كبسولة حكومة طالبان.. فى أرض التطرف والإرهاب
يفتح الستار عن مجرد أرقام، دلالات، لتسارع خطير في الأحداث القادمة من أفغانستان… 07/09/2021.. تاريخ اليوم السابع من سبتمبر، من عامنا هذا، "طالبان" تعلن تشكيلة الحكومة الجديدة لأفغانستان!
.. حقيقة في مواجهة أشكال من الخيال الجامح، الذي يقود العالم.
إننا أمام "كبسولة حكومة طالبان"، التي ستقود العالم من أرض أفغانستان التطرف والإرهاب.
في رؤية مختلفة، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش:" «يجب علينا أن نُبقي على الحوار مع طالبان؛ حوار نؤكّد فيه على مبادئنا بصورة مباشرة، يرافقه شعور بالتضامن مع الشعب الأفغاني».
ما قاله غوتيريش مدروس، يتزامن مع قرب اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، بدلالة تخطيط سياسي أممي، ساعٍ لتغيير ردود الفعل العالمية حول ما يحدث في أفغانستان، حركة طالبان، والحكومة التي ستقود البلاد.
.. عالمنا، عربيًا، إقليميًا، ودوليًا، يترقب الأوضاع المتأزمة في أفغانستان وجوارها تحديدًا.
على غير العادة، يصدر الأمين العام للأمم المتحدة، ما يشبه التباكي، يتباكى على بلد، دفعت الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 2 تريليون دولار أمريكي، للحرب فى جبال وسهول حركة طالبان الأيديولوجية الدينية المتطرفة؛ أموال ضاعت هباء جعلت الأمم المتحدة تقول: "واجبنا هو أن نتضامن مع شعبٍ يُعاني بشدّة، حيث يواجه الملايين والملايين خطر الموت جوعًا".
يتزامن ما يريد غوتيريش، مع اضطراب دولي، يرافقه تخبط أمريكي، جراء شكل وشخصيات التركيبة الحكومية لحركة طالبان، ما يشكل بؤرة لنقاط متطرفة إرهابية، وتنظيمات قد تقود حروب العالم القذرة، الحروب بالوكالة والتدمير وإثارة الأزمات، وإلا فما معنى تأكيد الأمم المتحدة على لسان أمينها :"ثمّة خطرٌ حقيقي، إذ يمكن لهذه الجماعات الإرهابية في تلك المنطقة، أن تتحمّس لما حدث في أفغانستان وأن تصبح لديها طموحات تتخطّى تلك التي كانت لديها قبل أشهرٍ قليلة" .
حقيقي هذا الخطر القادم على العالم من وسط آسيا.
وجدليًا، أمنيًا فثمّة "شيء جديد في العالم وهو خطِر للغاية، بات الحال الراهن، أزمة حقيقية لأفغانستان وللعالم.
إن الكوارث التي نراها تحدث في جميع أنحاء العالم الآن مترابطة، تتبع مصفوفة موحدة، أكثر مما قد ندرك، كما أنها لها مرجعية فكرية سياسية، اقتصادية، ولا تخرج عن مدلولات اللعب بالسلوك الفردي. إذ إن لأفعالنا تداعيات، الأمن والإرهاب والطرف معادل لها.
في حالة أفغانستان الحكومة والتنظيم والعلاقات مع دول الجوار والعالم، ما يعطينا مؤشرات على الخطاب الأيديولوجي لحركة طالبان وتطورت في 20 عامًا من المواجهة.
خلخلة أفغانستان الدولة، شل مقدراتها الجيوسياسية ورهن مستقبلها بمستقبل حركة طالبان وصراعها مع الجيش الأمريكي، هذا من ناحية، أما من الأخرى، فالبلد، يقع في آسيا الوسطى، تحده كل من طاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان من الشمال وإيران من الغرب والصين من الشرق، وباكستان من الجنوب.
أفغانستان، حضاريًا وبشريًا، أرض الأفغان، وتعتبر إحدى نقاط الاتصال القديمة لطريق الحرير والهجرات البشرية السابقة.
جيو استراتيجية أفغانستان، تربط شرق وغرب وجنوب ووسط آسيا، هدف عسكري واقتصادي، لكثير من الشعوب الغازية والفاتحين منذ القدم، منذ عهد الإغريق تحت حكم الإسكندر الأكبر، ومرورًا بالفتوحات الإسلامية وحكم المغول وغيرهم. وقد كانت أفغانستان منبعًا للعديد من الممالك، مثل مملكة باكتريا الإغريقية والكوشانيين والهياطلة والصفاريين السامانيين والغزنويين التيموريين، وممالك أخرى ظهرت في أفغانستان فشكلت دولًا عظمى هيمنت على جيرانها من الممالك الأخرى.
كل ذلك حدد، بالتجربة الإرهابية وبحجج المقاومة والنضال السياسي، مسارات الرؤية الدينية، فكان أن تسيد الخطاب الديني الإسلامي، ليس الوسطى، أو الدين النقي من فقهاء السلاح والاضطهاد، والتطرف، فكانت لطالبان رؤى ضمن تطرف الدين عبر ثلاث قضايا رئيسية تتمثل بالعقيدة والأخلاق والأحكام الفقهية العملية.
لم تقبل طالبان الحوار الحضاري مع العالم، وكانت في تفسيرها لحراك الدين والعالم، لا تتقبل التبديل أو التغيير، فيما أن الأحكام الدينية الفقهية - العملية، فيها اجتهادات ومتغيرات، بحسب ارتهان العالم لأي أزمة أو حرب، أو تطور بيئي أو صحي، لأنها مبنية على النيات الإنسانية، قابلة للبحث والاجتهاد.
حكومة أفغانستان، أزمة دولية لا فكاك لها عالميًا، سلاح، ورجال دين ومقاتلون من معاقل قندهار، المنبت التاريخي للحركة.
ما يبدو، أن حسم الواقع المتراجع سياسيًا، يقلب الخارطة الجيوسياسية والأيديولوجية في هذه البلاد من العالم، البلاد التي عاشت في أواخر سبعينيات القرن العشرين المنصرم، تجربة الحرب الأهلية الأفغانية تخللها احتلال أجنبي عام 1979 تمثل في الغزو السوفيتي تلاه الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001.
رئيس حكومة أفغانستان الجديد، الملا محمد حسن، رسميًا يشغل منصب رئيس "هيئة صُنع القرار" في حركة طالبان منذ أكثر من عشرين عامًا، أعلى مؤسسة في الهرم التنظيمي وهو شخصية دينية سياسية، ينحدر من مدينة قندهار ومن مؤسسي الحركة، إلى جانب قُربه الشخصي من زعيم الحركة هبة الله زادة.
كان معروفًا عن الملا محمد حسن أنه من الشخصيات النادرة ضمن الحركة التي لم تخض أي عمل مُسلح، بل كان يعمل كُمنظر عقائدي وسياسي للحركة.
عمليًا، الحادثة الأكثر بروزًا في حياة الملا محمد حسن هو عقده لاجتماع موسع في العاصمة الأفغانية كابول عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، حيث كانت كابول تحت سيطرة الحركة وقتئذ، وذلك لتقرير مصير زعيم تنظيم القاعد أسامة بن لادن. حيث أعلن الملا محمد حسن وقتئذ "إن كان في وسع الولايات المتحدة تزويدنا بأدلة ضده، فسوف نعاقبه هنا أو نسلمه".
لكن لن يدع الملا محمد حسن، أفغانستان، تعيش اللحظة، أو تحدث الفرق (...)، فالعقل السياسي، غالبًا يتحول إلى عقل أمني، عسكري في السلطة، إلى حد-ربما-يعمل على رفض ما يتعارض مع سياسته، ومع سيطرة أركان وأقطاب حركة طالبان، وسيدوس العديد، القيم الدينية الروحية، ويضعها مسارات تعلل الأعمال الإرهابية والمتطرفة، قابلة للاختلاف والتأويل والانتهازية السياسية.
أفغانستان ستدخل عصابات وتنظيمات، رجال عتاة السلاح هدفهم ممن كانوا في صراعات القوى في العراق وسوريا واليمن، وليبيا وتركيا، وهم عشرات الآلاف، جرت تجارب على تطرفهم، لتدمير بيئة الإنسان من أجل الإرهاب، وقتل البنى الحضارية، كما نراها الآن ماثلة أمامنا.
الملا محمد حسن، قائد ميكافيلي، يقود الحركة بمقولة: الغاية التي تبرر كل واسطة، وفي حوار الإعلام والفضائيات والصور، سيكون الملا، نموذجًا خطيرًا لـ"الليبرالية الكلاسيكية" ما بين حرية - بعض من - الفرد والتزاماته وولائه للدولة وحركة طالبان.
أفغانستان بحاجة إلى إعادة فهم جدي، هناك مؤشرات أممية ومجتمع مدني مدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، لإعادة العمل من جديد في قطاعات الحياة، التربية والصحة والاقتصاد، تتبعها نيوليبرالية معولمة، قد ترهن متطلبات الدولة الأفغانية لواقع الاقتصاد العالمي، السوق، الأعمال، إدارة الأزمات، أيديولجية الحزب، أو الحركة الواحدة.
لرؤية أوضح، قد تضع الحكومة الأفغانية، المنطقة والشرق الأوسط، على تماس مع أزمات العالم، وتحرج سياسات ومواقف دول ومنظمات، قد تتغير الخارطة سياسيًا وعسكريًا.
الكبسولة الأفغانية، قد تجتاح آثارها المتطرفة السلفية، الإرهابية، لتطال آثارها العالم.
- مدير تحرير جريدة الرأي الأردنية