انهيار الاقتصاد التركي.. هبوط الليرة واستقالات بالجملة
شهد القطاع المالي في تركيا في الأشهر الأخيرة، موجة من الاستقالات والإقالات في صفوف القيادات الاقتصادية لحكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، كان آخرها استقالة مدير بورصة إسطنبول، كما كشفت وكالة "بلومبرج" عن أن رئيس صندوق الثروة السيادي التركي يخطط أيضا لترك منصبه في القريب العاجل.
وتسببت هذه الاستقالات في تدهور حاد لليرة التركية، حيث هبطت الليرة التركية ما يقرب من 2.3٪ الإثنين، مسجلة انخفاضا في عشر من الجلسات الإحدى عشرة الأخيرة، مع ارتفاع معدل التضخم وعائدات السندات العالمية وأسعار النفط في اختبار لتعهد البنك المركزي التركى بتشديد السياسة النقدية، بحسب وكالة رويترز.
-استقالة مدير بورصة إسطنبول ورئيس صندوق الثروة السيادي التركي يستعد لترك منصبه قريبا
كشفت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، عن أن رئيس صندوق الثروة السيادي التركي يستعد لترك منصبه في الأيام المقبلة.
وذكرت الوكالة، نقلا عن مصادر مطلعة - رفضت الكشف عن هويتها- أن "ظافر سنوميز" سيغادر منصبه كرئيس تنفيذي لصندوق الثروة السيادي التركي، وطالب المصادر بعدم الكشف عن هويتها لأن القرار لم يتم الإعلان عنه بعد.
وقالت "بلومبرج"إأن صندوق الثروة السيادي التركي امتنع عن التعليق على الأمر، ولم يتسن للوكالة الاتصال بالمتحدث باسم وزارة الخزانة والمالية للتعليق.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب إعلان المدير التنفيذي لبورصة إسطنبول، محمد هكان أتيلا، المتورط بانتهاك العقوبات المفروضة على إيران في قضية بنك "خلق" التركي، استقالته من منصبه الإثنين، حيث أصدر مجلس إدارة بورصة إسطنبول بيانا أشار خلاله إلى قبول استقالة آتيلا، حيث ذكر أنه تقرر قبول استقالة آتيلا بموجب قرار مجلس الإدارة قبول استقالة أتيلا من بورصة إسطنبول بمحض إرادته، بحسب صحيفة "زمان" التركية.
وتولي "أتيلا" منصب نائب المدير العام لمصرف خلق بنك في 2018، وتم إدانته بالتخطيط لمساعدة إيران في الالتفاف على العقوبات الأمريكية، وأطلق سراحه من السجن في الولايات المتحدة بعد عامين خلف القضبان. وعين بعدها مديرًا للبورصة في أكتوبر 2019.
وعادت قضية بنك "خلق" التركي مؤخرًا إلى الواجهة من جديد، بعد الصخب الكبير الذي أثارته، إثر اتهام المصرف بلعب دور الباب الخلفي لإيران للتهرب من العقوبات الأميركية. فمن المقرر أن تبدأ محكمة في منهاتن بنيويورك قريبا بمحاكمة البنك على التهم الموجهة إليه في مساعدة إيران على الالتفاف على العقوبات، ومعرفة مدى علم الرئيس التركي بذلك، بحسب ما أفادت صحيفة دير شبيجل الألمانية قبل أيام.
وكانت تلك القضية فتحت ملفات فساد في حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي حاول بكل ما أوتي من وسائل دبلوماسية وقانونية الضغط على الحكومات الأمركية منذ عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما؛ لعدم إدانة البنك، ولكي لا تستغل المعارضة التركية تلك القضية في الانتخابات المقبلة.
- محللون: استقالة رئيس بورصة إسطنبول يهدف لاسترضاء بايدن
ويرى محللون أن الحكومة التركية من الممكن أن تكون دفعت آتيلا إلى تقديم استقالته لنيل استحسان إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، فبحسب لموقع "المونيتور" الأمريكي، اعتبر معظم المحللين والخبراء أن الخطوة ما هي إلا محاولة "لاسترضاء واشنطن والادارة الأمريكية الجديدة"، حيث كانت قضية بنك خلق، إلى جانب شراء أنقرة لصواريخ إس -400 روسية الصنع، مصدر قلق رئيسي لدوائر السياسة الخارجية الأمريكية المكلفة بالعلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا.
وقال "وولف بيكولي"، الرئيس المشارك ومحلل المخاطر السياسية في Teneo Intelligence، للمونيتور: أعتقد أنها مبادرة أخرى لا طائل من ورائها لمحاولة التقرب من إدارة بايدن، وبرأيي أنها لن تحدث أي فرق فيما يتعلق بالتجربة المحددة والعلاقة الشاملة بين الولايات المتحدة وتركيا".
وأضاف: "أنقرة لم تتمكن من قراءة النظام الأمريكي وفهم كيفية عمله لفترة طويلة جدًا، وهذا مجرد أحدث مثال".
وأوضح "بيكولي" إن استقالة رئيس بورصة إسطنبول قد "تمثل بادرة لإظهار أن المؤسسات المالية الرئيسية في تركيا تغير مسارها وسط جهود لاكتساب المصداقية بين المستثمرين وجذب رؤوس الأموال الأجنبية."
ونوه "المونيتور" انه في الأسابيع الأخيرة، كانت تركيا واحدة من أكثر اقتصادات الأسواق الناشئة تضررًا تحت ضغط ارتفاع أسعار النفط وعوائد السندات العالمية. مدفوعة بشكل أساسي بالتطورات الخارجية، حيث تراجعت الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها منذ أواخر ديسمبر.
ووفقا للموقع، يأتي رحيل أتيلا في الوقت الذي يخطط فيه صندوق الثروة التركي، مالك بورصة اسطنبول، لطرح عام أولي للبورصة في عام 2022، حيث قال محلل طلب عدم الكشف عن هويته إن الاستقالة ربما كانت نتيجة محاولات الحكومة "الإدارة الدقيقة" للبورصة، مما دفعه للتنحي.
وشهد القطاع المالي في تركيا في الأشهر الأخيرة، موجة من الاستقالات والإقالات في صفوف القيادات الاقتصادية لحكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، بداية من إعلان وزير المالية بيرات ألبيراق استقالته، ثم إقالة محافظ البنك المركزي، ومن بعده إقالة رئيس هيئة الإحصاء التركية.
وتولى ظافر سنوميز ومحمد هكان أتيلا منصبيهما أثناء تولي براءت ألبيرق صهر أردوغان مسئولية الاقتصاد والخزانة في البلاد كوزير المالية لمدة عامين قبل استقالته من الوزارة.
وكان وزير الخزانة والمالية التركي، بيرات ألبيرق، أعلن عن استقالته من منصبه في نوفمبر العام الماضي، بعدما تدهورت الليرة بنسبة أكثر من 40% وارتفعت معدلات التضخم والبطالة بشكل ملحوظ، مع أدى إلى هروب الاستثمارات وانتشار الإفلاس بين الشركات المحلية.
- هبوط مفاجئ بالليرة التركية عقب استقالة مدير عام البورصة
وتسبب استقالة المدير التنفيذي لبورصة إسطنبول، محمد هكان أتيلا، في تسجيل الأسواق المصرفية التركية ارتفاعًا مفاجئًا في أسعار صرف العملات الأجنبية، حيث وصل سعر صرف الدولار إلى 7.67 ليرة تركية مرتفعًا من 7.55 ليرة تركية الاثنين.
وحقق الدولار الأمريكي ارتفاعًا جديدًا أمام الليرة التركي، ووصل سعر الدولار الواحد إلى 7.68 ليرة تركية، وذلك بعد سلسلة من التقلبات شهدتها العملة الوطنية، الاثنين، عقب استقالة أتيلا، حيث حقق الدولار 7.55 ليرة تركية، ليصل في نهاية اليوم وعقب الاستقالة إلى 7.67 ليرة تركية.
كما كشفت تقارير تركية عن تراجع الليرة التركية أكثر من 3%، مسجلة هبوطا في عشر من الجلسات الإحدى عشرة الأخيرة، مع ارتفاع كل من التضخم وعوائد السندات العالمية وأسعار النفط، وهو بمثابة اختبار لتعهد البنك المركزي بتشديد السياسة النقدية، وفقا لسكاي نيوز.
وقال ناجي إقبال محافظ البنك المركزي، في تصريحات له، سنتخذ خطوات حاسمة، من أجل استقرار معدل التضخم الذي بلغ خانة العشرات، وأضاف أن "تحولا منهجيا" حدث في نوفمبر حين تولي رئاسة البنك.
وبالنسبة لتركيا، التي تعتمد على الاستيراد ولا تنتج تقريبا أيا من احتياجاتها من الطاقة، فإن انخفاض الليرة يرفع تكلفة الواردات. وبلغت عوائد سندات الخزانة الأميركية أعلى مستوياتها في عام واحد، وهو ما يسحب الأموال من الأسواق الناشئة الأكثر خطورة مثل تركيا التي تُعتبر أصولها متقلبة بشكل خاص.