باحثة أثرية توضح مكانة (القطايف والكنافة) بين الشعراء المصريين في رمضان
باحثة أثرية توضح مكانة القطايف والكنافة بين الشعراء المصريين في رمضان
احتلت الحلويات في رمضان مكانة خاصة عند المصريين منذ أقدم العصور وفي مقدمتها (القطايف والكنافة) حتى أصبحت موضع مساجلات بين الشعراء، وللعلامة جلال الدين السيوطي رسالة مهمة في الكنافة والقطايف، سماها "منهل اللطائف في الكنافة والقطايف"جمع فيها أخبارهما هاتين، وما قيل فيهما من نثر وشعر، وبعض الأخبار المتعلقة بهما.
وقالت الباحثة الأثرية نادية عبد الفتاح المتخصصة في الآثار الإسلامية - لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم السبت - إن المصريين اشتهروا بحلوى القطايف والكنافة خاصة في رمضان، وكلاهما اختصت به مصر منذ أقدم العصور، فالقطائف وهي تصنع بخلط الدقيق والماء وينضج على صفيح ساخن ، وقد سميت (قطايف) لان وجهها مثل المخمل أى قماش القطيفة.
وأوضحت أنه بالنسبة ( للكنافة) يقال إن أول من تناولها الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان صنعها الطهاة له ليتناولها في سحور رمضان، كما قيل إنها صنعت خصيصا للخليفة سليمان بن عبد الملك ليتناولها كذلك في السحور، وهي تصنع بخلط الدقيق بالماء حتى يكون للسائل قوام، ثم يوضع هذا العجين السائل في إناء مثقوب بخط واحد مستقيم، ويُمسك الإناء (الكوز) من رقبته ويقوم الكنفاني بتحريك الكوز في دوائر وتعددت أنواعها.
وأشارت إلى أن الكنافة والقطايف كانتا موضع مساجلات بين الشعراء مثل قول الشاعر أبو القاسم عبد الرحمن بن هبة الله المصري في القطائف (وافي الصيام فوافتنا قطائفهُ كاتسنّمت الكُثبان من كَثَبِ)، وقول الشاعر بن يحي بن أبي منصور المنجم (قطائف قد حشيت باللوز والسكر الماذيّ(العسل) حشو الموزِ)، وعن الكنافة قال الشاعر المصري الجمال أبو الحسن الجزار (ما رأت عيني الكنافة إلا عند بياعها على الدكان) و (سقي الله أكناف الكنافة بالقطر وجاد عليها سكر دائم الدر)، وغيرها من أشعار.
وقالت إنه تصادف ارتفاع ثمن هذه الحلويات في رمضان عام 917هـ فرفع المصريون شكوى منظومة بالشعر إلى المحتسب تضمنت أنواع الحلوى المرتفع ثمنها مثل ست الحُسن واصابع زينب،و ( القاهرية /العجمية).
وعن تدوين المستشرقين لعادات المصريين في شهر رمضان، أشارت الباحثة نادية عبد الفتاح إلى المستشرق الإنجليزي لين الذي أقام في مصر عام 1333هـ /1825م فاستهوته عاداتها وتقاليدها ومنها شهر رمضان، وسجل في كتاباته (أنه شاهد في شهر رمضان تجارا في حوانيتهم يتلون القرآن الكريم أوالأدعية أو يوزعون الخبز على الفقراْء، وفي الليل تزدحم المقاهي بالناس لتناول القهوة والتدخين في الشبك، وفي رمضان يوضع كرسي عليه صينية الطعام قبيل المغرب في غرفة الاستقبال بمنازل الطبقتين العليا والوسطى حيث يوضع عليها صحون عديدة تحوي أصناف مختلفة من المرطبات والمكسرات والبلح والتين ويجلسون في انتظار الوافدين عليهم على غير انتظار).
وأضافت أن المستشرق ذكر في كتاباته عن عادات المصريين في رمضان (أنه كان يتم تزويد المنازل التي يكثر زوارها بشبكات للتدخين، فإذا ما أذن المغرب يشرب صاحب الدار ومن معه كوباً من الشربات، ثم يقيمون الصلاة عادة ويتناولون شيئاً من المكسرات المقشرة والبلح والتين ويدخنون الشبك، وبعد هذا الأكل الخفيف يتناولون طعام وافر من اللحم وغيره، وبعد الفراغ من الطعام وشرب القهوة والتدخين يقيمون صلاة العشاء ويؤدون التروايح).
ولفتت الباحثة نادية عبد الفتاح إلى أنه من ضمن عادات المصريين في شهر رمضان، التي ذكرها المستشرقين، إغلاق المساجد الصغيرة بعد صلاة التروايح، فيما تظل الجوامع الكبيرة مفتوحة إلى السحور أو إلى الإمساك عن الطعام، ويضاء داخلها ومداخلها مادامت مفتوحة، كما تضاء المآذن طول الليل، كما أنه الكثير من الطبقة المتوسطة من المصريين كانوا يذهبون إلى المقاهي للاستماع إلى أحد القاصين الذين يسلون زبائن المقاهي في كل ليلة من الشهر.
وأوضحت أنه كان يقام في هذا الشهر آذنان قبيل الفجر يلقى أولهما ويسمى "الأبرار" قبل منتصف الليل، ويتكون من الآيات الكريمة " إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً ويطعمون الطعام على حبة مسكينا ويتيماً وأسيراً وإنما نطعمكم لوجة الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً".
وتابعت أن الآذان الثاني يسمى "السلام" وهو مجموعة من الصلاة على الرسول تشبه تلك التي تقرأ قبل صلاة الجمعة، ويلقى على العموم بعد منتصف الليل بنصف ساعة، ويلقى آذان الصباح أكثر تبكيراً من المعتاد لتنبيه المسلمين إلى تناول السحور.