ماكرون يوقف 10 أعضاء سابقين في الألوية الحمراء
قرّر الرئيس إيمانويل ماكرون تسوية الخلاف القديم مع روما بشأن أعضاء سابقين في الألوية الحمراء عبر توقيف سبعة منهم الأربعاء، بالإضافة الى ثلاثة آخرين يتم البحث عنهم في فرنسا، وهم مدانون في إيطاليا بارتكاب أعمال إرهابية في السبعينات والثمانينات.
من جهته، أعرب رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي عن "ارتياحه" لهذا القرار.
وقال في اعلان مقتضب نشره مكتبه إن الموقوفين في فرنسا "مسؤولون عن جرائم إرهابية خطيرة جدا تركت جراحا لا تزال تنزف".
وأضاف "ذكرى هذه الأعمال الهمجية لا تزال حاضرة في ضمير الشعب الإيطالي".
وأوضحت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتخذ قرار تسليم هؤلاء الأشخاص العشرة "بموجب طلبات إيطالية تتعلق بمئتي فرد"، وهو يتماشى "بشكل صارم" مع مبدأ يحمل اسم ميتران (الرئيس الفرنسي الاشتراكي السابق فرنسوا ميتران من 1981 إلى 1995) بمنح اللجوء إلى الأعضاء السابقين للمنظمة شرط ألا يكونوا ارتكبوا جرائم دموية.
وقالت الرئاسة إن ماكرون "أراد تسوية هذه القضية التي تطالب بها إيطاليا منذ سنوات".
طالبت إيطاليا منذ سنوات باسترداد الناشطين اليساريين المتطرفين الذين لجأوا إلى فرنسا بعد "سنوات الرصاص" التي شهدت هجمات وأعمال عنف ارتكبتها منظمة الألوية الحمراء خصوصا بين 1968 و1982 لكن فرنسا لم تستجب.
ومنذ 1981 تم توقيع مرسومي تسليم فقط في عهد الرئيس جاك شيراك شمل باولو بيرسيكيتي في 1995 الذي سلم لإيطاليا في 2002 وشيزاري باتيستي في 2004 الذي كان يقيم في فرنسا منذ 1990 ولجأ إلى الخارج. وتم توقيفه في بوليفيا.
في 2008 قرر نيكولا ساركوزي عدم تطبيق مرسوم التسليم بحق مارينا بيتريلا العضو السابق في الألوية الحمراء التي حكم عليها بالسجن المؤبد في إيطاليا، بسبب وضعها الصحي. وقالت الشرطة الإيطالية إن أشهر المطلوبين بين الأشخاص السبعة الذين اعتقلوا صباح الأربعاء.
وأكد الإليزيه أن "فرنسا المتضررة من الإرهاب تدرك الحاجة المطلقة لتحقيق العدالة للضحايا ... وضرورة بناء أوروبا العدل القائمة على الثقة المتبادلة".
وكانت وزيرة العدل الإيطالية مارتا كارتابيا سلمت رسميا في الثامن من أبريل نظيرها الفرنسي اريك دوبون-موريتي "طلبا عاجلا من السلطات الإيطالية لعدم السماح لمرتكبي الاعتداءات في الألوية الحمراء بالإفلات من العقاب". وكتبت الصحافة الإيطالية أنه من الممكن أن تسقط هجمات نفذها البعض، بالتقادم.
وذكرت وسائل اعلام إيطالية أن إيمانويل ماكرون قد يكون أجرى محادثة هاتفية مع ماريو دراغي أكد له الأخير خلالها أهمية هذه القضية بالنسبة لروما.
ويفترض أن يبت القضاء في تسليمهم، كل حالة على حدة.
وذكر مصدر قضائي أن الموقوفين سيمثلون خلال 48 ساعة أمام مكتب المدعي العام لمحكمة الاستئناف في باريس قبل أن يبت القاضي في احتجازهم أو الإفراج عنهم ووضعهم تحت إشراف قضائي حتى صدور قرار القضاء بشأن طلبات التسليم.
طرح هذا الملف من جديد بعد عودة شيزاري باتيستي إلى إيطاليا إثر توقيفه في كانون الثاني/يناير 2019 في بوليفيا وتسليمه إلى إيطاليا بعد أربعين عاما من الفرار في فرنسا ثم في البرازيل.
وقال وزير الداخلية الإيطالي حينذاك ماتيو سالفيني إن فرنسا تؤوي منذ عقود "مجرمين قتلوا أبرياء"، ودعا إلى تسليم روما "15 إرهابيا إيطاليا" صدرت بحقهم أحكام "لكنهم ينعمون بحياة جيدة في فرنسا".
وبين الموقوفين الآخرين جورجو بتريوستيفاني ونارشيسو مانينتي وروبرتا كابيلي وانزو كالفيتي وجوفاني أليمونتي وسيرجو تورناغي. والثلاثة الملاحقون هم ماوريتسيو دي مارزيو ولويجي برغامن ورافايلي فينتورا.
واعلن جان لوك ميلانشون زعيم اليسار المتطرف في فرنسا أن "جميع الحكومات من اليمين واليسار رفضت تسليمهم. مع ماكرون لم يعد لفرنسا كلمة".
وصرحت إيرين تيريل محامية خمسة من الأعضاء السابقين السبعة في الألوية الحمراء لفرانس برس "انها خيانة لا توصف من قبل فرنسا. اني مستاءة جدا ولا أجد الكلمات لوصف هذه العملية الأشبه بحملة بوليسية مصغرة".
وأضافت "منذ الثمانينات وضع هؤلاء الأشخاص تحت حماية فرنسا وأعادوا بناء حياتهم هنا منذ ثلاثين عاما ويقيمون هنا بعلم من الجميع مع أولادهم وأحفادهم ... وفجرا يأتون للقبض عليهم بعد 40 عاما على الوقائع؟".
بين الرومانسية الثورية والنضال ضد الفاشية، نشر شباب راديكالي خائب الرعب في إيطاليا في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، في صفوف جماعات يسارية متطرفة كانت الألوية الحمراء أكثرها تنظيما وعمدت إلى اغتيال نقابيين وقضاة وصحافيين وشرطيين وشخصيات سياسية.