المصادر
المصادر، هي إيه "المصادر" دي يا عمو؟
بـ يقولوا يا سيدي إنك لما تنشر معلومات/ بيانات/ أفكار، فـ تحيل القارئ أو المتلقي عموما إلى المصدر اللي إنت حصّلت منه الحاجات دي.
مممم، وحلوة المصادر دي عماد؟ بـ يقولوا يا سيدي إنها حلوة، وبـ يقولوا: إنك لما تعمل لي إحالة لـ مصدر يبقى إنت كدا في الأمان، وبـ يقولوا: إنه كل ما تكتر الإحالات عندك، فـ محتواك كدا أكثر مصداقية وثراء، وبـ يقولوا كمان: إنك كدا تبقى علمي.
مممممم، واللي بـ يقولوا وبـ يقولوا وبـ يقولوا دول، كلامهم دا تمام؟
بص، خليني أقول لك فكرتي، عن قصة الإحالة لـ مصادر دي، اللي هي أساسا عملية لـ ضبط البحث الأكاديمي، اللي هو نفسه محاولة لـ ضبط المعرفة، فـ إحنا بـ نقول ضبط ضبط، فـ عملية الإحالة لـ مصادر دي لازم تكون منظمة، لها أصول وقواعد، مينفعش نتخلى عنها.
مش هـ نتكلم بـ التفصيل عن كل الأصول والقواعد دي، خلينا نشوف بعضها:
أول هام، دلوقتي أنا بـ أقرا كتاب لـ د. ياسر ثابت، فـ لقيته كاتب معلومات، عن أول مباراة كرة قدم اتلعبت في مصرسنة 1895، وكان لقاء بين فرقة محمد أفندي ناشد، وفريق آخر إنجليزي، وذاكر نتايجه، وبعض المعلومات عنه.
لو جيت أنا أستخدم بعض هذه البيانات، هل يصلح إني أحيلك لـ كتاب د. ياسر كـ "مصدر" لـ المعلومة؟
الإجابة: لأ، ياسر مكانش شاهد عيان على المباراة، هو جاب المعلومة من تغطية الصحف وقت ما اتلعبت (وعايز أقولك إنه كمان ما اطلعش ع الصحف دي مباشرة بس دا موضوع تاني)
المهم، إنه المصدرهو المكان الأصلي اللي ذكرت فيه المعلومات/ البيانات/ الأفكار.
بس أنا قريت المعلومة في كتاب ياسر ثابت!
حلو، في الحالة دي كتاب ياسر ثابت يبقى اسمه "مرجع"، المصادر غير المراجع، والتفرقة بينهما واجبة وضرورية، فـ أنا لو شغال مظبوط يبقى أحيلك إلى قائمة واضح فيها إيه كان مصدر وإيه كان مرجع؟
هـ ييجي إنسان يقول: بس دي حاجة إجرائية شكلية، بيروقراطية كمان، ما نسهل على نفسنا وع الناس، ونسميهم كلهم مصادر وخلاص.
الإجابة: كلا البتة ورب الكعبة، ودا لـ عدة أمور، أهمها إنك لما تحصل على معلومات/ بيانات/ أفكارعبر وسيط، فـ إنت محكوم بـ هذا الوسيط، محكوم بـ ما اختاره من الداتا، محكوم بـ صياغته ليها، محكوم بـ طريقة عرضه وكيفية تنظيمه ليها، محكوم حتى بـ تفسيراته ودلالتها عنده.
لـ ذلك، واجب عليك تقول لي إنت استخدمت مصدر ولا مرجع.
النقطة التانية الأخطر هنا وهي: لا يجوز لا يجوز تحيلني إلى مصدر مذكور في مرجع إلا بعد رجوعك لـ المصدر مباشرة، مثلا: في حالة ياسر ثابت، هو جايب مقتطفات من تغطية الصحف، وقت ما اتلعبت المباراة، حلو!
حلو
لو أنا مثلا دورت على الصحف دي، واطلعت على نسخة منها، وقريتها، واستخلصت بـ نفسي منها معلومات، يبقى من حقي أحيلك لها كـ مصدر، لكن مينفعش مينفعش مينفعش أحيلك ليها كـ مصدر من غير ما أعمل كدا، اكتفاء بـ ما ذكره ياسر ثابت.
لازم أحيلك لـ ياسر ثابت، كـ مرجع لـ المعلومة، وخلاص.
أقول لـ حضرتك نموذج، من أشهر حاجة بـ تحيل المتلقي لـ "مصادر"، وهو برنامج الدحيح،
عمل حلقة اسمها "خرافة التقدم والتأخر"، ودا بـ تصرف، عنوان كتاب لـ جلال أمين اسمه "خرافة التقدم والتخلف"، وبـ المصادفة: الكتاب دا أنا عارفه كويس، لـ إنه من أكتر الكتب المستفزة بـ النسبة لي، وكتبت عنه أكتر من مرة.
جلال أمين بـ يعمل في كتابه ما يشبه القراءة لـ أفكار ابن خلدون عن التقدم والتخلف، وكتابات "روستو" عن النمو الاقتصادي، وكتاب "هكسلي" اللي اسمه "نيو بريف وورلد"، وحاجات تانية.
ييجي اللي كتب حلقة الدحيح يعمل إيه؟ يحيلك هو مباشرة لـ ابن خلدون، ويحيلك لـ روستو، ويحيلك لـ هكسلي، وكـ إنها إحالات منه مباشرة، مش قراها في كتاب جلال أمين، دا حتى مجابش سيرة جلال أمين إلا بعد نص الحلقة كـ مصدر جديد.
قد يقول قائل: طب ما يمكن يا عم هو رجع فعلا لـ الحاجات دي، وقراها، فـ أقول له: ليس صحيحا لـ سببين، الأول، هو إنه تقريبا كرر كلام جلال أمين عن الكتب المذكورة، يكاد يكون قراها.
الثاني، ودا المهم، هو إيه علاقة كتاب "هكسلي" بـ الموضوع؟ ولا حتى تقسيمات "روستو"؟ استدعاء الكتابات دي تحديدا ناتج من أفكار جلال أمين، وتفسيراته، وانحيازاته، بـ التالي فـ هو مرتبط بيه.
كان المفروض لو إحنا بـ نعمل إحالات بـ شكل مظبوط، يذكر كتاب جلال أمين وخلاص.. أنا لاحظت إنه البرنامج عمل دا كذا مرة في حدود الحاجات اللي أنا متصل بيها.
يقرا مقال مثلا، فيه إحالات لـ مصادر/ مراجع، فـ يحيلك إنت ليها إحالات مباشرة، ودا كلام مش مظبوط.
لسه الكلام عن المصادر متواصل، وفيه أسئلة، فـ خليها لـ مقال قادم.