مقابر الصدقات: مَن يحمي فقراء السماء من لصوص الأرض؟
فجرت واقعة إلقاء مقاول 62 جمجمة ورفات لموتى أسفل الطريق الحر بقليوب للاستيلاء على مقابر الصدقة وبيعها بغرض الاتجار، قضية التعدي الصارخ على مقابر الصدقات.
يقول سمير أحمد، يعمل بإدارة إحدى الجمعيات الخيرية بحي دار السلام، إن المقابر جميعها تعد حق انتفاع من الدولة يتم توزيعها على المواطنين بالقرعة، مثلما يحدث فى توزيع الشقق السكنية، على أن يتم تخصيص الأرض لفترة زمنية محددة، ويشترط البناء فى الفترة المحددة، وباختلاف المساحات تختلف الأسعار، مضيفاً أنه ونتيجة لارتفاع الأسعار بشكل عام كان للمقابر حظاً ونصيباً في ارتفاع أسعارها هى الأخرى.
أضاف سمير أن هذا الأمر أدى إلى زيادة الضغط على مقابر الجمعيات الشرعية (مدافن الصدقة)، ما يتطلب توفير أكبر عدد من المقابر لاستيفاء كل الراغبين في الحجز.
وقال أحمد عادل، أحد مسؤولي الجمعيات الخيرية، إنه على الرغم من زيادة الطلب بشكل كبير على مدافن الصدقة في الفترة الأخيرة بما فيهم ميسوري الحال الذين يطلبون أيضًا حجز مدافن لهم، لعدم إمكانية شراء مقبرة:"هذه المقابر تتعرض لانتهاكات كثيرة مثل السرقات والنبش وبعض الأعمال الدنيئة من قبل البعض كوضع الأعمال السفلية والسحر"، مطالبًا بضرورة تأمين هذه المقابر بصورة أكبر لكي لا تتعرض لمثل هذه الأعمال.
وقال عمرو محمد، أحد المسؤولين بجمعية شرعية بالمعادي، إنه جرى الحال في مقابر الصدقة أن يتم إخلاؤها حال وجود هياكل عظمية للمتوفين حيث يتم تجمعيها فى مكان خاص بها ويسمى «المعضمة» وذلك بعد وضعها فى أكفان، موضحاً ان هذه العملية تسمى «تطهير المقبرة»، وحال وجود «لحم» أي وجود جثمان المتوفى دون تحلل، يتم إبلاغ الجمعية التابعة لها تلك المقبرة بهذا الأمر ومن ثم الإعلان فى المسجد عن عدم استقبال حالات جديدة حتى يتم التطهير.
أضاف عمرو أنه بالفعل تتعرض مقابر الصدقات للكثير من الأعمال القبيحة التي يقوم بها البعض لعل بين أبرزها سرقة الجماجم البشرية لبيعها لتجار المخدرات الذين يطحنوها ويصنعون منها بعض أنواع المخدرات، كذلك النبش من أجل وضع أعمال السحر والشعوذة فهو أمر كثيراً ما يحدث.
الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهر أكد لـ“الدستور” حرمة القبور سواء كانت تخص الصدقات أم لا، مستعينًا بالحديث الشريف: "لَأَنْ يَجْلِسَ أحدُكم على جَمْرَةٍ فتَحْرِقَ ثيابَه، فتَخْلُصَ إلى جِلْدِه؛ خيرٌ له من أن يَجْلِسَ على قَبرٍ"، مؤكداً أنه يجب احترام الميت في قبره مثلما هو الحال في حياته، مشددًا على أن التعدي على حرمات الأموات يعد إثمًا عظيمًا يحاسب عليه فاعله، كما أنها جريمة يعاقب عليها القانون.
وفي هذا الصدد، يقول محمود سمير المحامي بالنقض، إن قانون العقوبات المصري في المادة 160 في الباب المعنون بالجنح المتعلقة بالأديان والتمييز، ينص علي أنه يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خرب أو كسر أو أتلف أو دنس مباني معدة لإقامة شعائر دين أو رموزًا أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء ملة أو فريق من الناس، و كل من انتهك حرمة القبور أو الجبانات أو دنسها، وتكون العقوبة السجن الذى لا تزيد مدته على 5 سنوات إذا ارتكبت أي من الجرائم المنصوص عليها فى المادة 160 تنفيذًا لغرض إرهابى.
وحيث تتكون تلك الجريمة من ركنيها المادي والمعنوي فالركن المادى، وهو كل فعل مادي من شأنه الإخلال بحرمة الموتى والاحترام الواجب لهم وأن يكون من شأن الفعل امتهان حرمة القبور أو تدنيسها، كإخراج الجثث من المقبرة فى غير الأحوال المصرح بها قانونا، وعن الركن المعنوي بأن يكون الفعل معبرا عن إرادة الجاني ورغبته، بأن يرتكب الجاني بإرادته الفعل المؤثم، فإذا ما تحقق ذلك تحققت الجريمة في حق مرتكبيها.