علماء الدين: المذاهب الأربعة انتصرت للمرأة.. والزواج صحيح بدون ذكر مذهب «أبي حنيفة»
جدل كبير أحدثته الإعلامية ياسمين الخطيب عندما استوقفت المأذونة خلال عقد قرانها، لتسألها لماذا على مذهب أبي حنيفة النعمان؟، ومن هنا بدأت منصات التواصل الاجتماعي تعلق على سؤالها، فمن المعروف أن مصر تسير في المعاملات والعبادات على مذهب الإمام الشافعي، بينما في الميثاق الغليظ “الزواج” تتبع منهج الإمام أبي حنيفة.
«الدستور» توجهت إلى الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ليرد على هذا التساؤل الذي طرحته “الخطيب”، إضافة إلى رواد التواصل الإجتماعي الذين يسألون أيضًا عن سبب اعتماد مصر في الزواج على مذهب الإمام أبي حنيفة.
قال: إن “المذاهب الأربعة استمدت معلوماتها وآرائها من القرآن والسنة وإجماع الأمة، والزواج لا اختلاف في بنوده ولافرائضه ولا في مندوباته، ولا في سننه، سواء تزوجنا على مذهب مالك، أو الشافعي، أو ابن حنبل، فلا شئ في هذا، ولا خلاف بينهما، فأبو حنيفة فقيه الأمة، وكذلك المذاهب الأخرى فقهاء الأمة”.
واستدل “مهنى” بقوله تعالى: “وآتوا النساء صدقتهن نحلة”، فالأمة كلها متفقة على ذلك، وكذلك قوله تعالى: “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة”، مضيفًا أن أمور الخطبة موجودة في المذاهب الأربعة، فلا خلاف بينهم، ولكن مذهب الأمة هو مذهب أبي حنيفة النعمان، كما أن مذهب السعودية مذهب أحمد بن حنبل.
وأضاف في تصريحاته لـ«الدستور»، أن جميع المذاهب انتصرت للمرأة، وأن مذهب أبي حنيفة، ليس له شروط مختلفة، فرؤية الخاطب لمخطوبته والمساواة أيضا متفق عليها في المذاهب، وكذلك المهر، والإعلام والإشهار.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن مذهب أبو حنيفة النعمان اشترط في شروط عقد الزواج أن تكون المرأة بالغة عاقلة رشيدة، وليس من حق الولي زواجها بدون رضاها، والدليل على ذلك، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: “جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ، لِيَرْفَعَ خَسِيسَتَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَمْرَ إِلَيْهَا، قَالَتْ: فَإِنِّي أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ، أَنْ لَيْسَ إِلَى الآبَاءِ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ”.
الزواج صحيحا بدون ذكر مذهب أبي حنيفة
في السياق ذاته، قال الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، عميد كلية أصول الدين السابق بجامعة الأزهر، من العادة أن المأذون في مصر حينما يوثق العقد يقول على مذهب الإمام أبي حنيفة، وذلك لأن مصر تسير في قوانينها على المذهب الحنفي، ولكننا نحب أن ننوع لكننا إن لم نقل هذه الكلمة، فإن الزواج صحيح، لأن الزواج يتم عادة على كتاب الله وسنة رسوله، وهذا بالطبع يشمل المذاهب الأربعة المعتمدة لدى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، كما أن جمهرة المسلمين يعملون بها في البلاد العربية والإسلامية هذا عن العقد.
وأضاف في تصريحات لـ«الدستور» أنه “عند الاختلاف عند حكم من الأحكام الشريعة فإن دار الإفتاء، وكذلك علماء الأزهر والأوقاف يتخيرون من المذاهب الأربعة ما ييسر على الناس أمورهم لأنها جميعًا موافقة لشرع الله، وإذا أخذنا مثالا لذلك، فإننا نقول إذا اختلف الزوجان بعد الزواج لأن أحدهما رضع من أم الآخر، فإن المفتين في الدار يرجحون المذهب وهو أنه لا تفريق بينهما إذا كان الرضاع بخمس رضعات مشبعات متفرقات، وهكذا نجد أن الأزهر وكذلك الإفتاء ييسرون على الناس أمور دينهم على المذاهب الأربعة وكلها تأخذ أحكامها من شرع الله”
شروط الزواج عند مذهب أبي حنيفة
أشار عميد كلية أصول الدين السابق بجامعة الأزهر، إلى أننا إذا جئنا إلى مذهب الحنفية في الزواج أنه ييسر على المرأة البالغة الرشيد التي يريد بعض أهلها أن يضيقوا عليها في الزواج ليأخذوا مرتبها إن كانت موظفة أو أرضها إذا كانت تملك أرضا إلى آخره، فإن المذهب يجيز لها أن تزوج نفسها دون اشتراط الولي، وللولي أن يعترض أمام القضاء، وهنا يقول القضاء رأيه الفاصل إن كان الزوج كفئا فالزواج صحيح، وإن لم يكن الزوج كفءٍ استجاب لدعوى الولي وحكم بالتفريق، وهذا يدل على أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان ولكل الأحوال.