عن قيادات الجماعة ودورهم التحريضي واستغلال المغيبين
« رابعة.. النهضة.. كرداسة».. حكايات جديدة من دفتر أولياء الشيطان
«رابعة»، الكلمة الأكثر تداولا عل منصات التواصل الاجتماعي اليوم، 17 أبريل، بعد عرض الحلقة الخامسة من مسلسل الاختيار 2، التي سردت ما حدث في اعتصام تنظيم الإخوان، ردا على ثورة الشعب المصري في يونيو 2013، غير أن الحلقة لم تسرد كل شيء.
في كتابها "رابعة.. النهضة.. كرداسة – حكايات تروى للمرة الأولى"، سردت الكاتبة الصحفية، زكية هداية، مشاهدات عاشتها في اعتصام رابعة، وهى تمارس عملها كصحفية متخصصة في ملف الإسلام السياسي، غير أنها سردت الصورة الأخرى للبسطاء الذين غيبهم كذب التنظيم الإرهابي.
- شهادة منشورة عن حكايات المغيبين
رحلت زكية هداية في حادث سير في عام 2019، بعد أن تركت شهادة منشورة في كتابها الصادر عن دار سما عام 2013، اهتمت فيها بحكايات المغيبين، وقود الإرهاب الصامت، الذي يجهل حقيقة استخدامه، غير أن الجهل بالقانون دائما، ليس بعذر مقبول.
الكتاب جاء في خمسة فصول، الأول بعنوان "رابعة، والفصل الثاني "قيادات الجماعة ودورهم التحريضي"، والفصل الثالث "يوميات الفض"، والفصل الرابع "حالات تعذيب المواطنين"، والفصل الخامس "كرداسة".
- مشاهدات 35 يوما
وثقت الراحلة زكية هداية، مشاهدات 35 يوما عاشتها في اعتصام رابعة العدوية، بعين الصحفية، والتي ضمت خلالها حكايات القادمين من محافظات الصعيد، والدلتا، باحثين عن دعم الخلافة المزعومة، التي صدرها لهم تنظيم الإخواني الإرهابي. في دولة "رابعة"، كما وصفها الإخوان أنفسهم، تقول زكية في الفصل الثاني من الكتاب:"بالفعل كانت دولة بكل ما تحمل الكلمة من معان، رئيسها محمد البلتاجي القيادي بجماعة الإخوان، ورئيس الحكومة صفوت حجازي، الداعية المحب للجماعة، ووزير إعلامها أحمد المغير، رجل الشاطر، ووزير الصحة عبد الرحمن عز، ووزير دفاعها عصام العريان، رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان بمجلس الشورى ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان، ووزير ماليتها القطب الإخواني يوسف ندا، وكان خيرت الشاطر، وزير الإسكان داخلها بحكم امتلاكه شركات العقارات والمباني داخل مدينة نصر والأماكن المحيطة بها".
- نصرة الشريعة ومحاربة المعارضين
في الكتاب وثقت الراحلة، زكية هداية، حكاية الشيخ محمد علي، الذي بدأت بها روايتها عن الاعتصام، قالت عنه:"فلاح بسيط في العقد الخامس من العمر، جاء من قريته بالمنصورة لكي ينصر الشريعة، ويحارب المعارضين..، الشيخ محمد ذو وجه أسمر بسيط، رسم الزمان علاماته على تجاعيد وجهه، يدافع عن الحكم بدين الله المتمثل في ولاية محمد مرسي، فهو يراه المهدي المنتظر، الذي أرسله الله لينقذ مصر من حكم الكفرة الفجرة".
في الكتاب أيضا حكاية الحاجة صفية، التي تركت قريتها بمحافظة المنوفية لتنصر الإسلام والرئيس الشرعي للبلاد، أو هكذا أوهمها تنظيم الإخوان، سيدة ريفية في العقد السادس من العمر، تركت زوجها وأهلها وحضرت للقاهرة لمناصرة محمد مرسي.
- كيف يستقطب الإخوان ضحاياهم
كما سردت زكية هداية في كتابها، حكاية الشاب أحمد علي، الطالب بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، ابن الريف، الذي سقط في براثن الإخوان داخل المدينة الجامعية للكلية، تصفه زكية هداية:" شاب طويل، قوي البنية، مفتول العضلات، وجهة أبيض، ويداه خشنة، من جراء العمل بحقل والده، فهو فلاح من إحدى القرى القريبة من مدينة الزقازيق، والده رجل فقير جاء أحمد للقاهرة التي استهوته أضوائها بحثا عن العلم والرزق معا، فوالده لا يستطيع تأمين نفقات الدراسة".
احتضنته الجامعة طالبا في الأزهر، ووفرت له سبل العيش، يناديه الناس في قريته بالشيخ أحمد، بعد أن كان ابن الفلاح الفقير، بلا شأن يذكر، ربما كان ذلك أحد أسباب دفاع أحمد المستميت عن الإخوان، هكذا وصفته زكية هداية في الكتاب:"فالإخوان يدرسون جيدا نقاط الضعف والقوة داخل الشخصية التي يستقطبونها وعرفوا أن أحمد يريد جورا واحتراما يفتقده داخل قريته، ولهذا جعلوه قائدا، واستغلوه كفريسة".
- تجربة الاعتقال والاستجواب داخل اعتصام رابعة
مرت أيام قبل أن ينتبه أحد المعتصمين للصحفية زكية هداية وهى تتجول داخل الاعتصام تتحدث مع الناس، سبق وقرأ لها مقالا في الجريدة التي تعمل بها، وأخبر أنصاره أنها تكتب في جريدة مؤيدة للانقلاب، كما يراه أنصار التنظيم فقبضوا عليها دون مراعاة أنها فتاة في العشرينيات من عمرها، وأودعوها إحدى الخيام التي يستجوبون داخلها من يشكون في أمره.
عن لحظات الاعتقال داخل الاعتصام تقول زكية هداية:"فوجئت بثلاثة رجال أقوياء اقتادوني داخل أحد الخيام، وسألوني عن الجهة التي أنتمي إليها ولسوء حظي أن الصحيفة التي أعمل بها من الصحف المؤيدة للانقلاب كما يقولون، وتم احتجازي داخل إحدى الخيم المخصصة للتعذيب، وعشت أسوأ 4 ساعات في حياتي، ما بين ترقب وانتظار تعذيبي في أي لحظة، فأنا بالنسبة لهم كافرة وخارجة عن الملة ويجب قتلي أو تلقيني درسا يعيدني لرشدي، كما قال أحد الخاطفين، الذي لم يتوان عن إهانتي واتهامي بالكفر".
- صدفة تنقذها من مصير أسود
تستكمل زكية سردها عن لحظات الاعتقال داخل اعتصام رابعة:"جاء صوت تليفوني ليقطع هذا الصمت المرير الذي عشته من حيرة وترقب وانتظار أليم، فإذا بقيادي من الجبهة السلفية يتصل بي كان هذا الاتصال طوق النجاة، حيث رد سجاني على هاتفي، ودهش حينما قرأ اسم المتصل، وأخبره الشيخ السلفي أنني صحفية ماهرة، ومتدينة، ومحجبة، ولا يصح أن يعترضوا طريقي، وبعد انتهاء الاتصال تهللت أسارير السجان، وقام بالاعتذار لي، وأعطاني صلاحية التجول داخل الاعتصام، بشرط واحد، ألا أحكي عن ساعات اعتقالي داخل اعتصام التنظيم".
أكثر ما لفت انتباه زكية هداية داخل اعتصام رابعة، هو العالم المتكامل الذي هيأه التنظيم لأنصاره داخل جدران الاعتصام، حتى حفلات الزواج، فقد سردت قصص لشباب وفتيات تقابلوا للمرة الأولى داخل الاعتصام وحدث بينهم القبول والإيجاب، وكان مأذون الاعتصام صفوت حجازي، هو القائم بعمليات التزويج:"كل يوم كان يتم الإعلان عن تزويج العشرات وعقد قرانهم الذي أصر "حجازي" على قول العريس وعروسه كلمة أتزوجك على شرعية الرئيس محمد مرسي، مخالفا بذلك عقد الزواج الذي يقتضي قول أتزوجك على مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان".
- إخوان غير مصريين تواجدوا في يوم الفض
يوم الفض تواجدت زكية في الاعتصام، في السادسة صباحا، وسجلت خروج المعتصمين من الطرق الأمن الذي وفرته قوات الداخلية، ووثقت أيضا إطلاق النار من قبل منتمين لتنظيم الإخوان، بعضهم عرب غير مصريين، غير أن أكثر ما وثقته في ذلك اليوم، جثمان الشيخ علي، الرجل الريفي الذي قابلته في أول أيام الاعتصام، ووثقت حكايته:"رأيته غارقا في دمائه موضوعا على أرض مستشفى رابعة العدوية في انتظار أهله وذويه لاستلام جثته".
رحلت الكاتبة الصحفية زكية هداية، في فبراير 2019، بعد أن تركت وثيقة مهمة للأجيال المقبلة، عن البسطاء الذي أوهمهم تنظيم الإخوان أنهم ينصرون الله، لكنهم بجهل ليس له عذر، كانوا ينصرون الشيطان.