رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وجهة نظر أخرى

أنا من الذين يحبون أن يجتهدوا ويقدموا اجتهادهم لوجه الوطن.. وأنا من الذين يرون أن وجهة النظر المختلفة قد تكون مفيدة إذا كانت لوجه الوطن وعلى أرضيته و.. ما أريد أن أختلف فيه هو الأولويات فى مشروع «حياة كريمة».. من الناحية المبدئية أنا أرى المشروع واحدًا من أهم مشروعات ثورة ٣٠ يونيو إن لم يكن أهمها على الإطلاق.. وأرى أنه يرفع ظلمًا تاريخيًا امتد لقرون طويلة، وانقطع مع الخمسينيات والستينيات ثم عاد ليتراكم على مدى نصف قرن.. تاريخ من الإهمال والظلم وعدم العدالة ينهيه مشروع حياة كريمة.. أرى أيضًا فى المشروع بُعدًا اجتماعيًا يؤكد إيمان الرئيس السيسى بالعدالة الاجتماعية كمبدأ.. فضلًا عن إيمانه بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمصريين كأولوية، وأعرف أن المشروع ما زال يتطور وينمو ويكبر، وأنه ما زال فى طور التكوين والتشكيل.. وأن ملامحه النهائية لم تتشكل ولن تتشكل إلا عبر العمل على أرض الواقع.. وأعرف أن فى الرئيس حرصًا على أن تكون بيوت المصريين فى القرى وفى المدن أيضًا على أكمل وجه ممكن، وأن هذا ما دفعه إلى الإصرار على دهان بيوت أهلنا فى القرى بعد أن تمتد إليها يد الإصلاح لتؤمن لها خدمات المياه، والكهرباء، والصرف الصحى.. خلافى هنا على الأولويات.. إننى أقدر جدًا الدافع النبيل لرغبة الرئيس، لكننى أرى أنه علينا أن نعلم أهلنا هناك الصيد بدلًا من أن نهدى لهم السمكة، نحن نريد أن يتسع «حياة كريمة» ليكون حملة لتصنيع الريف المصرى.. خلق الآلاف من المشروعات الصغيرة.. الصناعات الغذائية التى تضيف قيمة للمنتج الزراعى.. التوسع فى مشروعات تربية البتلو التى تشارك فيها الدولة المزارعين فى تربية الماشية، مناحل العسل، مزيد من مشروعات الألبان.. نريد أن تتحول البيوت الريفية التى تعانى من الفقر والبطالة إلى بيوت منتجة.. وأن يوفر لها «حياة كريمة» القروض الحسنة أو المنح اللازمة للبداية.. لدينا فى الفيوم قرية واحدة هى قرية تونس تحولت من قرية منسية إلى أهم مركز لصناعة الخزف فى العالم لأن أهلها وجدوا من يعلمهم هذه الصنعة.. نفس الشىء فى قرية الحرانية التى اشتهرت بصناعة الكليم والسجاد اليدوى.. نريد أن تشتهر كل قرية من الخمسة آلاف قرية مصرية بصناعة منتج معين، وأن يرعى «حياة كريمة» هذا الاتجاه.. إن هذا لا يتعارض على الإطلاق مع الوفاء بحق أهل الريف فى السكن فى منازل نظيفة وآدمية لأن هذا أبسط حقوق الإنسان.. ولكن الفكرة أن ضمان مكسب مادى للسكان من خلال نشاط إنتاجى سيضمن لهم هذا وأكثر.. إننى لا أدعى أننى تعمقت فى فهم التجربة الصينية، لكننى أعرف جيدًا أن عددًا كبيرًا من الصناعات هناك يتم فى البيوت ثم يتم تجميعه بشكل نهائى فيما بعد.. نحن طبعًا غير مؤهلين لهذا النوع من الصناعات التكنولوجية، لكننا نستطيع أن نقيم الآلاف من المشروعات الإنتاجية الصغيرة فى بيوت وقرى مصر.. وسينعكس هذا بكل تأكيد على مستوى حياة أهلنا فى الريف.. ولن يتعارض مع مد الخدمات الضرورية من كهرباء ومياه وصرف صحى.. هذا اجتهاد أقدمه، وأحب أن أنال أجرين إذا أصبت، وأجرًا واحدًا إذا أخطأت.