بعد 54 عامًا..
وثائق سرية تكشف أسرار حرب 67 وخوف بريطانيا من انتصار مصر
نشر موقع قناة "بي بي سي" تفاصيل جديدة بمناسبة مرور 54 عاما على حرب 1967 بين إسرائيل والعرب، التي لم تُعرف كل أسرارها بعد.
وبين هذه الأسرار أن بريطانيا كانت تخشى من 4 عواقب بعيدة المدى لو سمح بانتصار مصر في أزمة إغلاق مضيق تيران التي أشعلت الحرب على الوضع العام في المنطقة، وفق وثائق بريطانية.
وتكشف الوثائق التي حصلت عليها "بي بي سي" أن الحكومة البريطانية قدمت في تعاملها مع الأزمة، مصالحها مع العرب على تأييدها لإسرائيل، التي لم تستجب للنداءات بعدم البدء بالحرب.
وتشير الوثائق أيضا إلى تهديد العرب يوم بدأت إسرائيل الحرب في 5 يونيو 1967، بسحب أرصدتهم بالجنيه الإسترليني من البنوك البريطانية للضغط على لندن حتى لا تؤيد إسرائيل وإقرار بريطانيا بحق مصر في التحكم في حركة السلع الاستراتيجية المتجهة إلى إسرائيل عبر خليج العقبة.
وكانت إسرائيل قد شنت الحرب ردا على إغلاق مصر خليج العقبة، الأمر الذي هدد شريان حياة رئيسيا لها.
وفي هذه الحرب التي استمرت 6 أيام فقط، احتل الجيش الإسرائيلي كل سيناء وقطاع غزة من مصر، والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية من الأردن، ومرتفعات الجولان من سوريا.
وتكشف الوثائق أنه رغم حرصها على وجود دولة إسرائيل، حرصت الحكومة البريطانية برئاسة هارولد ويلسون أيضا على عدم إغضاب العرب.
وبمجرد إغلاق مصر خليج العقبة عبر مضيق تيران، طرحت أفكارًا مختلفة لإنهاء الإغلاق وضمان حرية الملاحة، غير أن بريطانيا سعت إلى تجنب أي سلوك يظهرها كعدو للعرب.
وتشير الوثائق إلى رفض بريطانيا خطة عرضتها واشنطن لتشكيل قوة عسكرية أمريكية بريطانية مشتركة لإنهاء الإغلاق، وضمان حرية الملاحة في خليج العقبة.
وفي اجتماع مجلس الوزراء البريطاني برئاسة هارولد ويلسون يوم 25 مايو 1967، اتفق الوزراء على رفض النهج الأمريكي باعتباره ضارا بالمصالح البريطانية في المنطقة.
وقبل 6 أيام من بدء الحرب، توقعت الاستخبارات البريطانية انتصار إسرائيل فيها.
وفي مذكرة بخصوص الأزمة في الشرق الأوسط إلى مجلس الوزراء يوم 29 مايو 1967، قال وزير الخارجية البريطاني "لا يزال تقدير الاستخبارات البريطانية والأمريكية هو أنه من المرجح أن تنتصر إسرائيل".
وكانت تقارير كثيرة تتحدث، آنذاك، عن حشد عسكري عربي تشارك فيه ليبيا والجزائر والعراق إلى جانب مصر وسوريا والأردن، ما أثار قلقا من قدرة العرب على تغيير ميزان القوى في المنطقة، غير أن مذكرة الخارجية البريطانية عبرت عن اطمئنانها على إسرائيل، وقالت: "لو واجه الإسرائيليون خطر الخسارة، أعلن الأمريكيون: أنه لا يمكنهم الوقوف متفرجين وهم يرون الإسرائيليين يُلقون في البحر".
واُلحق بالمذكرة تقرير بشأن السيناريوهات المحتملة لسير الأزمة، وجاء في التقرير: "لو سمح لمصر بأن تواصل إغلاق المضيق وتحتفظ بانتصارها الدبلوماسي والعسكري، فإن عواقب هذه الترضية ستكون بعيدة المدى".
وأضاف أنه من المحتمل أن تشمل العواقب التالي: "الإطاحة بالنظام الأردني، أي تسوية في جنوب شبه الجزيرة العربية ستكون مستحيلة إلا وفق شروط ناصر، ستكون الأنظمة في الدول الأخرى التي تتركز فيها مصالحنا عرضة للاختراق الناصري السوفيتي، كما سيصبح وقوع حرب لتدمير إسرائيل أمرا لا مفر منه".
وبعد استعراض كل الاحتمالات خلصت الخارجية إلى أنه "مهما يكن موقفنا فسوف يبدو كأنه مناهض للعرب وموال لإسرائيل".
ولذا فإن التوصية الرئيسة هي "يجب أن نتبع النهج الذي يسبب أقل الأضرار".
وفي اجتماع عُقد يوم 30 مايو (قبل الحرب بخمسة أيام) قرر مجلس الوزراء، بعد استعراض قدمه وزير الخارجية، أن الأولوية هي "حماية مصالح بريطانيا الاستراتيجية".
ووفق محضر الاجتماع "كان على بريطانيا السعي إلى ضمان ألا يؤدي هذا التغيير إلى سلسلة أخرى من الانتصارات العربية التي تهدد وجود إسرائيل".
وتكشف الوثائق أنه يوم بدأت إسرائيل الحرب في 5 يونيو، التقى وزير الخارجية البريطاني مع السفراء العرب بناء على طلبهم.
وخلال اجتماع مجلس الوزراء البريطاني في اليوم التالي، تحدث الوزير عن اللقاء، وحسب محضر الاجتماع، قال الوزير "موقفهم المبدئي كان الاحتجاج القوي، وأكدوا أنهم سوف يوصون بشكل جماعي حكوماتهم بسحب الأرصدة بالجنيه الإسترليني"، غير أن المحضر نقل عن الوزير قوله إنه "نجح في تطمينهم بشأن الموقف البريطاني".
وبعد ثلاثة أيام من بدء الحرب وظهور دلائل قوية على انتصار إسرائيل، ناقش اجتماع للحكومة البريطانية يوم 8 يونيو الوضع في الشرق الأوسط في ظل الاستعدادات لقمة عربية في الخرطوم في أغسطس عام 1967.
ونبه وزير الخارجية إلى أن القمة ربما تناقش صياغة سياسة مشتركة بشأن وقف إطلاق النار، وإمدادات البترول، والعلاقات الدبلوماسية مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وأقر اجتماع الحكومة البريطانية تقييم الوزير الذي لخصه قائلا: "مصلحتنا الرئيسية الآن تكمن في إعادة تأسيس علاقاتنا مع الدول العربية على أساس الصداقة قدر الإمكان".