رصدها كتاب «الصعلكة والفتوة في الإسلام»
حكاية بوابة الفتوة «حجاج الخضري» بالسيدة عائشة
من الطرائف والغرائب التي ذكرها الكاتب أحمد أمين في كتابه "الصعلكة والفتوة في الإسلام"، أنه في مطلع القرن العشرين، عرف في كل حي من أحياء القاهرة والإسكندرية بعض الناس الفتوة، فيقال فتوة المنشية، وفتوة الجمالية، وفتوة الحسينية. والفتوة في العرف شاب شهم نبيل شجاع ذو مروءة يفضل إخوانه في كل الصفات، ومن قبيل ذلك ما حكاه الجبرتي عن حجاج الخضري، فقد كانت له بوابة قرب السيدة عائشة تسمي بوابة حجاج، وكان زعيم الخضرية، وكان فيه من صفات الشجاعة والمروءة النبل، وكان أهل حرفته يسمعون كلامه أكثر مما يسمعون كلام الوالي، ولذلك شنقه الوالي تأديبيا لأتباعه من غير أن يكون جني جناية.
ويوضح أحمد أمين في كتابه، ولقد شاهدت ابنته في حارتنا العبادية بالمنشية، وفيها بعض صفاته وفيها أيضا قوة ممتازة في لسانها تتغلب له علي الشباب أهل حارتها.
- قصة الشيخ صامودا
ومن ذلك أيضا ما حكاه الجبرتي أيضا في ترجمة الشيخ حسن الكفراوي، فقد كان صديقا للشيخ "صامودا" المنجم، فرأي أحد المماليك علي عضو زوجته كتابة، فسألها عنها فقالت له: قد كتبها الشيخ "صامودا" ليحببك في، فقال لها إنه إذن رضي أن يطلع علي عضوك، ثم أمسكه وقتله وشهر به وبالعلماء، وشهر بصديقه الشيخ حسن الكفراوي، فاضطهد الشيخ اضطهادا كبيرا ألجئه إلي أن يحتمي بفتوة الحسينية، إذ كان الشيخ يسكن فيه وهو الحاج عمر الجزار، ليمنع عنه أذي الناس، وتزوج ببنته.
- مميزات الفتوة وأعماله
ويمتاز الفتوة بأنه يتبجح بشجاعته وقوته، ويؤذي من لم يحتم به، وزفة الحي لا تخرج إلا بحمايته وضمانته، فيتصدر زفة العريس أو المطاهر هو وأتباعه، ويمنع عنها أي شخص من حي آخر يعمل عملا يفسدها، كما أن من أعماله أن يتعرض لزفات الأحياء الأخرى، ويوقفها ويطلب من الزمارين والطبالين أن يطبلوا له ولزملائه، ويزمروا علي حد تعبيراتهم "عشرة بلدي"، وهو يرقص علي الزمارة، فإذا أجابوه إلي طلبه فيها، وإلا ضرب هو وزملاؤه الزفة وأفسد كيانها وقد يقع في المعركة بعض الجرحى.
ومن أعمال الفتوة أيضا أن يحمي صبيا في مدرسة من أن يعبث به أي رجل آخر غيره، و يخالل امرأة يحميها، وقد يتزوجها ويكون معروفا بين زملائه أنها في حمايته لا يتعرض لها أحد، ولا يشاغلها أحد، وإذا قصده أحد في أمر قضاه له مروءة وإذا اجتمع مع زملائه في قهوة أو في خمارة صرف عليهم كل ما يطلبون.