نبيل عبدالفتاح: شعر جرجس شكري يغلب على كتابته في «كل المدن أحلام»
قال الناقد والمفكر نبيل عبدالفتاح إن الشاعر جرجس شكري لم يكن في حاجة لمقاربات ولم يعد في حاجة إليها، وتابع: "وعن المقارنات في الكتابة عن المدن ولو فعلها لما استمتعنا بالقراءة من هنا تبدو مقارنته".
أوضح عبدالفتاح خلال مناقشة "كل المدن أحلام" بمبنى قنصلية أن مقاربة الذات للذات لدى جرجس شكري بنت لحظتها، وفي الدول الأخرى كانت رحلات شكري وجيزة في زمن قصير وهي كتابة منجمة وكتابة متأملات وليس كتابة لمدن سويسرا وأيسلندا، مستطردًا: أرحب بمقارنته بين المدن بين ثنائية الواقع والمتخيل.
أضاف أن الكتابة بصرية ذكية، نظر إلى المدن ويغلب على كتابه عمله كناقد مسرحي، فالنظرة للمدن عبر حاسة الشعر ومراقبته وبعض من أفراحهم وأتراحهم كان يراقب ذاته، وتبدو عين الكاتب يقظة مدهوشة بما ترى، مقدمًا شكره لجرجس شكري عن كتابه.
وصدّر جرجس شكري كتابه بقوله: هذه الصفحات ليستٰ سوى محاولة لتفسيرِ وتعليل الدهشة بما شاهدتُ في أوروبا ومحاولةٍ لاكتشافِ الذاتِ حينَ ذهبتْ إلي عالمٍ مختلفٍ تمامًا، فقد كنتُ أراقبُ الحياةِ بكلِّ تفاصيلها وأراقبُني أنا أيضًا في محاولةٍ لتفسير دهشتي مما رأيتُ، فحينَ نبتعدُ نرى أنفسَنا بشكلٍ مختلفٍ تتجلي الحقيقةُ، نرى المشهدَ أكثرَ عمقًا، ثمّة مشاعر وأفكار تطفو علي السطح حين يجدُ الإنسانُ نفسَهُ في مكان آخرَ، وهذا ليس كتابًا عن الرحلاتِ أو عن أوروبا بقدرِ ما هو رحلةٌ طويلة سافرتُ فيها إلي نفسي في الماضي والحاضرِ والمستقبلٍ عَبْرَ هذه المدنِ، فما أن كانتْ قدماي تطأُ أرضَ المطارِ وأصعدُ إلي الطائرةِ أغوصُ في أعماقي لا أعرفُ خوفًا أو فرحًا، أو هربًا، التصقُ بي تمامًا، أسافرُ إلي طفولتي وشبابي، تتجسدُ أمامي تفاصيل مشاهد لم تخطرْ لي ببالٍ من قبلُ، أتذكرُ طفولتي وسنوات الدراسةِ والبيتِ وأصدقائي، أتذكر الموتى والجنازاتِ التى مشيتُ خلفَ أصحابِها حتى مثواهم الأخيرِ، أتذكرُ الأحياءَ، أمشي في الشوارع وأنامُ في الغرفِ فأعودُ إلى حياتي في الطفولةِ، تتراكمُ أمامي سنواتٌ وشهورٌ وأسابيع وأيامٌ ،أسافرُ بعيدًا وكأنَّ الطائرةَ تتوجهُ إلى الماضي تسافرُ بي عبرَ الزمنِ قبلَ أنْ تعبرَ المكانَ".