افتعل مشاجرة لإنقاذها.. تفاصيل أول حالة انتحار توثقها مجلة بالصور
من أقصى أمنيات المصور الصحفي أن تقع عيناه على مشهد مثير وفريد من نوعه، ومعظم اللقطات العالمية التي وفق فيها المصورون الصحفيون كانت لأحداث طبيعية تدخلت فيها الصدفة وحدها كما تدخل فيها المصور وبراعته في التقاط الصور، كان هذا قديما قبل ظهور التليفون المحمول والذي مكن الكثيرين من احتراف هذه المهنة والتقاط الصور، وأصبح الأمر أكثر اتساعا وباتت الصور في متناول الجميع.
والصدفة وحدها هي التي قادت المصور قاسم عباس مصور مجلة الشبكة لالتقاط تفاصيل قصة محاولة فتاة الانتحار وإنقاذها، وكان تحقيقا له رد فعل هز المجتمع اللبناني ككل، ونشرته مجلة الشبكة في حينها، أما عن التفاصيل فقد حدث ذلك حينما كان قاسم عباس في طريقه للمجلة وفاجأه المنظر.
يقول قاسم عباس: لمحت جموعا من الناس تقف على صخور البحر، فأدركت أن هناك شيء جلل فأسرعت بالكاميرا إلى حيث كان رزقي هناك، وهو الرزق الخاص بكل المصورين وهي اللقطة التي تستحق التصوير.
يكمل: اقتربت فإذا بفتاة سمراء تقف على حافة صخرة شاهة الارتفاع ويفصل بينها وبين الهوة السحيقة إلى البحر خمسمائة متر تقريبا، وعلى هذا المنحدر الرهيب أخذت تفكر وبعمق وكأنها في صراع مع نفسها، وفي هذا الأثناء وصل رجال الإطفاء ثم رجال الشرطة وكان الملازم سمير الشعراني قد اتجه صوب الفتاة وراح يقنعها بالعدول عن فكرة الانتحار.
ولكن الفتاة كانت مصرة على إنهاء حياتها بفصل رهيب تحت الصخور العاتية التي تحطمت عليها عشرات اليائسات من الحياة، فراحت تهدد الملازم بالانتحار إن هو اقترب منها خطوة واحدة، وهنا صدرت التعليمات لرجال الإطفاء باتخاذ التدابير اللازمة والوقائية، وتتلخص في النزول إلى سفح الصخرة التي تقف عليها الفتاة بواسطة الحبال استعدادا لالتقاطها.
وأخذ رجال الإطفاء يربطون الحبال حول الخصر فيما اقتربت الزوارق البخارية من قعر الصخرة، في هذه الأثناء كان التوتر النفسي قد بلغ ذروته وسيطر الهلع على قلوب المتجمهرين وهم يتفرجون على فتاة تريد أن تموت وتصبح جثة خالية من الحياة، ورجال الإنقاذ عاجزون عن الاقتراب منها خشية أن تقذف نفسها من ذلك العلو الشاهق.
وأمام هذا الطريق المسدود لم يجد آمر الفصيلة بدا من اللجوء للذكاء والحيلة فأشار إلى شابين من رجال الإطفاء بأن يصطنعا خناقة بينهما.
وفجأة ارتفع صوت صراخ وتحولت الأنظار إلى رجلي الإطفاء وهما يتصارعان فوق الصخور ويتضاربان ضربا تمثيليا مبرحا، وكانت الفتاة من جملة الذين صرخوا.
وهنا وبسرعة خاطفة هجم الملازم أول الذكي على الفتاة وشدها للوراء ولوى ذراعها وعاد بها لبر الأمان وتعالى التصفيق والهتاف للملازم ولرجلي الإطفاء.
وفي قسم الشرطة عرف الجميع أنها كانت تعمل كخادمة لتعيل أشقاءها وشقيقتها ولكنها طردت من الخدمة فيأست وحاولت الانتحار.