انتصار جديد للزوجة المصرية وحمايتها من الإهانة
أصدر جدول المحكمة الإدارية العليا، اليوم السبت، شهادة تفيد بعدم طعن الحكومة على الحكم الذى أصدرته محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بأن لا يجوز للزوج وأهله إهانة زوجته وحرمانها من حقها فى استخراج شهادة ميلاد المولود وأن الخلافات الزوجية أثناء الحمل لا تحرم الزوجة من حق المولود فى أوراقه الثبوتية.
ذكرت المحكمة أن الإسلام جاء بإعزاز المرأة وإكرامها، ولزوم معاشرة الزوجات بالمعروف حقاً واجباً، وأن مرارة تجرُّع كؤوس الإهانة من الزوج وأهله تذهب بكل محبَّة للزوج في قلب زوجته فلا نعيم ولا راحة، وأن الزوجة تشارك الزوج حقها فى استخراج شهادة ميلاد المولود وحصنتها ضد تعسف الزوج، وهو ما يعد انتصاراً جديداً للزوجة المصرية تجاه تعنت الزوج وأهله ورغبتهم فى الانتقام من الزوجة والنكاية لها وإذلالها .وقد أصبح هذا الحكم نهائيا وباتا غير قابل للطعن.
تفاصيل القضية
تعود وقائع القضية عندما نشبت خلافات زوجية دبت بين زوجين حديثين الزوجة ( ر.ا.م) وزوجها (أ.ع.ط) من دمنهور ذهبت على إثرها الزوجة للمحكمة , فقال القاضى لها أريد أن اسمعك فانهمرت بالدموع وقالت أنها ارتبطت بعقد شرعى صحيح بموجب وثيقة عقد زواج رسمى بزوجها المذكور ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج إلا أنها تعرضت للإهانات المستمرة والذل والهوان على يديه وأهله أثناء حملها وأنها صبرت حتى فاض بها الكيل فتركت منزل الزوجية وهى حامل وذهبت لأهلها وانجبت منه الطفل " نور" على فراش الزوجية.
إلا أن زوجها نكاية فيها أبلغ مكتب الصحة بدمنهور بأن تسجيل المولود يجب أن يكون عن طريقه هو وحده دون زوجته، فحررت له محضرا بالواقعة ادارى بمركز شرطة دمنهور، وبعدها توجهت إلى مكتب الصحة لاثبات ميلاد مولودها واستخراج شهادة ميلاد له إلا أنها فوجئت باستجابة مكتب الصحة لرغبة الزوج وأهله عندا فيها، فطلب القاضى من الزوجة اختصام زوجها وتم إعلانه إلا أنه امتنع عن المثول وأهله أمام المحكمة أكثر من جلسة ولم يستجيب.
حكم أول درجة
وقضت المحكمة بوقف تنفيذ قرار الجهة الإدارية المطعون فيه السلبى بالامتناع عن اثبات واقعة ميلاد إبن المدعية الطفل " نور " فى السجلات المعدة لقيد المواليد، وما يترتب على ذلك من أثار أخصها الزام جهة الإدارة باثبات واقعة ميلاد الطفل المذكور فى سجلات المواليد وتسليم والدته شهادة قيد ميلاده وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان.
قالت المحكمة أن الدستور ارتقى بحقوق الطفل وجعل لكل طفل الحق فى اسم وأوراق ثبوتية والزم الدولة فى جميع أجهزتها أن تعمل على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل فى كافة الإجراءات التى تتخذ حياله، ولكل طفل الحق فى أن يكون له اسم يميزه، ويسجل هذا الاسم عند الميلاد فى سجلات المواليد وفقا لأحكام هذا القانون، فلكل شخص الحق فى تمييز ذاته بحيث يصبح كل شخص متميزا عن غيره من الاشخاص وهذا التمييز يكون عن طريق ان يكون له اسم يميزه عن غيره، والاسم من بين عناصر الشخصية القانونية، فهو ليس مجرد بطاقة أو مجرد رقم قيد وإنما هو علامة مميزة للمولود تعطيه مظهرا من مظاهر الوجود والحياة.
ويجب التبليغ عن المواليد خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ حدوث الولادة ،وأن التبليغ عن المولود ليس حكرا فقط على والد الطفل إذا كان حاضراً بل تشاركه أيضاً والدة الطفل شريطة إثبات العلاقة الزوجية وهو ما يتوفر للمدعية التى قدمت للمحكمة وثيقة عقد زواج رسمى ولم يمتثل الزوج رغم اختصامه واعلانه وتحرير محضر ضده فمن ثم يكون امتناع الجهة الإدارية عن اثبات واقعة ميلاد الطفل نور فى السجلات المعدة لقيد المواليد مخالفاً مخالفة جسيمة لأحكام الدستور ومعتديا عدوانا صارخا على ما هو ثابت للطفل من حق دستورى فى أن يكون له اسم يميزه وأوراق ثبوتية .
وأضافت المحكمة أنه يتعين على الزوج وأهله أن يهيّئوا للزوجة من أمرها خيراً و رشداً ، فإذا ما حلت الجفوة فى المعاملة الزوجية لا يكون العدل والاحسان قوامها ويذكيها الإساءة من الزوج وأهله فتصبح ألفها ووفاقها حسيراً، بديلاً لما يجب أن يكون معروفاً كريماً، فلا يتخذ الزوج وأهله من العلاقة الزوجية وسيلة لإهانة الزوجة أو إذلالها أو تحقيق مآرب لهم لا صلة لها بالمودة والرحمة فتسطيل الإهانة أثناء حملها، وتصبح حياتها طريقاً عسيرا بعد أن يكيدوا لها ظهيرا، متخذين من هوى النفس نفيرا، فتتحول حياتها الزوجية جحيما وسعيرا، فإذا ما وضعت مولودها لاحقوها عندا ونكيرا، لحرمانها من تسجيل مولودها فى سجلات المواليد، فحينئذ يجب تفويت الفرصة عليهم وإعلاء حق الزوجة تجاه وليدها وحق مولودها الدستورى فى الشخصية القانونية حتى يستطيع أن يستقبل الدنيا ولا يرى فيها عِوَجًا وَلا أَمْتًا أو صدعا غائراً لا هوادة فيه ولا لين، فيُقدم حقها فى تسجيل مولودها ليتمتع بمظهر منحه الدستور إياه، ولا يملك الزوج وأهله حرمانه من حق أصيل له فى الوجود والحياة.
وأشارت المحكمة أن رابطة الزواج تفرض على الزوج وأهله حسن العشرة مع الزوجة بالرفق واللين وطيب الكلم ، وعدم إساءة الخلق معها، لأن الإسلام جاء بإعزاز المرأة وإكرامها، فالعلاقة الزوجية يجب أن تقوم – كما أمر الإسلام الحنيف - على المودة والسَّكِيْنة والعطف والرحمة بين كِلا الزوجين؛ ليسكن كل منهما للآخر، وتتوطد أواصر المحبة والرحمة والعطف بينهما، بحسن معاملة الزوج وأهله لزوجته.
وأضحى لزوم معاشرة الزوجات بالمعروف حقاً واجباً، كما أن فقهاء الإسلام وعلماءه قد جعلوا ما يصدر من الرجل من أذى لزوجته من الإهانة يجيز لها طلب الطلاق ولو حدث مرة واحدة، بل أوجب بعضهم مع الطلاق التعزير البليغ الذي يردع الزوج الذي يسب زوجته ويهينها، فتصبح الحياة الزوجية مليئة بالمعاناة والمكدَّرات والبلايا والمِحَن خاصة أن الألم النفسي يحيق بزوجة تعيش في بيت أهل زوجها، وتفتقد الخصوصية في حياتِها الزوجية وتذوق مرارة تجرُّع كؤوس الإهانة من الزوج وأهله التى تكاد تذهب بكل محبَّة للزوج في قلب زوجته ؛ فتتصبَّر الزوجة على ما تلقاه من إهانات وابتلاءات تكدّر صفو عيشتها ، وتذكّرها بأنه لا نعيم ولا راحة إلا كما قال الإمام أحمد بن حنبل : "مع أوَّل قدمٍ تضعها في الجنَّة".
وكانت سيدة أخرى تدعى ( ن.م.ح) من كوم حمادة قد حصلت فى 20 نوفمبر الماضى 2020 على شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا تفيد أن الحكومة لم تطعن أيضاً على الحكم الصادر لصالح طفلتها " منة "الصادر من القاضى ذاته الإنسان الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بأحقيتها فى الأوراق الثبوتية فى شهادة الميلاد باسم والدها.