الأقباط يحتفلون بعيد النيروز.. تعرف على الأصل التاريخي له
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برأس السنة القبطية، والذي يسمى عيد النيروز.
وقال ماجد كامل الباحث في التراث القبطي، إن عيد النيروز هو بداية التقويم القبطي أو ما يقابل رأس السنة ؛ والأصول الأولي لهذا التقويم يرجع إلي العصر الفرعوني وبالتحديد إلي الإله (تحوت “Thot” وهو إله الحكمة، ورب القلم، ومخترع الكتابة ومقسم الزمن وكان رمزه الطائر إيبيس “IBIS” المعروف عند المصريين باسم أبو منجل؛ لذلك كانوا يحنطونه بعد موته تكريمًا للمعاني التي يمثلها عندهم.
وتابع: "أما عن الأصل اللغوي لكلمة نيروز فهناك رأيان الرأي الأول يرجعه إلي أصل فارسي ومعناه "اليوم الجديد" باللغة الفارسية ، أما الرأي الآخر فيرجعه إلي أصل قبطي؛ فكلمة "نياروو" معناها أنهار باللغة القبطية ولما كان هذا هو موسم الاحتفال باكتمال فيضان نهر النيل لذا نظم المصري القديم هذه الاحتفال كرمز للوفاء للنيل.
مستكملاً: "وعندما دخل اليونان مصر أضافوا إليها حرف السين علامة أسم الفاعل في اللغة اليونانية فأصبحت "نياروو –س" وحرفت مع الزمن إلي النيروز؛ وعودة إلي الأصل التاريخي لهذا العيد؛حيث يذكر علماء المصريات أن المصري القديم هو الذي قام بوضع هذا التقويم؛ وكان ذلك حوالي عام 4241 ق.م عندما لاحظوا ظاهرة الشروق الاحتراقي لنجم الشعري اليمانية؛ والمعروف في اللغة اليونانية باسم "سيروس SIRIUS" قبل شروق الشمس مرة كل عام؛ وكان المصريون يسمونه "سبدت" وهو ألمع نجم في السماء؛ ويبعد حوالي 8 ونصف سنة ضوئية عن الأرض؛ وقد قسموا السنة إلي ثلاثة فصول كبيرة هي:- فصل الفيضان، فصل البذر والزرع، وفصل الحصاد وقسموا السنة إلي 12 شهرًا؛ كل شهر ثلاثون يومًا ؛ وأضافوا المدة الباقية وهي خمسة أيام وربع؛ وجعلوها شهر بذاته؛ أسموه بالشهر الصغير أو (النسيء) وبذلك أصبحت السنة القبطية 365 يومًا في السنوات البسيطة؛ 366 يومًا في السنوات الكبيسة.
وتابع: "عندما جاءت المسيحية إلي مصر حوالي عام 61م تقريبًا؛ ومع ظهور عصر الشهداء؛ أراد الأقباط أن يخلدوا ذكرى دماء هؤلاء الشهداء؛ فاتخذوا من تاريخ اعتلاء دقلديانويوس عرش الأمبراطورية الرومانية وهو 284م؛ بداية التقويم لعصر الشهداء؛ فإذا حذفنا 284 من 2010 تصبح 1728 للشهداء؛ ولقد استمرت الحكومة المصرية تتبع هذا التقويم كالتقويم الرسمي للدولة حتى ألغاه الخديوي إسماعيل عام 1875م وكان يقابلها عام 1539 للشهداء؛واستبدله بالتقويم الميلادي الذي ما زال متبعًا حتى الآن كالتقويم الرسمي للدولة، غير أن الفلاح المصري مازال يتبع التقويم القبطي حتى الآن في الزراعة.
وتابع: من أشهر الحوادث المرتبطة بالنيروز في التاريخ الكنسي ما جاء في سيرة البابا يؤانس السادس عشر البطريرك (103) من سلسلة بطاركة الكنيسة القبطية والشهير بالطوخي (1676-1718 م) أن فيضان النيل جاء منخفضًا، فتوجه الأب البطريرك إلى كنيسة العذراء بالعدوية (كنيسة السيدة العذراء بالمعادي حاليًا وهي إحدى المحطات الهامة في رحلة العائلة المقدسة إلي أرض مصر، فمنها توجهت العائلة المقدسة إلي الصعيد) ومعه مجموعة من الأباء الكهنة في يوم عيد النيروز، وصلى القداس هناك، ثم صلي على ماجور به قليل من الماء وسكبه في نهر النيل؛ وكرر هذا الأمر عدة أيام متواصلة؛ فتحنن الله برحمته على شعبه؛ وفاض النيل في اليوم الثاني عشر من شهر توت".
مستكملاً: "في العصر الحديث وتحديدًا في عام 1884؛ تكونت في أسيوط لجنة لإحياء التاريخ القبطي مكونة من تادرس شنودة المنقبادي صاحب جريدة مصر، الخواجة يوسف إسرائيل، سرجيوس قلتة، أبادير سمعان، مشرقي حنا، أبادير نخيلة، صليب ميخائيل، ساويرس حنا، وقررت اللجنة ترتيب احتفال كبير بعيد النيروز، وبالفعل تم هذا الاحتفال في سبتمبر 1885م، وحضر الحفل مطران أسيوط في ذلك الوقت وقناصل الدول المختلفة وأعيان وموظفو أسيوط.
مختتمًا: "يبقى بعد ذلك كلمة أخيرة عن الاحتفالات الشعبية في عيد النيروز، ففي هذا اليوم يقبل الأقباط على أكل البلح الأحمر والجوافة والعنب الأحمر؛ وذلك لما كانت لهذه الفواكه من رموز ومعاني تشرح معني النيروز، فالبلح لونه أحمر رمز لدم الشهيد، وقلبه أبيض رمز لطهارته؛ أما قلب البلحة فهو صلب رمز وإشارة لقوة وثبات إيمان الشهيد، أما الجوافة فأن لونها أبيض رمز الطهارة وبذورها صلبة رمز الثبات على الإيمان، وفي نفس هذا المعنى يمكن أن نضيف العنب الأحمر؛ فالأحمر رمز الدم، والبذور الصلبة رمز ثبات الإيمان.