ضحايا أنظمة التخسيس يتحدثون عن وهم أطباء «الفضاء الأرزق»
في يناير 2020، تعرضت منى الفتاة العشرينية لأزمة قلبية حادة إثر خضوعها لنظام تخسيس قاس يسمى "الكيتو" بعد أن أرشدها إليه بعض الأصدقاء المقربين الذين عرفوه من خلال صفحات التواصل التي تنصح الأشخاص المقبلين على التخسيس باتباعه، لم تستطع خلال تلك الفترة أن تسعد بالنتيجة المبهرة التي نتجت عن هذا النظام من فقدان الوزن الشديد بل صُدمت بالآثار الجانبية التى توالت عليها بعد عدة أسابيع.
تقول الفتاة، لـ"الدستور"، إنها انجرفت مع تلك التجربة بعد أن شاهدت العديد من الصور المختلفة لأشخاص استطاعوا أن يفقدوا وزنهم فى وقت قياسي، على أحد الجروبات الخاصة بنظام "الكيتو"، وقررت حينها شراء المستلزمات الخاصة بالنظام، والبدء فيه على الفور، ولم تمر أيام حتى شعرت بآلام شديدة في الرأس وانخفض ضغطها بشكل ملحوظ، ولم تلحظ حينها أن تلك الأعراض بسبب "الكيتو".
حاولت منى كثيرًا أن تضغط على نفسها وتواصل النظام الذي ساعدها على فقدان أكثر من 4 كيلو خلال أول أسبوع فقط: "كنت بشرب ليمون وملح كتير عشان أظبط الضغط بس من غير فايدة، واضطريت استخدم ملح بحري (هيمالايا) بس معملش نتيجة مع التعب المستمر".
ضربات قلب سريعة للغاية بجانب الضغط المنخفض والإرهاق الجسدي، كانت تلك هي الأعراض التي أصابت الفتاة بعد استمرارها في النظام، دون أي إرشادات من الأطباء المختصين، حتى قررت التوجه للطبيب الذي طلب منها إجراء تحاليل شاملة لمعرفة المشكلة الرئيسية فى تدهور حالتها الصحية، واتضح بعد ذلك أن نبضات قلب الفتاة أصبحت ضعيفة للغاية بجانب تغير لون البراز والبول، ونصحها الطبيب بالابتعاد فورًا عن الكيتو، الذي كاد أن يودي بحياتها لولا أنها توجهت إليه في الوقت المناسب.
منظمة الصحة العالمية والدراسات والأبحاث العلمية توصي بأنه لا بدّ للجسم ألا يتلقى أكثر من 10% ما يحتاجه من طاقة من خلال الدهون أي ما يقارب 20 جرامًا للنساء و30 جرامًا للرجال يوميًا، بجانب أنّ الروابط العالمية الخاصة بالقلب توصي بألا تزيد نسبة الدهون عن 5 أو 6% فقط من إجمالي السعرات الداخلة للجسم.
لم تكن منى الفتاة الوحيدة التي أصيبت بأعراض جانبية وخطيرة نتيجة اتباع هذا النظام القاتل، الذي دمر صحة العديد من الشباب والفتيات، فـ يدخل المرء الأربعينيات وعينه تبدأ تتسع نحو صحته، يدرك أن عليه الاهتمام بشكل أكبر بطعامه وصحته لكي لا تتدهور ويكون الأمر مريرًا، هذا الأمر ما فعلته إيمان حمدي من محافظة المنوفية، والتي قررت أن تخضع لنظام رأت أنه قاس ويؤدي الغرض، بعد أن اتبعت عددا من الأنظمة لم تجدِ أي نفع.
"كل ما نزود في الدهون، كل ما نحرق أكتر"، تلك كانت الجملة الشهيرة على الصفحات التي تبنت نشر نظام التخسيس، لينجرف خلفهم العديد من الأشخاص دون دراية منهم بما يفعلون من تأثيرات جانبية على صحتهم، "أول شرط كان الابتعاد عن أي نشويات أو سكريات أو فاكهة، وتناول أكبر قدر من اللحوم والفراخ" -هكذا تحكي الأربعينية-.
تضيف منى خلال حديثها مع "الدستور"، "بدأت النظام في أول يوم من رمضان، واستعددت له جيدًا قبلها بعدة أيام، من شراء لوازمه مثل البيض واللحوم التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون، وأنواع الفاكهة المسموح بها فقط مثل (الأفوكادو والتوت والفراولة)".
ضعف جسدي غير طبيعي أصاب السيدة بعد مرور ثلاثة أيام فقط من اتباع الكيتو، بجانب زغللة العين والإرهاق الشديد الذي ظهر على وجهها، حيث مكثت في منزلها دون القدرة على ممارسة حياتها بالشكل الطبيعي، وظلّت "أمينة" تتبع هذا النظام حتى سقطت على الأرض في أحد الأيام مغشيًا عليها، وتم نقلها إلى أقرب مستشفى، لتكتشف أن الدم في جسدها تغير شكله تمامًا، أو كما يطلقون عليه الأطباء"أجسام كيتونية".
يوضح الدكتور خالد البوهي، إخائي أمراض العناية المركزة والحالات الحرجة، أنه بدأت حالات الكيتو دايت تدخل العناية بسبب حموضة الدم والجفاف الشديد والفشل الكلوي "والكثير من المصائب التي تنتج عن هذا النظام الغذائي الذي تيتي نتيجة عيادات التغذية التي يديرها أطباء ليسوا أطباء بشريين" -حسب حديث الطبيب-.
ويتابع "البوهي" في حديثه مع "الدستور" أنّ الأزمة حاليًا هو أن هناك أطباء ليسوا معنيين بالتغذية يقومون بكتابة هذا النظام وهذه جريمةكبرى، لأن "الكيتو دايت" يعمل على منع الكربوهيدرات التي وظيفتها هي حماية البروتين في العضلات من التكسير، مشيرًا إلى أن هناك فوضى وغياب رقابة، فـ الكيتو له استخدامات مثل حالات التشنجات المقاومة للأدوية، رافضًا أن يكون طريقًا لأي شخص يريد أن ينقص من وزنه، نظرًا لخطورته الشديدة على الصحة، لأن تطور الدايت لدرجة تواجد مريض بسببه في العناية المركزة هو مؤشر خطير.