«سائق ترام ولاعب كرة القدم».. أمنيات نجيب محفوظ فى الطفولة
"كنت أتمنى أن أكون سائق ترام".. هكذا نشرت مجلة "آخر ساعة" في عددها الصادر في سبتمبر عام 1965 عن الأمنيات التي كان أديب نوبل نجيب محفوظ يريد تحقيقها.
وقال أديب نوبل، إنه عندما كان طفلًا كان يتمنى أن يكون سائقًا للترام، فلقد كان معجبًا للغاية بقدرة سائق هذه الآلة الكبيرة على السيطرة عليها.
وعندما بلغ العاشرة من عمره، بدأ يتابع مباريات كرة القدم وأعجب ما يقدمه اللاعبون حسين حجازي ومختار التتش ومرعي، وتمنى أن يصبح لاعب كرة قدم تهتف الجماهير له وتتغنى باسمه في الملاعب بعد هز شباك المنافسين بالأهداف.
ومع اقتراب أديب نوبل نجيب محفوظ، من سن الثانية عشرة، بدأ يقرأ الروايات، فالبداية كانت عندما قرأ رواية من تحت الدرج في مدرسته بعيدًا عن أعين المدرس، واكتشف مدرسه هذه الواقعة أكثر من مرة وقام بضربه على أصابعه.
بدأ "محفوظ" في قراءة قصص الأنبياء، ثم القصص البوليسية وبعدها تعلق بالسينما وتصور أن ما يراه على الشاشة شيئًا حقيقيًا وعند ذهابه لمشاهدة فيلم يظل يبحث عن الناس الذين رآهم وتخيل أنهم اختفوا وسط زحام المشاهدين.
وكتب الشاعر الراحل الأديب يوسف إدريس عدة رسائل من الشاعر نجيب سرور، تنوعت ما بين الاستغاثة وما بين مقارنته بكتاب عصره، وجاء في هذه الرسائل وصف أديب نوبل نجيب محفوظ بأنه كاتب "روتيني" موهبته محدودة بعالم محدود.
وقال "سرور" في هذه الرسائل: "أم أنك تريد أن تنال من التكريم والتقدير مثل ما نال نجيب محفوظ ؟!.. لا يا يوسف إنك فوق نجيب محفوظ !!، ثم أنت تعلم لماذا وكيف حصل نجيب محفوظ على هذا التقدير وذلك التكريم!.. ومهما قيل عن "ثورية" نجيب محفوظ فهو لم ولن يكون أبدا ثائرًا، وأنت ثائر من الرأس حتى القدمين، وهذا قدرك، ومهما قيل عن عالم نجيب محفوظ فسيظل عالمًا محدودًا دائمًا في حدود الطبقة الوسطى، أما عالمك فلا تحده حدود، إن عالمك هو كل العالم!.. ثم إن نجيب محفوظ هو القمة ككاتب الطبقة الوسطى المصرية المستعدة دائمًا لخدمة أي سلطة تتلو السلطة في أي عهد وأي نظام، أما أنت فكاتب الجماهير والملايين!".
ويتابع الشاعر الراحل حديثه عن نجيب محفوظ، قائلًا: "ثم إن نجيب محفوظ محايد ورمادي ولا مبال، أو هكذا يدّعي مع أنه في الداخل منتمٍ إلى أعمق أعماق الانتماء إلى السلطة الحاكمة مهما كانت نوعية السلطة، أما أنت كما قلت سابقًا فخصم للسلطة مهما كانت نوعيتها!".
ويكمل: "وأخيرًا نجيب محفوظ مثال للموظف المصري الروتيني البيروقراطي اللعين، أما أنت فمثال الكاتب الثائر.. أيمكن إذن يا عزيزي يوسف أن تنال جوائز التقدير والتكريم؟!".
يذكر أن نجيب سرور مواليد قرية إخطاب بمركز أجا في محافظة الدقهلية، حيث كانت عائلته تعمل في الزراعة والأرض على غرار سائر الفلاحين في القرية، وكانت الأسر تحصل على قوت يومها من الزراعة وتربية المواشي، وكانت تلك الأموال تستخدم في إرسال الأطفال للتعلم في المدارس الحكومية.
وتدهورت الحالة الصحية والمعيشية لنجيب سرور خلال الفترة الأخيرة من حياته، واشتدت دائرة التضييق الأمني عليه، حتى دخل مستشفى الأمراض العقلية، ليتوفى هناك بتاريخ 24 أكتوبر عام 1978.
وأوصى الراحل ابنه الذي وافته المنية اليوم الجمعة، بعظمة مصر وتاريخها الحافل الانتصارات والحضارة والثقافة، وذكره بأهمية موقع مصر الجغرافي بالنسبة للعالم، حيث قال: "دي مصر يا شهدي في الجغرافيا ما لها مثيل.. وفى التاريخ عمرها ما كانت التانية".