في ذكرى رحيله.. لماذا وصف أمل دنقل شعر محمود درويش بالغموض؟
شاعران كبيران جاء في زمن واحد، أحبهما الناس وتأثروا بهما، الأول حمل القضية الفلسطينية على عاتقة والثاني هموم الإنسان العربي وآماله، الأول الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش والثاني الشاعر المصري الأصيل أمل دنقل الذي تحل ذكرى وفاته غدا الحادي والعشرين من مايو، لكن كيف رأي أمل دنقل نفسه شعر محمود درويش.
تنبه الكاتب الصحفي سيد عثمان لهذا الخاطر فسأل أمل دنقل دون مواربة عن رأيه في درويش فقال: وهل تعتقد أنه كانت عند محمود درويش صورة وردية عن العالم العربي؟، أجاب أمل دنقل في الحوار المنشور بتاريخ 1 ديسمبر 1976 في مجلة "البيان" الكويتية بصراحة بالغة أيضا كعادته، فقال: "كانت لديه صورة كونها من خلال إذاعة (صوت العرب) من أن مصر دولة اشتراكية مرتبطة بالمعسكر الاشتراكي، تقيم السد العالي، والمصانع، فلا بد أن هناك عملا لكل فرد وحذاء لكل مواطن.
لك أن تتصور الصدمة التي أصيب بها محمود درويش عندما خرج إلى عالم الصراع العربي المعقد خارج الأرض المحتلة. ولا شك في أن مرحلة الصراع العربي الراهن، والمرحلة العربية الاجتماعية الراهنة اختلطت فيها كثير من القيم فأنت لا تستطيع أن تحكم مثلا من هو الخائن ومن هو العميل ومن هو الثوري والوطني بدقة، لأن المقاييس اختلطت والاتهامات تبودلت بشكل لا يترك الأبيض أبيض والأسود أسود كما كان يتصور محمود درويش قبل مغادرته اسرائيل. ومن هنا فإن (الغموض)- إذا جاز انسحاب هذا الوصف على شعر محمود درويش- هو نتيجة لغموض أو اختلاط في تصور الأشياء عنده.
يضيف أمل دنقل في حواره مع سيد عثمان: "عندما كان الأبيض أبيض والأسود أسود كان شعره داخل الأرض المحتلة غنائيا. ولكن عندما دخل حلبة الصراع وشارك فيها بفكره وحضوره كان لا بد أن يلجأ إلى القصيدة الدرامية التي تتشابك فيها الخيوط، وقد لا تلتقي، وقد لا تنحل المعادلة في ذهنه أبدا".