصار تعليم الناموس هو مركز العبادة بدلاً من الذبائح، واستمر تفوق المجامع وأولوية تعليم الناموس على الهيكل والذبائح حتى بعد العودة من السبي البابلي وإعادة بناء الهيكل الثاني، هيكل زربابل.
وتابع: أما تلاميذ السيد المسيح فقد كانت مدرسة تعليمهم أقل رسمية وأكثر تلقائية وديناميكية من مدارس الربيين، حيث كانوا يرافقون سيدهم ويجولون معه أينما ذهب. يسمعوه وهو يُعلم ويشاهدونه وهو يصلي ويأكلون معه ويذهبون في رفقته إلى خلوات عبر البحر، ويرونه وهو يشفي المرضى: العرج والعمي والبرص، ويشاهدونه وهو يخرج الشياطين ويقيم الموتى. لقد رأوه وهو يتحنن على العشارين والخطاة ويتعامل معهم بكل صبر ورفق كمرضى روحيين، بينما رأوه وهو يواجه بكل حزم وشدة قادة اليهود، العارفين الناموس، كاشفًا رياءهم وفاضحًا نفاقهم وموجهًا لهم الويلات على غلاظة قلوبهم وتحميلهم الناس أمورًا عسرة لم يستطيعوا هم أنفسهم عملها، تاركين جوهر تعليم الناموس عن الحق والرحمة.
التعليم في الزمن الرسولي (30م- 100م)
وتابع: ليس لدينا تاريخٌ مدون يؤكد وجود مدارس رسيمة تقدم تعليمًا لاهوتيًا منظمًا في تلك الفترة لكن الاهتمام بالتعليم بوجه عام وبصحة وسلامة التعليم بوجه خاص
وتابع: لقد امتزج التعليم اللاهوتي في كتابات رسل المسيح باقتباسات كثيرة من الكتب المقدسة من أسفار العهد القديم. فهناك عشرات النبوات التي تشير إلى السيد المسيح: ميلاده، ونسبه، وتواضعه، وأعماله، وصلبه، وقيامته، وكينونته.
وواصل: لم تكن الرسائل والكتابات هي الوسيلة الوحيدة لتعليم الرسل في القرن الأول، لكن الرعاية والتلمذة والشركة كانت وسائل أساسية صاحبت الكلمة المكتوبة في هذا النموذج من التعليم اللاهوتي غير الرسمي. ويمكننا تسمية هذه المدرسة اللاهوتية بالمدرسة الرسولية التأسيسية للإيمان المسيحي. والتركيز في هذا النموذج الرسولي على أساس الإيمان يسوع المسيح متمم النبوات.
التعليم اللاهوتي الرسمي مدرسة الإسكندرية (200م- 500م)
وتابع: يعتقد الكثير من الباحثين أن الكنيسة المصرية التي أسسها القديس مرقص بالإسكندرية مع أواخر القرن الأول الميلادي قد صاحبها تأسيس أول مدرسة لاهوت قدمت تعليمًا لاهوتيًا رسميًا. ولعل الأسقف ديمتريوس، الذي عاش في نهاية القرن الثاني الميلادي، كان أول مؤسسٍ لتلك المدرسة وأن القديس أكليمندس السكندري كان أول مديرٍ لها. لقد دامت هذه المدرسة ما يقرب من أربعة قرون على الأقل وكان لها التأثير الأكبر والأعظم في صياغة العقيدة المسيحية والدفاع عن الإيمان المسيحي ضد الهرطقات. لقد كان تعليم تلك المدرسة يأخذ صورة سؤال وجواب catechism.
وأردف: ويذكر Max Muller كيف تمتع قادة هذه الكنيسة، أمثال أكليمندس السكندري (150-215م) بعقلية موسوعية جعلتهم في حراك ديناميكي مع الفلسفة اليونانية التي كان لها باع كبير في الإسكندرية، لاسيما من خلال مكتبتها العظيمة آنذاك. ففي الوقت الذي اعتبر آباء الكنيسة الغربية الفلسفة اليونانية شرًا يجب الابتعاد عنه، أكد القديس أكليمندس بعقل منفتح وقلب متسع أنه لا خصومة بين الفلسفة والدين.
وأضاف: ويذكر Farrar عدة أسماء من عمالقة هذه المدرسة مثل العلّامة أوريجانوس تلميذ أكليمندس السكندري (185-245م) والقديس أثناسيوس وغيرهم. هؤلاء وتلاميذهم أثروا المسيحية بكتاباتهم التي ركزت على صياغة العقيدة وتقديم التعليم الصحيح. وبرز دورهم الكبير في المجامع المسكونية، وقد كتبوا وألفوا العديد من المراجع، لاسيما التفاسير المجازية التي جذبت الكثير من مفكري وفلاسفة الوثنيين في ذلك الوقت لما وجدوه فيها من عمق وجمال وسمو فكري لا يقل عمَّا ألفوه في كتابات الفلاسفة اليونانيين.
وتابع: وقد انتشرت مدرسة الإسكندرية في أديرة مصر وتميزت بالكرازة بالإنجيل مما أدى إلى انتشار المسيحية في ربوع مصر والحبشة. كما اشتهرت بترجمة الكتاب المقدس وتفسيره إلى اللغة القبطية، وقدم معلمو هذه المدرسة من خلال الرهبنة نموذجَ حياةٍ فيها ميلٌ إلى البساطة يصل إلى حد التقشف، واشتهرت مدرسة الإسكندرية بالدفاع عن الإيمان ولو أدى الأمر إلى الاستشهاد.
وواصل: ويرى بعض العلماء أن مدرسة الإسكندرية كانت الشرارة الأولى للتعليم اللاهوتي الرسمي، المنظم وقد امتد تأثيرها إلى مراكز كثيرة أخرى كأنطاكية وأورشليم وأديسا وغيرها. ويمكننا تسمية هذه المدرسة بمدرسة الإسكندرية للعلوم اللاهوتية والعقيدة.
التعليم اللاهوتي الرهباني في النصف الأول من القرون الوسطى (500م- 1000م)
واستكمل: تميزت هذه الحقبة بانتشار الأديرة في الصحاري والجبال في العديد من دول العالم المسيحي. ومع أن الرهبنة قد بدأت مبكرًا في مصر عن طريق القديس بولا والقديس أنطونيوس وموسى الأسود وباخوميوس في القرنين الثالث والرابع الميلادي.
وتابع: لكن الرهبنة والنزوح إلى أديرة الصحراء صارت فيما بعد نهجًا روحانيًا منتشرًا في كنائس الشرق والغرب وتطورت الرهبنة من النموذج الفردي الانعزالي إلى مجتمع رهبان يسير تبع نظام محدد تميز به كل دير. وكان من الطبيعي أن الرهبان الذين انعزلوا عن العالم للاختلاء مع الله تكون لهم دراسات متعمقة في الكتاب المقدس وكتابات تحوي خلاصة دراساتهم وتأملاتهم وخبراتهم. وهكذا تحولت معظم هذه الأديرة إلى مراكز للتعليم اللاهوتي، تحوي مكتبات بها وثائق ومخطوطات نادرة، وصارت بعض الكنائس تشترط أنه قبل رسامتهم للخدمة الكهنوتية يكون الكهنة قد اجتازوا حياة الرهبنة أولاً بما تتضمنه من دراسات لاهوتية عميقة في أحد الأديرة.
وواصل: ومع الزمن تطور نظامٌ للدراسة في العديد من الأديرة، وأصبح على الرهبان والراهبات أن يدرسوا الفلسفة والتاريخ والأدب والفن والشعر والعلوم المختلفة بما فيها الطب والهندسة والفلك أحيانًا جنبًا إلى جنب مع دراستهم للكتاب المقدس والعقائد المسيحية. ومع أن هذه الأديرة صارت أقرب لجامعات يسمح للعامة الالتحاق بها، إلا أن المستهدف الرئيسي كان الرهبان والكهنة المطلوب إعدادهم لقيادة شعب الكنيسة.
ونوه: يمكن تسمية التعليم اللاهوتي في تلك الحقبة بمدرسة التعليم اللاهوتي والعلوم الإنسانية. فالتركيز على دراسة الإنسانيات، أصبح ضرورة لفهم الله ودراسة اللاهوت!
النصف الثاني من العصور الوسطى، وبدء تأسيس الجامعات الدينية (1000م- 1500م).
وتابع: تميزت هذه الحقبة بانتشار المسيحية في معظم دول العالم، لاسيما في أوروبا، وكان للبابا سلطة سياسية لا تقل كثيرًا عن سلطته الدينية، وصار هناك صراع شديد بين الكنيسة والدولة وكاد الخط الفاصل بين السلطة الدينية والسلطة المدنية يختفي تمامًا. وقد صاحب هذه الحقبة الزمنية ما أطلق عليه عصر النهضة، لا سيما مع بداية القرن الرابع عشر، وما صاحب ذلك من نهضة في الأدب والفن والموسيقى، والعلوم الاجتماعية والإنسانية واللغات لا سيما اللاتينية واليونانية. وقد صاحب سقوط القسطنطينية في القرن الخامس عشر، هجرة الكثير من الفلاسفة والمفكرين اليونان إلى إيطاليا، مدعمين حركة النهضة والترجمة. وكثر في تلك الحقبة إنشاء الجامعات والأكاديميات المرموقة في معظم دول أوربا.
وتابع: وفي أغلب الأحيان كانت نشأت تلك الجامعات في حضن الكنيسة. وبدأ التعليم اللاهوتي آنذاك يميل إلى التركيز على العقل والتفكر النقدي والمداخل الإنسانية، وركان التركيز الأكبر لتلك الجامعات هو إعداد خريجٍ مؤهلٍ للخدمة في وظيفة مدنية أكثر من إعداد خادم للمسيح وراعى لشعب الكنيسة.
وأضاف: ومع مرور الزمن أصبح التعليم اللاهوتي في الجامعات الأوروبية درجة عليا تلي البكالوريوس، والذي كان درجة جامعية أولية، شمولية تتضمن دراسات في الآداب والعلوم والحساب والفلك والهندسة والقانون والفن والموسيقي واللغات الكلاسيكية لا سيما اللاتينية واليونانية. ويمكن تسمية التعليم اللاهوتي لتلك الفترة بالتعليم اللاهوتي من مدخل اجتماعي نقدي.
التعليم اللاهوتي في حقبة الإصلاح (1500م-1700م)
وقال: مع بداية القرن السادس عشر ظهر المصلحون في العديد من دول أوربا، فظهر مارتن لوثر وملانكتون في ألمانيا، وجون كالفن في سويسرا وفرنسا، وجون نوكس في إسكتلاندا. ومن خلال مبادئ الإصلاح الرئيسية والتي أهمها الكتاب المقدس وحده Sola Scriptura بدأت عملية تنقية اللاهوت المسيحي من التعاليم الزائفة والخرافات، والتي اختلطت فيها تعاليم البشر بكلمة الله، حيث كثرت الروايات والقصص التراثية، لا سيما التي تمجد القديسين وتركز على بطولاتهم وأعمالهم الخارقة والمعجزات المنسوبة لهم.
وتابع: وأهتم المصلحون في تفسيرهم للكتاب المقدس بالتفسير التاريخي واللغوي بالرجوع إلى اللغات الأصلية للكتاب المقدس -العبرية واليونانية- وأحجموا بشدة عن التفسير الرمزي والمجازي والذي كثيرًا ما يقرأ في النص المقدس ما ليس فيه.
وأضاف: ازدهرت لأكاديميات البروتستانتية في زمن أولئك المصلحين، ولا شك أنهم استفادوا كثيرًا من دراستهم العليا في اللغات والكلاسيكيات والإنسانيات التي ميزت تعليم عصر النهضة، ولكن مدخلهم الإصلاحي الذي تجسد في مركزية الكتاب المقدس وفرادة المسيح وأولوية النعمة وحصرية الإيمان للخلاص والتأكيد على إعطاء المجد لله وحده، كانت بمثابة دعائم ارتكز عليها التعليم اللاهوتي في زمنهم وساهمت في تخليص التعليم اللاهوتي المسيحي مما لحق به من تعاليم بشرية مسيسة، غير مؤسس على الكتاب المقدس. لقد أحيا إصلاح التعليم اللاهوتي من جديد رؤية إعداد خادم للمسيح وراعٍ للكنيسة بدلاً من إنتاج فلاسفة أو خطباء متفلسفين.
التعليم اللاهوتي ما بعد الإصلاح (1700م-2000م)
وواصل: تتميز هذه الحقبة بصراع بين التعليم اللاهوتي بالجامعات الدنيوية ومثيله في كليات اللاهوت المسيحية. فبعض الجامعات تنظر نظرة دونية لكليات اللاهوت المرتبطة بالكنائس التي تحاول أن تؤهل خادم للمسيح نشأ على احترام كلمة الله والإيمان بوحيها، وتدرَّب في المقام الأول على دراسة الكتاب المقدس ومحاولة تفسيره بدقة وأمانة للنص، مع السعي الجاد لممارسة التقوى في الحياة العملية. وأعتقد أنه شيئاً فشيئاً بدأت بعض الكليات الكنسية تفقد هذا التميز ربما خوفاً أو خجلاً من أن يُنظر إليها على كونها أقل علميًا وأكاديميًا من التعليم اللاهوتي بالجامعات.
واختتم: لم ينقذ التعليم اللاهوتي من هذا الوضع المتردي إلا حركات الإرساليات التي بدأت في إنشاء مراكز لإعداد المرسلين، كانت تهتم بالحياة الروحية والتقوية للمرسل جنباً إلى جنب مع تعليمه اللاهوتي. ومن القادة الذين كان لهم دور محوري في الحفاظ على التوازن بين التعليم اللاهوتي الأكاديمي الذي يحترم العقل، وبين الحياة الإيمانية والتقوية. من هذه الأسماء نذكر جون ويسلي ومودى ولايتفوت وويستكوت ووليم كاري الذين أسسوا كليات لاهوت مرموقة في إنجلترا وأمريكا والهند وغيرها من بلاد العالم مع حركة الإرساليات، مثلما حدث مع كليتنا العريقة التي أسسها مرسلو الكنيسة المشيخية الأمريكية عام 1863 أي بعد 9 أعوام فقط من مجيئهم إلى مصر.