أمل دنقل يرثي الشاعر العراقي سعدي يوسف من قبره
في حوار للشاعر أمل دنقل نشر بتاريخ 1 ديسمبر 1976 في مجلة "البيان" الكويتية، يسأله الكاتب الصحفي سيد عثمان عن الشاعر سعدي يوسف، فقال: منذ أيام سمعتك تردد أشعارا للشاعر العراقي سعدي يوسف من دیوانه الأخير (الأخضر بن يوسف ومشاغله) فما الذي يشدك لدى سعدي يوسف؟
رد الشاعر أمل دنقل على الصحفي وكأنه بقوله هذا يرثي سعدي يوسف الذي رحل عن عالمنا اليوم: "سعدي يوسف هو أكثر الأصوات الشعرية العربية معاصره، أنه من الجيل الذي بدأ مسيرته الشعرية في الخمسينات لكنه استطاع على خلاف أكثر منهم- أن يكون شاعرا تجد فيه الأجيال التالية نبضها الشعري. هذه قيمته الأولى- قيمته الثانية في نظري هي تواضعه.. أبناء جيله عادة ما تحس أنهم يرتدون عباءات شعرية ملونه: واحد يلبس عباءة المسيح المضطهد، وآخر يلبس عباءة الصوفي الزاهد، وثالث يلبس عباءة النبي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه لكن سعدي، عندما تقرؤه تحس أنه سعدي فقط. تحس أنك جالس مع صديق يروي لك معاناته في حياء.. هو ليس مبالغا في تصوير آلامه ولا في تصوير قسوة الأخرين.. إنه يروي لك فقط، ويترك لك أنت أن تبدي دهشتك من بشاعة ما هو كائن وبساطة ورقة ما ينبغي أن يكون!".
وسعدي يوسف شاعر عراقي وكاتب ومترجم، ولد في أبي الخصيب بالبصرة عام 1934، أكمل دراسته الثانوية في البصرة، وتخرج في دار المعلمين العالية ببغداد 1954 "ليسانس شرف في آداب العربية"، عمل في التدريس والصحافة الثقافية، وغادر العراق في السبعينات وحالياً يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر، منها جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة "كافافي" من الجمعية الهلينية، وفي عام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلف أجنبي وفي 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال الكندية.
ينتمي سعدي يوسف إلى موجة الشعراء العراقيين التي برزت في أواسط القرن الماضي، وجاءت مباشرة بعد جيل رواد ما عرف بالشعر الحر أو التفعيلة، الذي أطلق على رواد تحديث القصيدة العربية من أمثال نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وبلند الحيدري وعبد الوهاب البياتي.
وأطلق البعض على هذا الجيل اسم "الجيل الضائع"، فقد عايش بعضهم جيل الرواد لكن منجزهم الحقيقي جاء في الخمسينيات، وضم هذا الجيل إلى جانب سعدي يوسف، الشعراء محمود البريكان ومظفر النواب وآخرين.