تحلية مياه البحر.. كيف وضعت مصر بدائل لمواجهة العجز المائي؟
في الآونة الأخيرة بدأت مصر الاتجاه إلى إيجاد حلول لسد العجز المائي الذي قد يواجهها مع الزيادة السكانية المطردة، خاصة أن حصة مياه النيل قد لا تحتمل العدد المتوقع، فكان من ضمن تلك الحلول الاتجاه إلى تحلية مياه البحر، وهي تجربة ناجحة في عدد من الدول مثل منطقة الخليج.
ففي تصريحات سابقة للدكتور محمد داوود، الأستاذ بالمركز القومي لبحوث المياه، أوضح أنه في ظل الزيادة السكانية ومعدلات التنمية الحالية، انخفض نصيب الفرد من المياة ليصل إلى أقل من 600 متر مكعب سنويًا، إذ وصل عدد السكان إلى أكثر من 100 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يصل العدد بحلول عام 2050 إلى أكثر من 170 مليون نسمة.
"الدستور" تحدثت مع عدد من الخبراء حول البدائل التي تتجه لها مصر لسد العجز المائي، وبشكل خاص محطات التحلية، وفي خرائط وإحصائيات تفاعلية نرصد عدد من تلك المحطات والتوقعات المستقبلية لاحتياجات مصر من المياه.
مستشار سياسات مائية: تحلية البحر سيسد عجز مياه الشرب
البداية كانت مع المهندس محمد خليفة، مستشار التخطيط والسياسات بوزاة البيئة والمياه والزراعة بالسعودية، فقال إنه لا يمكن أن تعوض تحلية مياه البحر كل أنواع العجز المائي، لأن موارد المياه في مصر تتركز معظمها في نهر النيل، واستهلاك كميات مياه الشرب منها لا يتعدى 20%، فالنقص الذي قد يحدث سيؤثر بشكل أكبر على الزراعة، ومن المستحيل أن تسد محطات تحلية احتياجات الزراعة، لارتفاع قيمتها المادية لذا فهي غير ناجحة اقتصاديًا، لذا التحلية فقط ستكون لأغراض الشرب.
وتحدث "خليفة" حول البدائل الخاصة بالزراعة؛ مؤكدا أن الأول هو إعادة استخدام مياه الصرف الصحي بالمعالجة الثلاثية، ثم توجيهها للزراعة، أما البديل الثاني فهو المياه الجوفية، ولكن الخزان الجوفي ثابت بالتالي معرض للنضوب ويحتاج للمحافظة عليه وعدم استخدامه إلا في زراعات استراتيجية ومهمة، وهناك خيار ثالث باستخدام نظم الري الحديثة مثل الري بالرش وبالتنقيط، مما يوفر حوالي 70% من موارد المياه.
وتابع: هناك محاصيل منتجة وراثيًا يمكنها تحمل المياه المالحة كالأرز، ويمكن الاتجاه لاستيراد المحاصيل الزراعية التي تحتاج لكثير من المياه كالقصب، والاكتفاء بزراعة المحاصيل التي لا تحتاج لمياه كثيرة.
مهندس بمحطة تحلية: نطبق اشتراطات البيئة
وانتقلنا بعدها إلى المهندس محمد عبد الشفيع، أحد العاملين بمحطة "أبو زنيمة" لتحلية مياه البحر، فأكد أن المحطات تكون عبارة عن عدد من المبانِ، تخرج المياه نهائيًا صالحة للشرب والاستخدام الآدمي، وتلك المباني تنقسم إلى: مبنى المأخذ البحري وهو المسئول عن سحب المياه من البحر وتوزيعها على باقي الأماكن الأخرى، وهناك مبنى المرشحات أو الفلاتر والمسئول عن تنقية المياه من الشوائب.
وتابع "عبدالشفيع": هناك مبنى ثالث يسمى التحلية المسئول عن تحويل المياه لجزء مالح بشدة يرجع إلى البحر بما يُطابق الاشتراطات المائية لوزارة البيئة، لعدم حدوث أي أضرار للأسماك وغيرها من الحيوانات البحرية، والجزء الثاني يتم تحويله إلى خزانات احتياطية استراتيجية.
بحسب قطاع التخطيط بوزارة الموارد المائية والري، تواجه مصر عجزا مائيا يصل إلى 20 مليار متر مكعب سنويا، بينما احتياجاتها من المياه تصل إلى 80 مليار متر مكعب، أما مجموع المياه العذبة المتاحة في مصر 60 مليار متر مكعب، وتعتمد بنسبة 97% على نهر النيل.
خطة الحكومة خلال 30 عام
أعلنت الحكومة ممثلة في وزارة الإسكان، خطة استراتيجية (2020-2050) للتوسع في تنفيذ محطات التحلية خلال الثلاثين عاما المقبلة، باستثمارات تصل إلى 134 مليار جنيه، يتم تنفيذها على 6 خطط خمسية تصل مدة تنفيذ كل منها إلى 5 سنوات؛ الخطة الخمسية الأولى عبارة عن تنفيذ مشروعات لتحلية مياه البحر في 11 محافظة، بتكلفة تصل إلى 30 مليار جنيه. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء منها بنهاية عام 2025.
ويجري حاليا تنفيذ 19 محطة تحلية جديدة بسعة إنتاجية تصل إلى 550 ألف متر مكعب يوميا، بتكلفة تصل إلى 11 مليار جنيه في 7 محافظات، هي مطروح والبحر الأحمر وشمال سيناء وجنوب سيناء وبورسعيد والدقهلية والسويس، وفقا لبيانات وزارة الإسكان.
بعض محطات تحلية مياه البحر التي تم تنفيذها (StoryMap):
بحسب أحدث إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في 2018: (انفوجراف)
معدلات استهلاك المياه: مياه الشرب يوميًا إلى 30 مليون متر مكعب، مياه الري 80 مليار متر مكعب، مياه الصرف الزراعي الذي يعاد استخدامه 12 مليار متر مكعب، مياه الصرف الصحي الذي يعاد استخدامه نحو 2.5 مليار متر مكعب.
وتتمثل مصادر المياه الحالية في مصر: المياه السطحية 85%، والمياه الجوفية 15%، والمياه المحلاه 0.1%.
