رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثمن الشرف

 

هل الشرف له ثمن؟ فى الحقيقة لا ولكن له مقابل.. ما يتم الآن من إطلاق لأسماء المصريين على الشوارع والمحاور الجديدة هو مقابل الشرف.. هى رسالة لك ولغيرك.. كن وطنيًا محترمًا يقدرك وطنك، تعفف عن الفساد والمصالح الصغيرة يحترمك الناس.. أعظم مكافأة يأخذها مصرى أن يتم تخليد اسمه بعد وفاته.. فى الوقت الذى رحل فيه عن العالم.. وأصبح فى عالم الغيب.. يجد من يكرمه.. يقول له إننا لا ننساك.. نحن نقدرك.. هذا مقابل غالٍ جدًا للشرف.. تكريم الأموات هو رسالة للأحياء.. كن شريفًا ووطنيًا يحفظك الوطن فى ذاكرته.. شئنا أم أبينا فالرئيس السيسى رجل معلومات منذ سنين طويلة.. وهو يعرف الكثير عن الكثيرين.. وقد لا تعلن الدولة ما تعرفه.. وقد لا تسمح الظروف بمحاسبة البعض.. لكن لمسات مثل إطلاق الأسماء على المحاور تكشف لك الكثير.. منذ سنوات مات رئيس وزراء من زمن مبارك شاع عنه الفساد فى عمليات الخصخصة، مر الأمر مرور الكرام.. مواطن من مئة مليون.. لم يجد أحد مبررًا لكى يذكره بالخير.. وربما امتنع البعض عن ذكره بالشر إكرامًا لجلال الموت.. يختلف الأمر حين يموت رئيس وزراء نزيه مثل كمال الجنزورى.. تكرمه الدولة بنعى رسمى.. يسير الجميع فى نفس الطريق.. هذا ليس مبنيًا على موقف شخصى من الرئيس.. هو موقف مبنى على ملف معلومات ومواقف تقول إن «فلان» يستحق أن يكرمه وطنه، هو مبنى أيضًا على موقف أخلاقى من الرئيس يقول إن الشرفاء يجب أن يكرموا.. كان حسب الله الكفراوى وزير التعمير الأسبق فقيرًا.. نظيف اليد، وأتى بعده وزير شهير اتهم بالفساد والمحسوبية.. الذى اتهم بالفساد يملك المليارات.. لكن الكفراوى أغنى منه.. لأن وطنه كرمه.. أعطاه حقه.. خلده على مر الزمان.. إطلاق أسماء الشرفاء والوطنيين على الشوارع رسالة سياسية وأخلاقية من الرئيس تقول إن الوطن لا ينسى من خدمه بإخلاص.. البعض يعانى من فراغ على فيسبوك.. لا يجد ما يعلق عليه سوى الاعتراض على إطلاق اسم فنان على أحد المحاور.. هذه نظرة متطرفة تكره الفن وتحتقره.. الفنان الذى أُطلق اسمه على أحد المحاور.. أسعد ملايين المصريين، بل مئات الملايين فى الوطن العربى.. فى الغرب يكرمون الفنانين لأقصى درجة ممكنة، ولدينا هنا من يستكثر على فنان عظيم أن يطلق اسمه على شارع.. بطلة الكاراتيه التى أحرزت لمصر ميدالية ذهبية.. فتاة صاحبة إنجاز فريد لأن الميداليات الذهبية فى تاريخنا قليلة جدًا.. فتاة من أسرة متوسطة.. يكرمها بلدها.. رسالة تقول إن البلد لم يعد حكرًا على فئة معينة.. ليس شرطًا أن تكون من سكان القصور ليتم تكريمك والاحتفاء بك.. معنى مهم لم تلتفت له كتائب الإخوان الإلكترونية والمعارضون لمجرد المعارضة.. الكارثة أن بعض أسماء الشوارع لدينا جرائم حقيقية.. لدينا شارع باسم قمبيز الإمبراطور الفارسى الذى غزا مصر وأنهى استقلالها.. كان لدينا شارع باسم سليم الأول قائد الغزو العثمانى لمصر.. فى الغورية كانت هناك حارة «خوشقدم» حيث سكن أحمد فؤاد نجم، وعندما تقرأ تكتشف أنه كان واحدًا من أحقر سلاطين المماليك وأكثرهم خسة.. وطبعًا هناك مئات الحالات الأخرى.. لكن الإخوان وبرادعهم وأذنابهم يقبلون كل هذا، ولا يقبلون إطلاق اسم فنان أو بطلة أوليمبية أو وزير شريف على المحاور الجديدة.. خيبكم الله وخيب أملكم دائمًا بإذن الله.