«الراهب الأسود» قصة تشيخوف عن الوحى والصوفية
فى روايته "الراهب الأسود" يدهشك تشيخوف كعادته، فيأخذك إلى منطقة لا يدر بخلدك أبدا وهو كاتب روسى أن يأخذك إليها، حيث إن القصة تدور فى فلك الصوفية نعم الصوفية التى لا يعرفها الروس، حيث يحكى عن الارتقاء والاتصال الروحى المتمثل فى خوارق الطبيعة وكشف الحجب والارتقاء بالروح إلى ما هو أبعد من النطاق العقلى المحدود.
وكان من الطبيعى أن يتحدث تشيخوف عن الميتافيزيقا أو ما وراء الطبيعة بحكم فلسفته وبيىئته لكنه تحدث فى مبدأ التصوف والسمو الروحى، وذكر أن هذا الاتصال العلوى الذى جعل من النبى محمد رجلا عظيما.
وتبدأ أحداث القصة من الشاب كوفرين الحاصل على الماجستير فى الفلسفة، والذى ينزل فى إجازة إلى مربيه "يجور" فى إحدى القرى وهو رجل يملك بستانا يزرع فيه جميع أنواع الفاكهه بطريقة احترافية، وهناك يلتقى الشابة النحيلة "تانيا" ابنة "يجور" التى كبرت خلال الخمس سنوات الماضية التى لم ينزل فيها إلى القرية، وهناك وسط البيئة الرحبة يتذكر أسطورة الراهب الأسود الذى يخترق الحُجب.
والراهب الأسود من وجهة نظر تشيخوف هو الوحى، أو الولى، ويوما بعد يوم يراه ويتحدث إليه فيقول له الوحى: أنت لست شخصا عاديا بل أنت ممن اصطفاهم الله فى الأرض، فيتعلق كوفرين بهذا الأمل ويبحث عن الراهب فيلتقيه ويتحدث إليه كلما أراد.
وبعد أيام يتزوج كوفرين من تانيا فتجده يتحدث إلى الفراغ بينما هو يتحدث إلى الوحى الذى لا تراه، فأخبرت أبيها الذى انزعج كثيرا، فيعرض كوفرين على طبيب نفسى فيعطيه بعض الأدوية، فيعود كوفرين إلى حيث كان فيختفى الوحى، فيحزن كوفرين ويقول لتانيا أنت وأبيك السبب فى حرمانى من الوحى فيتركها وينصرف ويعيش مع امرأة أخرى ليكمل دراسته ثم يقول فى نفسه لكى تكون أستاذا جامعيا على أن أدرس خمسة عشر عاما حتى أصبح رجلا عظيما، بينما كنت أعظم من الأستاذ الجامعى حين كنت أرى الراهب الأسود، فيقرر عدم استكمال دراسته، فيصله خطابا من تانيا تخبره أن أباها مات بالحسرة وأن كوفرين كان السبب، لأنه رجل مجنون، فيمزق الرسالة فيأتيه الراهب الأسود ويقول له: ما كان يجب أن تخبر أحدا باتصالى بك، ينام كوفرين ثم لا يستيقظ، لقد مات كوفرين بعد أن عاتبه الوحى.